استطاع الفنان عدنان الحسن أن يثبت خطاه ويبدع على ارض الواقع في كلا المجالين اللذين عشقهما . فمع مزاولته مهنة المحاماة أصبح فناناً بارعاً وامتهن الرسم أكثر من ثلاثين عاما.
متابعة مستمرة
وفي لقاء طغت عليه الألوان والريشة حدثنا عن بداياته ونشاطاته الفنية قائلا : عشقي للرسم منذ الطفولة وأنا متعلق به وكان الأهل معي في كل خطوة أخطيها فأدوات الرسم دائماً متوفرة وطبيعي أن الأهل والمدرسة في البدايات لهم تأثيرهم عن طريق تشجيعهم وأذكر أن هناك معارض ومسابقات رسم بين الطلاب و في المرحلة الإعدادية من دراستي كنت متابعاً للنشاطات الفنية والمعارض التي تتم في مركز الفنون التشكيلية في حمص بصالة صبحي شعيب ومتابعاً لهذه النشاطات حتى هذا التاريخ ، ومنذ تلك المرحلة كنت أبحث عن الكتب التي تتعلق بالرسم كيفية رسم الوجه والجسد وكل ما يتعلق بالرسم حتى أنني اشتركت بمجلة الحياة التشكيلية التي كانت تنشر عن أعمال الفنانين وحياتهم مع صور لوحاتهم ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم وبشكل دائم أدرس المدارس الفنية وأعلامها والفنانين ابتداء من المدرسة الكلاسيكية إلى المدرسة الانطباعية التي أسست للمدارس الفنية الحديثة .
ثوابت أكاديمية
و أضاف :فيما يخص المدارس الفنية وتطورها وقبل ظهور المدرسة الانطباعية عام 1874 كان هناك تقاليد فنية متوارثة وثوابت أكاديمية يجب أن يلتزم بها الفنانون وهذه الثوابت الفنية كانت منذ العهود الإغريقية حيث كانت تعتبر الخط أو الرسم هو القاعدة الذهبية أما اللون فهو شيء ثانوي لملء الفراغ بين الخطوط أما الانطباعية فهي نقيض ذلك حيث تم إهمال الخط وركزوا على المساحات اللونية ليصوروا الأحاسيس البصرية التي تعكسها النظرة الخاطفة مباشرة على شبكة العين فيسجلون بذلك ما يبصرونه بعيونهم من ضوء تعكسه المنظورات على عصب العين ثم يستخدمون الألوان الصافية غير الممزوجة في شكل خربشات فرشاة متجاورة صغيرة وهم يستعيدون نظرية نيوتن في تحليل ضوء الشمس إلى ألوانه الأساسية الصافية (ألوان الطيف ) هذا الذي ذكرته بهذه الطريقة العلمية جعلني أبحر في الألوان وأدرس عن كلودمونيه ورفقاه من مؤسسي المدرسة الانطباعية أمثال أوغست رينوار وكامي بيسارو والفرد سيسلي وآخرين فهؤلاء كان لهم الباع الطويل في صقل موهبتي عن طريق الكتب الفنية المتوفرة عنهم ما أستطيع قوله أن الكتب الفنية المتعلقة بالرسم كانت هي معلمي الأول والأخير إضافة لأعلام الرسم في بلدنا بدون ذكر اسم محدد .
وأؤكد على أهمية الكتب لأنها الفصل في كل شيء فعندما نختلف حول موضوع ما نعود للمراجع وهي الكتب التي صقلت موهبتي من الكتب الخاصة ، وكنت أمتحن نفسي بتقليد أعمال كبار الفنانين العالميين من مختلف المدارس الفنية حتى أتقنت و أصقلت موهبتي الفنية وفي المرحلة الجامعية كنت ارسم لوحات واقعية عن الطبيعة وأعرضها في محل لبيع اللوحات والتحف في مدينة حمص وكنت أتفاجأ أنها بيعت فوراً وما شجعني أكثر وأعطاني دفعاً فنياً .
رمز للتحدي
و عن دور الفنان في مجتمعه قال : أريد أن أتحدث عن مرحلة هامة في حياتي الفنية وكان أوجها المرحلة التي مرت بها بلدنا جراء الحرب الإرهابية القذرة ومن جراء هذا انتقلت للإقامة في محافظة طرطوس في عام 2011 وصنعت المعجون الذي به تؤسس اللوحات كما اشتريت البودرة الملونة كوني كنت أصنع ألواني بيدي وكانت أول لوحة أرسمها في الأحداث في طرطوس في عامي 2011 _ 2012 كانت عن حقل لزهرة عباد الشمس لما تعنيه هذه الزهرة من رمز للتحدي والقوة والشموخ والصفاء وأنا لا أعتقد أن هناك زهرة أخرى لها هذا الشموخ وهذا الانسجام اللوني تلك الزهرة هي بلدنا الذي نعيش فيه .
