من هذا المنطلق جاءت مبادرة غرفة تجارة حمص بإطلاق حملة دعم الليرة في مواجهة ارتفاع الدولار والمتلاعبين به و العابثين باقتصادنا الوطني حيث أكد أعضاء الغرفة دائماً على أهمية المبادرات والإجراءات التي تتخذها الحكومة و الفعاليات الاقتصادية و الاجتماعية و الأهلية و التي تهدف إلى دعم الليرة و تعزيز مواقع قوتها , ومن بين هذه المبادرات مبادرة الغرفة الحالية بإحداث صندوق لدعم الليرة بالقطع الأجنبي…
حيث كانت البداية بالتواصل مع الجهات المعنية لبلورة الفكرة و وضعها موضع التنفيذ الفعلي بالتعاون مع الجهات الرسمية المعنية و الفعاليات الصناعية و التجارية التي لها تأثير مباشر و مشاركة واسعة في العمل التجاري و الصناعي , حيث بدأت الغرفة حملتها الداعمة لليرة السورية يوم الخميس المنصرم و توجهت لجميع التجار و الصناعيين للمشاركة بهذا الواجب الوطني الكبير و الذي يأتي ضمن ظروف صعبة و ضاغطة على الليرة و على الاقتصاد الوطني معاً فالذي لم تستطع تحقيقه القوى المعادية لسورية بالأساليب العسكرية تحاول تحقيقه بالأساليب الاقتصادية ,و بالتالي فإن وجود مبادرات كهذه من شأنه تعزيز مكانة الليرة أمام العملات الأخرى و لاسيما الدولار, و الأهم تعزيز الثقة بأهم مكونات الاقتصاد الوطني من جهة و تعزيز الثقة مع المصارف فيما بينها و بين المصرف المركزي من جهة أخرى و المساهمة أيضاً في تعزيز ثقة المواطنين و التجار في زيادة الإيداعات المصرفية وخاصة بالعملات الصعبة ..
و أشار نائب رئيس اتحاد غرف التجارة السورية ورئيس غرفة تجارة حمص الدكتور عبد الناصر شيخ فتوح بأن هذا الإجراء مع إجراءات مرافقة له تساعد على تحقيق انخفاض متسارع للدولار أمام الليرة , وكما ارتفع بسرعة يمكن انخفاضه بسرعة أيضاً و ستشهد الأيام القليلة المقبلة صدق هذا التوقع..
و أضاف: تأمل الغرفة من أعضاء الهيئة العامة من التجار والصناعيين ورجال الأعمال المشاركة بهذه المبادرة الوطنية الهامة لتحقيق العزة و النصر لسورية الصامدة الأبية.
وعن أسباب ارتفاع سعر الصرف للقطع الأجنبي .. ذكر فتوح للعروبة: أن ثبات سعر الصرف عند مستوى معين هو عامل مهم و أساسي لانتعاش التجارة و تشجيع الاستثمار في حين أن رفع سعر الفائدة على الليرة السورية يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاستثمار و ارتفاع الأسعار و إلى مزيد من التضخم وبالتالي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الليرة و في حال رفع سعر الفائدة على الدولار أكثر من الليرة فإن المدخرين سيتجهون لتحويل ما لديهم إلى دولار وإيداعها بالبنوك بهدف الحصول على مبلغ الفائدة و هذا بدوره يؤدي للضغط على سعر الصرف , كما أن تغير سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي يعود بصورة رئيسة إلى استمرار عمليات المضاربة على الليرة السورية و الطلب المتواصل على الدولار في السوق المحلية لتأمين تمويل بعض المستوردات خاصة المشتقات النفطية و القمح إلى جانب استمرار الضغوط على الليرة الناجمة عن استمرار تداعيات العقوبات الأميركية على الاقتصاد السوري و التي خلفت آثاراً بالغة السوء على التجار و المستوردين السوريين و الذين حاولوا بدورهم الالتفاف على تلك العقوبات عبر اللجوء إلى استخدام المصارف اللبنانية لتغطية نفقات أعمالهم التجارية وضمان استمراريتها الأمر الذي زاد من ارتفاع الطلب على الدولار في لبنان لكن الحكومة اللبنانية قامت بدورها باستغلال الأزمة السورية و عملت على زيادة نسبة الفوائد على الأموال المودعة في المصارف اللبنانية حتى وصلت في الوقت الراهن إلى نحو 8% مما دفع بالكثير من السوريين للمسارعة لسحب إيداعاتهم من المصارف السورية أو الاقتراض من جديد و إيداعها في المصارف اللبنانية طمعاً في تحقيق نسبة أرباح أكبر على حساب قوة العملة السورية …كذلك فإن اتساع الفجوة المالية بين سعر صرف البنك المركزي السوري و بين السوق السوداء جعل الكثير من المغتربين السوريين في الخارج يتجهون إلى السوق السوداء من أجل تحويل الأموال (الحوالات المالية)إلى أهلهم و ذويهم في الداخل عوضاً عن إرسالها عن طريق القنوات الرسمية هذا بالإضافة إلى الأثر النفسي للمضاربة و الشائعات المتداولة في البلاد و التي تزيد الأمور سوءاً و بشكل سلبي كبير..
