لم تقتنع يوماً – وخلال عام دراسي كامل – أن ابنها يعاني من الكسل المدرسي ، فقد كانت تراه طالباً نشيطاً ، يحب الذهاب إلى المدرسة ، ولكن معلمته كانت تشتكي من كسله في الصف ولها أسبابها فهي ترى فيه كل صفات الطالب الكسول وأهمها عدم المشاركة مع رفاقه في الدروس الشفهية ونشاطه كله يتمثل في الشغب وهذا لا يعني أن الهدوء أفضل في هذه الحالة بل على العكس فهو قد يدل على البلادة والجمود وعدم الاستيعاب .
لا شك أن قلقاً ينتاب الأهل والمربين ،عندما يعلمون أن أطفالهم يعانون من الكـسل والإهمال الدراسي، ويظهر التساؤل الأهم : هل تبدأ هذه المشكلة من المدرسة ؟ أم من الأسرة ؟ أم منهما معاً؟
وكيف لنا معرفة الطفل الكـسول من الطفل المجتهد والنشيط ؟
إذا عرف السبب !!
قبل الإجابة على هذه التساؤلات، لابد من معرفة وكشف أسبابها، ومتى عرفت الأسباب، بات العلاج أكثر تيسيراً وأعمق تأثيراً،لأنه لا يمكن القضاء على هذه المشكلة، ما لم نبدأ بأسبابها ولذلك كان لنا مجموعة من اللقاءات مع أهالي ومربين للوقوف على هذه الظاهرة.
سميحة – معلمة تعليم أساسي سلطت الضوء على أهم أسباب آفة الكـسل ومظاهرها فعرفت الكـسل بأنه حالة ابتعاد فرد ما عن أقرانه، فهو لا يعمل ولا يجتهد مثلهم،أو هي حالة يمتنع فيها الفرد عن أداء عمله و واجباته، وأيضا الكـسل يمثل حالة الوهن والخمول اللتين تصيبان العقل والجسد معاً.
وأكدت أن المعلم يستطيع اكتشاف الطالب الكسول مبدئياً من المشاركة في الصف وبالتالي يأتي دوره لمساعدة هذا الطالب قدر الإمكان في متابعة رفاقه وهذا يكون في المراحل الدراسية الأولى ، لذلك يجب أن يكون معلم الصف الأول والثاني الابتدائي من ذوي الخبرة والكفاءة العالية .
التلاميذ الكـسالى
حسان -مدرس قال :عادة تطلق تسمية الكـسول في المدرسة والصف، على التلميذ الذي لا يميل للعمل والمشاركة وعلى الذي لا يعمل بجدية ،أو الذي يتهاون في الدرس ، ويتهرب من هذا العمل ،بالوقت الذي لديه الأوقات والفرص للتعلم والتي يصرفها باللهو واللعب والشغب .
آمال -مدرسة رياضيات -أكدت أن أهم صفات الطلاب الكـسالى ، أنهم لا ينجزون أعمالهم بدقة ، وبصورة صحيحة في وقتها ، كما أنهم يتحججون كي ينصرفوا عن أداء وظائفهم و واجباتهم اليومية ويخلقون لأنفسهم أعمالاً جانبية ، حتى يمتنعوا عن أعمالهم ووظائفهم ، وهم يتوسلون بالآخرين كي ينجزوا أعمالهم . آباء ومعلمون..يتساءلون : من السبب ؟
السؤال الذي يطرحه معظم الآباء الآن : هو كيف حدث هذا الخلل ، ومن هو المسؤول عنه ؟ هل الآباء والأمهات ؟ أم سوء طرق تدريس المعلمين ؟ أم صعوبة المناهج الدراسية ؟
مادلين أم لثلاثة أولاد -طلاب مدارس – قالت : لا أعتقد أن كسل الطالب بسبب الأهل مرجح دائماً لأن ابني الأصغر طالب كسول بالرغم من أنه تلقى الرعاية ذاتها التي حصل عليها ولداي الأكبر بل نال اهتماماً زائداً ومع ذلك كانت نتائجه دون الوسط ولذلك أعتقد أن للمدرس دور وللمناهج دور وللرفاق دور والطالب يتأثر بكل ما حوله ولذلك -ولتلافي هذه المشكلة- على الأهل أن يكثفوا جهودهم كي لا يخسروا مستقبل ابنهم الدراسي .