ولوحتي التي أتحدث عنها رغم واقعيتها فهي بذات الوقت رمزية وعندما ذكرت مدينة طرطوس يأخذني الخيال إلى تلك النسمات البحرية وتلك الموجات التي تتلألأ من بعيد يحلق فوقها طائر النورس وتتراءى تلك الجزيرة الساحرة وخلال مدة إقامتي رسمت خلالها الكثير من اللوحات عن البحر هدوئه وضجيجه و كان للمدرسة الانطباعية ممثلة بالرسام كلود مونيه أثرها العميق على ألواني كذلك كان لشاعر البحر ( لقب أطلق على الرسام الروسي الشهير إينان إيفاذ وفسكين ) أثره العميق عندي عندما أتخيل الواقع وأرسمه . كما هو معروف عن الرسام العالمي المذكور أن لوحاته تتسم بالواقع الخيالي ( اللوحة الشهيرة عالمياً لوحة الموجة التاسعة ) لذلك اتسمت لوحاتي بالواقع الخيالي وأخذت من الانطباعية بألوانها ( تأثير الضوء على اللون ) وكانت ألواني دافئة في زمان ما وباردة في مواضيع أخرى نتيجة الحالة النفسية التي أمر بها ( حالة أي فنان،) حتى أني جمعت في بعضها بين الألوان الدافئة والباردة ولكن تأثري كان في الانطباعية رغم أن لوحاتي أغلبها واقعية ولكن أحياناً أدخل عليها ألواناً لا نراها في الواقع مايعطي ارتياحاً.
الاستمرار بالعطاء
وعن أهمية الموهبة و الدراسة الأكاديمية للفنان قال: رغم أهمية الدراسة الأكاديمية نتساءل هل كانت هناك أكاديمية في زمن دافنشي هل درس فان غوغ في أكاديمية، وعندما بدأ الرسم كان عمره سبعة وعشرين عاماً وغيرهم من مشاهير الفنانين العالميين واعتقد من خلال تجربتي الشخصية أن الثقافة الفنية وفق ما ذكرته سابقاً من دراسة أعمال كبار الفنانين والتعمق بها ومواكبة أعمال مشاهير الفنانين الحديثين في وقتنا الحالي أمثال فلاديمير فوليكوف الرسام المعاصر وكذلك احتراف الفن واقصد بذلك الاستمرار بالعطاء بشكل دائم والاستفادة من الأخطاء نصل بالنهاية مع وجود الموهبة بالأساس إلى عمل فني متقن يصل بصاحبه إلى العالمية وهذا ما حصل معي عندما تم تقييم أعمالي الفنية وترشيحي للدخول بمسابقة أفضل عمل تشكيلي عربي في العالم في ملتقى لندن الدولي المعروف وذلك في عام 2019-2020م الذي يجري في العاصمة لندن وحالياً في مرحلة التصويت على الأعمال الفنية المتنافسة ولوحتي ( الثلج في يوم الشمس ) من ضمن اللوحات المنافسة وان شاء الله سأكون مع لوحاتي في لندن في شهر آذار من العام القادم
وعن التوفيق بين مهنة المحاماة والرسم قال: أنا منسجم مع مهنتي في المحاماة وأعشق العمل بها كعشقي للرسم ومهنة المحاماة مهنة علمية فكرية بحاجة لدراسة دائمة وتعمق دقيق في كتب القانون وهذا جعلني أعتاد الدقة في أي عمل أقوم به مما كان له تأثيره على أعمالي الفنية وقد تم تكريمي من قبل نقابة المحامين في حمص وحصلت على درع لنشاطي في مجال الرسم هذا العام. لذلك هناك جهد كبير ابذله وأنا أقسم يومي بين فني و مهنتي وألواني وأنا أرسم في كل الأوقات عندما تناديني ريشتي .
هدف او رسالة
وعن الصعوبات التي تعترض الفنان قال: لكل فنان ظروفه الشخصية وهناك الظروف المحيطة ولكن أرى أن الفنان ان لم يكن لديه هدف يسعى إليه أو رسالة ذات هدف جليل فحتى لو كانت الظروف في أحسن حالها بالنسبة للفنان فغياب ذلك الهدف أو تلك الرسالة لن ينجح مطلقاً ورغم الظروف التي عشتها بسبب الحرب القذرة على بلدنا ورغم المآسي في كل بيت فقد قاومت ورسمت الجمال رغم بشاعة ما كان يحيط بي، فقد رسمت الطبيعة والبحر والثلج والورود والزجاج والمرأة ..الخ وهذه الشمولية في أعمالي الفنية كانت نتيجة الجهد المتواصل لمدة تفوق الثلاثين عاماً رغم الظروف التي وبرأيي أن الفنان عليه ألا يقول عن نفسه فناناً ما لم يكن شمولياً يرسم كل ما تقع عليه عينه وباحتراف، ومعارضي هي بيوت الناس الذين اقتنوا لوحاتي وقد حولت منزلي إلى معرض دائم وأطمح أن أعرض لوحاتي في كل صالة في بلدي سورية.
الأزلية للوحة
وعن علاقته باللوحة قال : هي ليست علاقة تربط بين اثنين فاللوحة روح واحساس للفنان أمثلها بقطعة معنوية منه تجسدت بشكلها الذي ترونه ولكنهما لا ينفصلا وان انفصلا فهذا يعني نهاية الفنان التشكيلي بشكلها المادي وبالشكل الرمزي ومهما مرت السنوات تبقى الأزلية للوحة التي تجسد روحه واسمه المرسوم عليها بريشته .
هيا العلي – عبير منون
المزيد...