مع انحسار الحرب الكونية على سورية وتحرير معظم المناطق الساخنة من العصابات الإرهابية وإعادة الأمن والأمان إلى المدن والقرى والبلدات , بدأت تظهر حرب أخرى على الساحة هي الحرب الاقتصادية التي تحاول النيل من صمود سورية بعد أن فشلت المؤامرة الكبرى خلال ثماني سنوات واقتربت سورية من إعلان انتصارها على أكبر حرب في التاريخ شنت بمشاركة أكثر من ثمانين دولة بزعامة الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومساعدة بعض الدول العربية التي ساهمت بتمويل وشراء المرتزقة والأسلحة من كل أصقاع العالم كالسعودية وقطر ..
هذه الحرب الاقتصادية التي بدأت تظهر للعيان من خلال التلاعب بسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الذي بدأ يخضع لعمليات المضاربة, الأمر الذي أدى إلى هبوط الليرة السورية وارتفاع صرف الدولار الأمريكي وهذا بالطبع انعكس أيضاً على أسعار الذهب , حيث وصل سعر غرام الذهب عيار 21 منذ حوالي الشهر إلى حدود الـ 27000 ليرة سورية وكذلك وصل سعر صرف الدولار إلى حوالي الـ 700 ليرة سورية مما أدى إلى تحرك سريع على أعلى المستويات حيث أعلنت حينها عن إجراءات صارمة ضد كل من يتلاعب بسعر صرف الليرة السورية ويساهم بانخفاضها , وهذا ما جعل المضاربين يتراجعون عن التلاعب وعاد سعر الذهب خلال يومين إلى 23900 وكذلك هبط سعر صرف الدولار إلى حوالي ال 525 ليرة سورية للدولار الواحد , ولم تدم الأمور طويلاً حتى عاد المضاربون والمتلاعبون لسيرتهم الأولى ليرتفع الذهب من جديد ويرتفع سعر صرف الدولار أيضاً وهذا رسم الكثير من إشارات الاستفهام حول ما جرى ويجري على أرض الواقع من تلاعب ومضاربات من قبل بعض تجار العملة الذين لا هم لهم سوى الحصول على أرباح من خلال تلاعبهم بسعر الصرف , وهذا بالطبع يتم بالتعاون مع مكاتب الصرافة المنتشرة في دمشق وبعض المحافظات . والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا يترك هؤلاء التجار والمضاربون دون عقاب ودون أي إجراء رادع يجعلهم يتوقفون عن التلاعب بالعملة المحلية التي يفترض أن تكون خطاً أحمر يمنع الاقتراب منها ولا ينبغي أن تترك هكذا دون عقاب حاسم يمنع من هذه المضاربات التي تتم علنا وجهارا وفي وضح النهار .
وتبدو المسألة على هذا النحو من اللامبالاة وكأن الأمر غير مهم مع أنه على درجة كبيرة من الأهمية وأعتقد أن على الجهات المسؤولة أن تحاسب كل المتورطين والمتلاعبين والمضاربين لأن النتيجة تنعكس على المواطن من أصحاب الدخل المحدود الذي يدفع الفارق من جيبه من خلال ارتفاع الأسعار الجنوني الذي انعكس على السلع التي يقتنيها يومياً.وهنا أتساءل إذا كان مجرد التلويح باتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين جعل سعر الذهب يهبط من الـ27000 إلى 23900 وسعر صرف الدولار يهبط من الـ700 ليرة إلى حوالي ال 525 خلال يومين ..ترى لماذا لا تقوم الجهات المعنية بإتخاذ هذه الإجراءات التي لوحت بها ، ولماذا تتهاون أمام هؤلاء المضاربين وإذا كان هناك من يتعاون مع أولئك المضاربين في بعض المواقع التي لها علاقة بالمصارف لماذا لا يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه المسرحية الهزلية التي تتكرر فصولها كل فترة ولا تخدم إلا من يتآمر على سورية ولماذا لا يتم اعتبار أولئك المضاربين متأمرين بمثابة من حارب الجيش والشعب السوري على مدى السنوات الثماني الماضية كونهم يحاربون البلد ومقدراته ..
مشكورة غرفة تجارة وصناعة دمشق مبادرتها بدعم الليرة السورية ودعوة التجار والصناعيين لإيداع مبالغ كبيرة من أموالهم لدعم الليرة وهذا الإجراء بالطبع قد انعكس على سعر صرف الليرة السورية وعلى سعر غرام الذهب حيث وصل سعر صرف الذهب يوم أمس إلى 25500 بعد أن وصل إلى حوالي الـ 26700 ليرة سورية وقد وقفت غرفة تجارة وصناعة حمص وحماة مع مبادرة تجار وصناعيي دمشق من أجل دعم الليرة السورية, حيث يتوقع أن يرتفع سعر صرف الليرة خلال الأسبوع القادم إلى رقم معقول يمنع من الهبوط الذي منيت به خلال الأسابيع الماضية ..
فجيشنا قد انتصر في معركته العسكرية أمام العصابات الإرهابية خلال السنوات الماضية ويجب علينا أن نحافظ على هذا الانتصار بانتصار جديد على المضاربين والمتلاعبين بسعر صرف الليرة السورية فهؤلاء متآمرون وينبغي اتخاذ إجراءات صارمة تجاههم ومن يقف وراءهم لأنهم يحاربون اقتصاد سورية وشعب سورية وكلاهما خط أحمر ينبغي عدم الاقتراب منهما ..
عبد الحكيم مرزوق