و أضاف فتوح : كلنا نعرف أن الظروف الحالية هي ظروف حصار ظالم و حرب قاسية على سورية و بالتالي فإن اقتصاد الحرب هو الواجب التطبيق لذلك فإنه و باختصار شديد يجب أن يتم تجريم تداول الدولار خارج القنوات الرسمية كما كانت الدولة تتعامل مع سوق الصرف في الثمانينات و اتخاذ إجراءات جزائية بحق من يثبت تورطه بالمضاربة بالدولار , و زيادة وتيرة و تنفيذ سياسة إحلال المستوردات, و تشجيع الصناعات الوطنية الصغيرة و المتوسطة و خاصة المتوقفة منها لتكاليف تأهيلها القليلة بإلغاء الفوائد المتراكمة عليها عندما كانت متوقفة عن الإنتاج خلال سنوات الحرب و إقراضها من جديد بفوائد مدعومة خاصة و أن الضمانات المقدمة من قبلها سابقا أصبحت تساوي أضعافها حالياً لذلك لاخوف منها , ومن المهم أيضاً محاسبة أصحاب القروض الكبيرة الذين أثروا في سنوات الحرب و سحبوا مبالغ كبيرة لمنشآت و مشاريع وهمية و هرّبوا أموالهم بالعملات الصعبة إلى لبنان ليستفيدوا من معدلات الفائدة المرتفعة.. كما أننا سنلحظ تأثيراً إيجابياً إذا تمت زيادة حجم القروض الإنتاجية و الاستهلاكية لتشجيع تأسيس المنشآت الجدية ذات المبالغ غير الكبيرة سيما وأن المصارف العامة و الخاصة لديها ودائع جاهزة للإقراض مما يرفع من معدلات التشغيل و يزيد حجم الدخول في الاقتصاد الوطني و يخفض مستويات البطالة و تجنب الإقراض لمن يريد المضاربة والاستفادة غير المشروعة ,بالإضافة إلى تشجيع كل مصادر القطع الأجنبي مثل دعم السياحة والصناعات التصديرية , وفرض تصريف مبلغ محدد بالسعر الرسمي على القادمين إلى سورية , ومكافحة التهريب بشكل حقيقي وهو يمول من السوق السوداء و يشكل ضغطاً على الليرة السورية أو السماح بإدخال المواد المهربة بشكل نظامي مع فرض رسوم جمركية عالية …
وأشار فتوح إلى أنه من الضروري اليوم التقشف أكثر في الاستيراد و وضع قيود صارمة ومشددة على الاستيراد إلا للحاجة القصوى و الاقتصار على ما هو ملح جداً و الإبقاء على أي كتلة دولارية داخل البلاد , وإيقاف سياسة تمويل المستوردات لبعض السلع المقررة من قبل الحكومة لأن المستفيدين منها لايتجاوزون أصابع اليد الواحدة وهم من يعمل على المضاربة على سعر الصرف لتحقيق مكاسب على حساب المستهلكين , كما أنه من الضروري موازنة الصادرات مع الواردات لأنها من أهم عوامل ثبات سعر الصرف , و دعم الصناعات المحلية ذات الطابع الإحلالي و التي من الممكن أن تصبح ذات طابع تصديري إذ كان من الممكن إضافة خطوط إنتاجية أو آلات جديدة عليها .
هنادي سلامة