آثار زيادة الرواتب ستكون مهمة واستثنائية في الدخول النقدية والقدرة الشرائية .. الدكتور خضور: اتخاذ إجراءات بعضها مصرفية من شأنها تقليل الآثار التضخمية
ترصد العروبة الأثر المتوقع لزيادة الرواتب والأجور والتي صدرت بالمرسومين الرئاسيين ١٠٢ و ١٠٣ القاضيين بزيادة رواتب العاملين في القطاع العام وكذلك المتقاعدين بنسبة ٢٠٠% و زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين لدى القطاع الخاص.
الزيادة النوعية والتي جاءت في توقيت استثنائي لاقت صدى إيجابياً بين الناس وخاصة موظفي القطاع العام الذين تآكلت رواتبهم خلال السنوات العشر الماضية..
العروبة توجهت لأهل الاختصاص للحديث عن الأثر المتوقع للزيادة على الحالة الاقتصادية العامة.
الأستاذ الدكتور عدنان خضور أستاذ التحليل الاقتصادي في كلية الاقتصاد في جامعة حمص قال لمراسلة العروبة: شكلت الزيادة زيادة كبيرة ونوعية في الدخول لشرائح واسعة من العاملين ، وقد جاءت هذه الزيادة في وقت تعاني فيه مختلف شرائح المجتمع السوري من انخفاض في مستوى دخولها الحقيقية وتعاني فيه السوق السورية من حالة ركود اقتصادي وانخفاض في الطلب ترافق مع تراجع في مستوى الإنتاج المحلي في حالة من ركود تضخمي عانى منه الاقتصاد السوري منذ عدة سنوات.
وأضاف خضور: انطلاقا من هذا الوضع الاقتصادي فإن زيادة الرواتب بهذه النسبة الكبيرة ستشكل زيادة مهمة واستثنائية في الدخول النقدية والقدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين و بالتالي يتوقع أن تنتج آثاراً اقتصادية واجتماعية هامة على مستوى الاقتصاد الكلي و الإيجابية لها آثار تنموية مباشرة إذ من المتوقع أن تحفز هذه الزيادة الطلب المحلي على مختلف السلع و الخدمات في مختلف القطاعات نتيجة زيادة القدرة الشرائية لمختلف الفئات مما يسهم في تحسين مستوى المعيشة و تخفيف الأعباء التي يواجهها المواطنون نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة.
و يتوقع أن تسهم هذه الزيادة في تخفيف الفوارق بين طبقات المجتمع و تحقيق التوازن المجتمعي إذ ينتظر أن تسهم هذه الزيادة في رفع القدرة الشرائية ليس فقط للفئات المشمولة بمراسيم الزيادة بشكل مباشر وإنما سيكون لها انعكاسات ايجابية على باقي الشرائح بما فيهم أصحاب الأعمال و المهن الحرة و العاملين بأجر يومي في القطاعات غير المنظمة إذ من شأن هذه الزيادة تحريك الطلب على منتجات و خدمات كافة الشرائح و القطاعات، الأمر الذي ينعكس بدوره على زيادة الإنتاج الوطني ويسهم في تحريك عجلة الإنتاج ورفع معدلات التوظيف و خلق فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات ما يسهم في تحفيز سوق العمل ورفع مستوى الأداء الاقتصادي و تحقيق توازن الاقتصاد الكلي.
المخاوف و التحديات
وأضاف خضور: بالرغم من كل المزايا السابقة و الآثار لهذه الزيادة تبرز بعض المخاوف من أن تنتج الزيادة في السيولة آثاراً تضخمية ما يقود إلى انخفاض قيمة الليرة السورية و بالتالي تآكل القوة الشرائية وانخفاض الدخل الحقيقي للأفراد الأمر الذي يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات تحول دون ذلك على صعيد السياسات النقدية والمالية.
و يمكن أن نذكر في هذا المجال بعض الإجراءات التي يمكن أن تقلل من الآثار التضخمية للزيادة في السيولة و للمحافظة على الآثار الاقتصادية و الاجتماعية الايجابية لزيادة الرواتب ومنها اتخاذ إجراءات مباشرة لضبط السوق الداخلية ووضع هوامش سعرية بحدود دنيا وعليا لأسعار السلع الأساسية والتشدد في الرقابة على تداول الفواتير لدى حلقات التسويق المختلفة والتأكد من الالتزام بنسب الربح المحددة للمحافظة على الأسعار في ظل سوق تنافسية. مما يسهم في الحد من ارتفاع الأسعار إضافة لاتخاذ بعض الإجراءات المالية و الضريبية والجمركية المحفزة على الإنتاج الوطني لتشجيع الإنتاج المحلي و زيادة الطلب على المنتجات الوطنية
إجراءات مرتقبة في القطاع المصرفي
كما يرى خضور أنه من الضروري اتخاذ بعض الإجراءات في القطاع المصرفي و السوق النقدية لضبط السيولة و الكتلة النقدية المتداولة و منها رفع معدلات الفائدة على الودائع المصرفية بالليرة السورية و بالقطع الأجنبي للمودعين لتشجيع الأفراد على الإيداع و تقليل السيولة المتداولة وإصدار بعض أنواع الأوراق المالية الحكومية بعائد مرتفع لتشجيع الأفراد على الاكتتاب بها( على سبيل شهادات الاستثمار و الإيداع أو أذونات خزينة وتعزيز دور سوق دمشق للأوراق المالية من خلال طرح بعض الأوراق المالية للاستثمار ما يسهم بتخفيف السيولة.
وختم خضور حديثه أن هذه الإجراءات إلى جانب بعض الإجراءات الأخرى المحفزة للاستثمار في الاقتصاد الوطني خاصة بعد ما شهدته البلاد من تحسن كبير في الواقع الأمني في الفترة الأخيرة من شأنه خلق بيئة ملائمة و مناخ استثماري يسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية المرجوة من زيادة الرواتب وبالتالي تحقيق الاستقرار الاقتصادي و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
هنادي سلامة