تحاول الكاتبة سميرة سامي عواد في قصصها التي ضمتها المجموعة القصصية (متسولة) استنطاق الصمت ،من خلال قطار العمر الذي أضناه الإرهاق الروحي، وهدهدة الوجع ،الذي غدا المحزن الصامت. حيث تكتب بروح شفافة مرهفة، أتعبها الألم الذي يحيط بمجتمعنا,إذ كتبت قصصها بريشة فنان يصور الواقع بروعة ، فرسمت أروع اللوحات بأحرف من حبر موجع ,مؤلم صامت …لم تنس وجعنا ووجع فلسطين ففي قصتها (زهرة النار) تصف فلسطين كفتاة بعمر الورود ستة عشر ربيعاً فتقول :» تلك اليانعة الممتلئة حيوية،ذات الستة عشر ربيعا، التي تطفح بالرهافة. وهبها الله عينين خضراوين بلون بيارات يافا تنظر بهما إلى أفق تكاد تلامسه بأحلامها المترعة آمالاً.ص (٧)
كما اختارت الكاتبة لقطات موجعة من الانتفاضة وأطفال الحجارة حاملة أحلام أطفال فلسطين التي زادت معاناتهم وهمومهم لكن بدت أحلامهم أبسط حقوقهم التي حرموا منها قائلة :»إنهم سينبتون من جديد في تربة هذه الأرض الممتلئة وروداً ورياحين تضوع أريجا يداعب أجفان الأطفال الذين ماعرفوا إلا النوم بذعر يحلمون بحجارة تنقلب نيرانا، تقذف على أعدائهم وتعود لتتحول ألعابا بين أيديهم ،(..ص ٨)
الإضاءة على القهر والفساد
لا تبتعد الأديبة سميرة عواد عما يمكن أن نسميه الحياة اليومية بكل تفاصيلها فتعتمد على عين راصدة تنقل وتصور بحس مرهف ما يحيط بمجتمعنا بألوان متعددة مليئة بالقهر ممتلئة بالدموع من هنا وهناك .
أديبتنا تسجل وتصور كل شيء مع طموح أكيد للنظر في الصورة الأفضل التي تتطلع لها ، فهي تسجل القهر والفساد بكل أبعاده ففي قصتها .(غبطة ).تقول بلسان بطل القصة:» وسرت إلى منزلي منتشياً بوهمي الجميل أن للدراويش من يحميهم في زمن الحيتان(ص١١) .
ونلاحظ أن الأديبة العواد عالجت في أكثر من قصة موضوع الحرب الظالمة على سوريتنا الحبيبة كما في قصتي «مفارقة» و» متسولة» حيث صورت المآسي والآلام التي عاناها الفقراء على وجه الخصوص إذ حكت الكثير عن تفاصيل حياة الأشخاص الذين كانوا ضحايا التفجيرات.
كما كان للمرأة الصامدة دور في قصتها «عائدة» (ص١١) حيث حافظت الشخصية الرئيسية على أسرتها رغم معاناتها المتكررة من زوجها العابث المستهتر بمشاعرها .
أما في قصتها « امرأة ترضع الحنان» فقد صورت لنا مستوى الصبر والمكابرة في شخصية القصة وهي معلمة أغدقت حنانها على طلابها كما لو كانوا أبناءها.
من الجدير بالذكر أن مجموعة ( متسولة) تتضمن ستاً وعشرين قصة كتبتها سميرة عواد بحبر دموعها ووجعها من مجتمع أرهقها وظلمها .
خديجة بدور
المزيد...