هل يستطيع الإنسان أن يصنع لأخيه الإنسان جهنما ً على هذه الأرض ؟

بهذا التساؤل بدأ الدكتور قصي أتاسي محاضرته عن الأثر النفسي والاجتماعي الذي تركته حادثة إطلاق قنبلة نووية على هيروشيما وناكازاكي .مقتبسا هذا التساؤل من طبيب قام بمعالجة بعض الحالات التي وصلت إلى المشفى بعد إطلاق القنبلة حيث سرد الأتاسي محاضرته على شكل قصة حتى يضفي عليها المتعة والرغبة في المتابعة إلى نهاية المحاضرة دون كلل أو ملل فبدأ بالحديث عن يوميات الدكتور : هاشيبا مدير مستشفى المواصلات في مدينة هيروشيما ففي صبيحة السادس من شهر أب عام 1945 استلقى الدكتور هاشيبا بعد تعب ليلة ٍ شاقة سهرها في المستشفى استقبل فيها ضحايا الغارات الجوية وقام بإنقاذ العديد منهم وفجأة وهو يجول بنظره نحو تلك النافذة التي عكست الشمس أشعتها عليها لفت انتباهه ومضة قوية من الضوء تلتها الأخرى وإذ بذاك المصباح المتمركز على عمود حجري في حديقة منزله يتوهج توهجاً شديدا ً إنها قنبلة زنتها خمسمئة رطل ألقيت عليهم عندها أصيب الدكتور هاشيبا وراح الدم يندفع من جسده كالصنبور شعر بخوف شديد هل سيصبح في عداد الأموات ؟ لمح زوجته تخرج من بين أنقاض منزلهم ممزقة الثياب مصبوغة بالدماء ممسكة ذراعها بيدها الأخرى بدأ يصرخ ويقول لها سنكون بخير وأومأ إليها لتتبعه وعبرا الطريق من خلال البيت المجاور لهما باتجاه المستشفى وفي منتصف الطريق طلب منها متابعة المسير حيث عجزت ساقاه عن المتابعة حيث دخل هاشيبا في غيبوبة وعندما استيقظ كان كل شيء حوله كالكابوس المخيف ( جراح ودم وظلام وطريق طويلة ) استأنف المسير وعلى ضوء الحرائق المشتعلة شاهد بناء دار المواصلات عندها شعر بالأمان بأنه لابد وأن يراه أحد حتى لو مات سيجدونه ويقوم احدهم بدفنه ، أمامه أناس يتحركون كالظلال رأى امرأة عارية الجسد تحمل طفلاً عارياً وهما مشتعلان تألم لهذا المنظر كثيرا ً ياإلهي ماالذي جرد الناس من ثيابها ؟ ثم رأى رجلاً عاريا ًوامرأة مسنة أيضا ً إلى أن وصل إلى باب دار المواصلات حيث كان هناك صديقه القديم مستر ( سـيرا ) رئيس الدائرة حيث هرع لمساعدته والخوف يبدو على وجهه عندما رأى جراحه ولحسن حظه كان هناك ممرضته الخاصة ( مس كادو ) حيث بدأت بتضميد جراحه وهو يتألم وينظر من النافذة حيث يندفع الدخان من نوافذ كالحمم وأصبحت المستشفى شعلة نار عندها صاح المستر ( سيرا) لمن في المستشفى كي يلوذوا بالفرار والنجاة فكانت هذه الصيحة أول صوت ٍ يسمعه يومذاك وأصدر المستر ( سيرا )أمراً بإخلاء المبنى ولاذ الجميع إلى الحديقة عندها بدأ مبنى المواصلات يحترق وازدادت الحرارة إلى حد لايحتمل حتى أصبح البقاء في الحديقة أمرا ً مستحيلاً حيث لاذ بالفرار من استطاع واحترق من بقي أما الدكتور : هاشيبا فقد حمله أصدقاؤه إلى الجانب الآخر حيث تواجدت زوجته ومجموعة من الناجين وعندها فقد وعيه من جديد لكن لحسن الحظ عاد الدكتور الجراح الكبير ( كاتسوب ) وقام بتضميد جراحه وانقاذه 0
وفي 7 أب عا م 1945 أخذت مس ( كادو ) تعتني به وبزوجته طوال الليل , كانت آهات المصابين تصم الأذان حاول النوم لكن دون جدوى 0
وفي 8 أب 1945 حاول أن يسير على قدميه وسار حقا ً .
سرح بفكره …أي نوع من القنابل هذا الذي سقط على هيروشـيما ؟ وراح يسأل نفسه هل يستطيع الإنسان أن يصنع لأخيه الإنسان جهنما ً على هذه الأرض ؟
تميزت المحاضرة بأسلوب جديد جهد فيه الدكتور قصي اتاسي لتحويل الأحداث التاريخية المحضة إلى قصة تنقل لنا المعاناة الإنسانية التي عاناها الناجون من تلك الحادثة الأكثر وحشية في العالم .
فاطمة أسعد

المزيد...
آخر الأخبار