بعض الآباء والمدرسين أكدوا على مسألة هامة فقد اعتبروا أن العقاب الجسدي يعتبر من الأسباب المؤدية إلى الكـسل أيضاً استخدام القسوة الجسدية من قبل الآباء ضد أطفالهم ،كذلك تبني بعض العائلات موقفا فيه الكثير من الحرية تجاه أبنائهم ، وكذلك الصراع العائلي الذي ينشب أمام الطفل هذه الأسباب كلها تسبب خوفاً في نفس الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة، وغير ذلك من الأعراض المماثلة في التأخر والإهمال الدراسي.
منى -مدرسة فنون قالت : لا يخفى على أحد دور المعلم الذي يلعبه وتأثيره في نفس الطالب إن كان سلباً أو إيجاباً …فحين يكون المعلم خفيف الظل ، حاضر الذهن ، نجد طلابه مندمجين بالدرس لا يشعرون بالوقت ، وأن يكن غير ذلك نجدهم خاملين منصرفين عنه بل ويكرهون الدرس أو المادة التي يعطيها .
أحد مدراء مدارس التعليم الأساسي أكد – بحسب رأيه – أن الخلل أو الصواب في هذا الأمر ( الكسل ) يبدأ من المرحلة الابتدائية التي تشكل المنطلق الأساسي إلى الميادين التعليمية اللاحقة وصولاً إلى أعلى مستويات الهرم التعليمي . كذلك المناهج إن كانت سليمة فإنها حتماً ستؤدي إلى تحقيق أهداف صالحة لأن الوسيلة الصالحة تثمر ثمراً صالحاً ونافعاً . كما وأن هذه الظاهرة ستقلق الآباء والأمهات وسيشعرون بالحيرة تجاه هذا الأمر، إذ تصبح محاولاتهم لتعليم الأولاد من أصعب الأمور .
تجاوز المحنة
ما لم تكتمل الأدوار لا يمكن تجاوز المشاكل لذلك على الأسرة والمدرسة الأخذ على عاتقهما معرفة أسباب هذه الظاهرة أولاً و تشخيص الأسباب التي أدت إلى أن يكون الطالب كـسولاً ،ومن ثم الأخذ بيده لتجاوز هذه المحنة ولابد أن نعرف أن عدم تساوي مستوى الذكاء بين الأطفال ربما يعود إلى عوامل وراثية … وعوامل بيئية فضعيفو الذاكرة، لا يستطيعون أن يحتفظوا في أذهانهم بالدروس الحفظية، لذلك يحكم عليهم بالكـسل، فمن الطبيعي أن كفاءة عملية التذكر تؤثر في كفاءة التعلم، لأن الذاكرة ، هي العملية العقلية التي يتم بها تسجيل وحفظ و استرجاع الخبرة الماضية كما أن بعض الأطفال ليس لديهم الاستعداد في مجال خاص، مثلاً، يفهمون الرياضيات جيداً، لكن ليس لديهم الاستعداد في درس اللغة العربية أو التاريخ و الجغرافيا ، وبالعكـس. ثم يأتي دور الإدارة وما تقدمه للطالب الكسول من أجل جعله يحب دروسه حيث يتم التعرف على مشاكله وإيجاد الحلول المناسبة لها ومعرفة سلوك الطالب الكـسول داخل وخارج المدرسة .. وكذلك أسلوب وطريقة تعامل المعلم مع هذا الطالب داخل الصف وكذلك تشجيع الطالب الكـسول الذي لديه رغبة في تطوير نفسه ، وعدم توجيه أية إشارة له من شأنها أن تشعره بالاستهزاء أو السخرية أو الخوف لأن هذا يؤدي إلى عدم تشجيعه على المشاركة في عملية التفاعل الصفي.ولابد من الاستماع إليه .. وحل جميع مشكلاته ، وتحسيسه أنه ليس أقل ذكاءً أو نضجاً أمام زملائه.ويجب وضع برنامج للتعليم العلاجي (للطلبة الكـسالى) وتحديد منطلقات حصص التقوية.
منار الناعمة