من المؤلم حقاً أن نعيش مع أبنائنا تحت سقفٍ واحد ونشعر في الوقت ذاته أننا بعيدون عنهم وعن تصوراتهم وأفكارهم ، أو أننا لا نعرف الكثير عن خصوصياتهم وعلاقاتهم مع الآخرين والتي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في توسعها وجعلها منفتحة – بشكلٍ مبالغٍ فيه – على الآخر الذي نجهله ولا نعرف توجهاته .
في أيامنا هذه وفي كثير من البيوت تغيب لغة الحوار بين الآباء والأبناء ويعيش كلّ منهم ضمن جزيرته الخاصة به والموجودة داخل هاتفه المحمول ، وهذا ما يؤدي إلى وقوع أبنائنا في المشاكل ، وتعرضهم إلى مواقف مؤلمة ومؤذية ، وعدم قدرتهم على تجاوز أخطائهم أو التعلّم منها ، لأنهم لا يطلعون ذويهم عليها ، ولا يتعلمون من تجارب الكبار وخبرتهم في الحياة ، كما ويفسّرون خوف الأهل عليهم وحرصهم على سلامتهم بأنه محاولة لفرض الرأي وإلغاء لشخصياتهم ، لذلك على الأهل كسب ثقة الطفل عبر الحوار الدافىء ومنحه فرصة للتعبير عن أفكاره في جوٍّ من الطمأنينة والحب ، والبوح بمكنوناته وما يدور في خلده دون محاسبته على هفواته أو تصيّد أخطائه أو التذكير بها كلّما بدر منه تقصير ما ، لأن ذلك سيؤدي إلى نفور الطفل وإحجامه عن الحوار مع ذويه .
إن افتقار بعض الأهالي للثقافة والوعي والخبرة الاجتماعية ، وتعرضهم للضغوط المادية وانشغالهم المستمر بتأمين لقمة العيش يدفعهم إلى إهمال دورهم التربوي تجاه الأبناء ، ما يسهم في إيجاد شرخ حقيقي بين الطرفين ويدفع الأبناء إلى تفضيل الصّمت والعزلة والإحجام عن التفاعل الإيجابي مع أسرهم وذويهم .
أبناؤنا أمانة في أعناقنا ، وحتى نحافظ عليها يجب أن نخصص لهم الوقت الكافي ، ونختار الأسلوب الراقي لكي نقربهم منّا ، ونبني جسور المحبة والثقة بيننا وبينهم حتى يعبروا إلى الضفة الأخرى من الحياة بسلام وأمان .
سمر المحمد
المزيد...