تصحر….!!

العام الحالي- حتى الآن- حالة استثنائية مناخياً وبيئياً،ومنذ سنوات طويلة تمتد ربما لأكثر من خمسة عقود لم نشهد مثل هذه الحالة،كنا نسمع من الآباء والأجداد عن سنوات عجاف يبس فيها الزرع وجف الضرع.

ما صدمنا منه أننا نطل على البحر المتوسط الذي يفصل بيننا وبين أوروبا التي تتمتع بمناخ مطير وبارد،والمنخفضات الجوية المحملة بالأمطار والثلوج تأتينا من الغرب،وهكذا فجأة تمر سنة تحتبس فيها الأمطار وتندر الثلوج ،بالتأكيد هذا لم يأت مصادفة ،بل هناك تغير مناخي حاد أثر على الخارطة المطرية نتيجة عوامل مختلفة عبر المساحات الواسعة من المحيطات والبحار واليابسة.

ربما نشعر أن حرارة الشمس مرتفعة أكثر من المألوف ،وكأن هذه الكرة الملتهبة أصبحت أقرب إلى الأرض،أرصادنا الجوية وعلماء المناخ يقولون إن هناك ارتفاع في درجة حرارة البحر المتوسط  ،وهذا كانت له انعكاساته السلبية على موسم الأمطار والموسم الشتوي بشكل عام.

لابد أننا مررنا خلال عدة سنوات ماضية، بما يشبه الشتاء من حيث الغيوم والرياح،ولكن البرودة لم ترتق إلى مستوى فصل الشتاء الذي عشناه بأمطاره وثلوجه وصقيعه أيام زمان التي تقطع الطرقات وتعرقل حركة الحياة الطبيعية.

إذن هناك عوامل مناخية خارجية تغيرتـ، و عوامل داخلية شاركت  في إحداث هذا التغيير،عوامل بيئية- تلوث- حرائق- تراجع مساحات الغطاء الأخضر لأسباب متعددة،لأن الخضرة تعني الأوكسجين بالدرجة الأولى،أي تنقية الأجواء. فالاهتمام العالمي بالغابات لم يأت من فراغ ،هي عوامل جذب مشجعة على هطول الأمطار وزيادة كمياتها خلال المواسم الشتوية.

قد لا يمر عام دون حدوث حرائق تلتهم ما بطريقها من أشجار الغابات التي تنتشر في المناطق الجبلية في مواجهة الرياح القادمة من البحر،ومع مرور السنوات تم القضاء على مساحات واسعة دون ترميم مافقد،وحتى لو تم هذا الترميم،يحتاج إلى عشر سنوات ربما كي تأخذ الأشجار الفتية دورها في العوامل المطرية.

للأسف تتعرض كل المناطق للحرائق ، فتتفحم أشجار الزيتون والكرمة والمحاصيل الزراعية التي بالكاد تزرع والتي تقع  في جوار مساحات واسعة من الأراضي البور،وقد تبقى الكروم دون حراثة لعجز أصحابها عن تأمين كلفتها.

هذه المساحات من العشب اليابس  من أهم عوامل الخطورة التي تهدد ما يحيط  بها,بدلاً أن تكون العكس.

نحن أمام حالة من التصحر،تراكماتها لها تداعياتها إذا ما استمرت لسنوات طويلة لا قدر الله ،عندها يمكن أن ننتقل من المتوسطي إلى الصحراوي مناخياً.

عادل الأحمد

المزيد...
آخر الأخبار