انتهت أيام العيد وأخذت معها معظم ما تم ادخاره لهذه المناسبة ، وهلّت المدارس بمستلزماتها من قرطاسية وألبسة وكتب، وصولاً إلى المؤونة التي تعد المخزون الغذائي الشتوي كالزيتون والزيت و(المكدوس) بتكاليفه الثقيلة، ناهيك عن مصاريف الحياة العادية والتي أصبحت أكثر عبئا على المواطن بعد سنوات الحرب التي عاشتها البلاد ، ومنها المأكل ،والملبس، وأجور نقل ونفقات إيجارات ودروس تعليمية خاصة وكل ذلك في ظل رواتب متآكلة وضعيفة أمام التضخم الكبير لقيمة المواد الأساسية وغيرها.
ولا يجب أن ننسى أن معظم الأسر السورية قد غيرت نمط الاستهلاك أو الشراء لديها وفقاً لأولويات معينة تركز على ضروريات الحياة معتمدة في ذلك على مبدأ ( على قد بساطك مد رجليك) وهو المبدأ الذي تم بموجبه حذف العديد من المواد من قائمة الاستهلاك عند البعض كاللحوم الحمراء التي استعيض عنها بالفروج وقس على ذلك…
أما المواطن وهو المعني الأول بالأمر فلا حول له ولا قوة ويعيش تحت ضغط مادي ونفسي وعلى حد قول أحدهم :الحقيقة التي يؤكدها الواقع أننا (نعيش بالقدرة) فكل شيء ازداد أضعافاً، وفي هذا الشهر بالذات « آب اللهاب « نحن نستعد لصفعات المدارس والمؤونة، والتي تأتي مباشرة بعد العيد، مما يعني أنّ الراتب قد قضي عليه تماماً، وننتظر الراتب المقبل لنحل همومنا الباقية.
إحدى الموظفات تقول: اشتركت في « جمعية « مع زميلاتي في العمل بقيمة 200 ألف ليرة، وقد اشترطت عليهن أن يكون دوري في هذا الشهر لأغطي نفقات العيد والمدارس وغيرها، علماً أنها لا تكفيني وسأضطر للاستلاف من الشهر المقبل.
– محمد يقول : لنعيش بكرامة وليس برفاهية نحتاج على أقل تقدير حوالي 200 ألف لسد الرمق، وخاصة في شهر الأعياد والمدارس، إذ نحتاج إلى خمسة أضعاف الراتب، فالتضخم الحاصل لا يتناسب نهائياً مع رواتبنا، فإما أن تخفض الأسعار إلى مستوى الراتب أو يصعد الراتب إلى مستوى أسعار المواد.
– ماجدة قالت : في كل شهر نضطر للاستدانة فكيف يكون الحال في شهر آب ؟ لقد بدأت بالاستدانة منذ العيد ، وهكذا أصبحنا نعيش بالدين والاستلاف من هنا وهناك، فقدرتنا الشرائية ضعيفة في ظل الأسعار الحالية، ولابّد لنا أن نستغني عن مواد عديدة كي نحصل على مواد أهم وخصوصا أن هذا الشهر للمدارس وكل من لديه أولاد في هذه المرحلة يعلم ماذا تعني كلمة مستلزمات مدرسية .
يتغير نمط الاستهلاك من أسرة لأخرى، وبالتالي نسبة الإنفاق تتغير حسب الدخل، ومهما تغيرت الأنماط يبقى لهذا الشهر مشاكله المادية عند الجميع، رغم أن الكثير من الأسر لم تحتفل بالعيد، وبقيت الحسرة في قلب الآباء لأنهم لم يتمكنوا من الترفيه عن أولادهم في العيد والذي سيليه افتتاح المدارس الذي يتزامن مع موسم تأمين مؤونة البيت.
ربما البعض لم يكن لديه أية مشاكل اقتصادية لا في العيد ولا في المدارس نتيجة لاختلاف الدخل لديهم عن باقي الموظفين، فهم لا يكتفون بدخل الراتب، بل لديهم إمّا عقارات مؤجرة أو محال تجارية أو أعمال إضافية تساعدهم على سد رمق الحياة وقساوتها.
وفق الدراسة الأخيرة التي أجراها المكتب المركزي للإحصاء لعام 2018 فإن متوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية 325 ألف ليرة سورية شهرياً نتيجة التضخم وفوارق الدولار ،وهذه الدراسة قريبة من الواقع، فمتوسط الرواتب قبل الأزمة 30 ألف ليرة أي ما يعادل 600 دولار والآن نتيجة الحرب الكونية تضاعف معدل التضخم عشرة أضعاف، وبالتالي يجب مضاعفة الأجور عشرة أضعاف حتى تصبح عادلة، وتكفي المواطن لسد احتياجاته المعيشية، وتأمين حياة رغيدة له .
المزيد...