إصابة الأبقار بالتهاب الجلد العقدي تقلق المربين وجشع التجار بالمرصاد .. العدوى انتقلت عن طريق المياه الراكدة في «العاصي» و بسبب البعوض و الذباب
لطالما كان رفع شعار درهم وقاية خير من قنطار علاج هو السبيل الأنجح و الأجدى للحفاظ على الثروة الحيوانية من الضرر و لكن مع وجود تجار يستغلون كل ظرف لتحقيق مكاسب إضافية, شهدنا في الآونة الأخيرة ضجة كبيرة عن انتشار مرض التهاب الجلد العقدي بين قطيع الأبقار في المحافظة ..
(العروبة ) تواصلت مع مديرية زراعة حمص للوقوف على حقيقة الأمر و لاحظت استنفاراً كاملاً من قبل المتخصصين والفنيين و تواصلاً مباشراً مع المربين لتقديم النصائح و سبل العلاج في حال الإصابة و تقديم اللقاحات الوقائية ,حيث نفذت مديرية الزراعة ( دائرة الصحة الحيوانية) بالتعاون مع نقابة الأطباء البيطريين وعدد من الفنيين و المشرفين في الوحدات الإرشادية عدة جولات إلى قرى ومناطق ( المركز الغربي وتلدو والقصير وتلكلخ) لمراقبة الوضع الصحي للأبقار عند المربين ولإعطاء الإرشادات اللازمة للوقاية من الأمراض التي تصيب الأبقار وخاصة مرض التهاب الجلد العقدي الذي حل هذا الصيف في بعض قرى المحافظة مصدره ورود بعض الأبقار المصابة من المناطق التي تواجد فيها المسلحون بسبب عدم تطبيق تعليمات التلقيح و المتابعة الصحية اللازمة ..
و ذكر معاون مدير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية الدكتور أحمد شحود أن التهاب الجلد العقدي للأبقار لم يكن موجوداً في سورية قبل عام 2011 نهائياً وفي عام 2012 ظهرت عدد من عدة إصابات في المناطق المتاخمة لوجود الإرهابيين و كان أولها في منطقة الغوطة بدمشق و أجريت دراسة مباشرة لتأمين اللقاح اللازم و هو عبارة عن جرعة مضاعفة عشر مرات من لقاح جدري الأغنام المنتج محلياً و بكفاءة عالية , و تمت السيطرة على المرض من جديد و معالجة الإصابات , و في عام 2019 ظهرت بؤرة جديدة في الغاب و ريف حماة و انتقلت إلى عدد من الأبقار في قرى كفرنان و قني العاصي حيث انتقلت الإصابات عن طريق المياه الراكدة في نهر العاصي و بسبب البعوض و الذباب العامل الناقل الأهم لهذا المرض .. ثم ظهرت بعض الإصابات في القرى التابعة لإرشادية عرقايا وهي قرى جرنايا و المتعارض و حداثة , و في اليوم ذاته الذي تم الإبلاغ به عن الإصابة توجهت كوادرنا الفنية إلى المزارع للاطلاع على الواقع عن كثب و تبين وجود عدد من الإصابات منها سبع حالات في حداثة تمت المباشرة بإجراءات العلاج و هي حالياً في طور الشفاء ..
و أكد شحود أنه لاتوجد أي حالة نفوق بسبب المرض ذاته و إنما قد تكون من مضاعفات ثانوية للمرض أي ضعف مناعة البقر و إصابتها بمرض ثان مباشرة مثل التهاب الرئة أو الحمى الرشحية الخبيثة ..
وأكد أن ما يتم تداوله هو مجرد إشاعات و تهويل للواقع حتى يستفيد بعض التجار الذين يثبتون مرة أخرى أن مصلحتهم وربحهم هو الأهم فيقومون بتخويف المزارع وإقناعه أن البقرة ستموت و يتم شراؤها بأبخس الأثمان ليعالجها التاجر في مكان آخر أو يبيعها على أنها لحم و بذلك يحقق أرباحاً تصل إلى خمسة أضعاف السعر الذي اشتراها به
واستعرض شحود لمحة سريعة عن التهاب الجلد العقدي بأنه مرض فيروسي جلدي معد يصيب الأبقار ينتقل بشكل أساسي عن طريق لدغ الذباب والبعوض ..
أعراضه
وأعراضه هي الحمى و ظهور مفاجئ للعقد على معظم أنحاء جلد الحيوان وأحيانا بالحالات الشديدة استسقاء في مقدمة الصدر والأرجل والتهاب شديد بالأوعية اللمفاوية …و انخفاض في إنتاج الحليب وفي الحالات الشديدة الإجهاض وتلف جلود الحيوانات المصابة , و أكد أن المسبب فيروس ينتمي إلى فيروس جدري الأغنام والماعز من حيث التأثير على المزارع النسيجية في جسم الحيوان وهو يقاوم الحرارة والمؤثرات البيئية كلها ويبقى حياً في القشور الجافة على جلد الحيوان لفترة طويلة تصل إلى ٣٣ يوماً لكنه بالمقابل حساس و يتأثر جداً بالمطهرات مثل كربونات الصوديوم ٤% والفورمالين ٢% .
وأضاف شحود : يجب أن نميز بين التهاب الجلد العقدي والتهاب الجلد العقدي الكاذب الذي يمتد إلى الضرع والحلمات ويبقى بالطبقة السطحية من الجلد ويحدث لها التئام وشفاء دون أن تترك أي ندبة على الجلد كما يجب تمييزه عن مرض الحساسية.
أما بالنسبة للمناعة فإن معظم الأبقار التي تشفى من المرض تكتسب مناعة قوية جدا والعجول التي تتناول السرسوب من أمها تم تحصينه بلقاح جدري الأغنام تقاوم العدوى لمدة ستة أشهر لأن السرسوب هو السلاح الوحيد الذي يحمي المولود.
و للوقاية من المرض يجب إتباع الصيغة التي يتم فيها مقاومة كل الأمراض الفيروسية وذلك عن طريق التحصين..
ويوجد في الإرشاديات الزراعية كافة مجموعة برامج تحصين سنوية للأمراض الوبائية في سورية وكلها مجانية ..
علماً أن لحملات التحصين الموجودة في سورية توقيتات محدودة مرتبطة بمواسم ظهور المرض وحسب برنامج زمني من وزارة الزراعة ولذلك نهيب بالفلاحين والفنيين البيطريين الالتزام بمواعيد فترات التحصين لاكساب الحيوان المناعة قبل ظهور المرض بالإضافة لضرورة القضاء على العامل الوسيط الذباب والبعوض الناقل للأمراض و ذلك برش المبيدات .
ومن الضروري جداً عزل الحيوانات المصابة أوالمشكوك بإصابتها , و التخلص الصحي من الحيوانات النافقة وجلودها بالحرق أو الدفن علماً أن لحوم الحيوان المصاب غير ضارة للإنسان.
وأشار إلى أن الأطباء البيطريين في الوحدات الإرشادية يقومون بدورهم المهم في توعية المربين بأن هذا المرض عابر سبيل و أكثر الحيوانات تشفى منه إلا في الحالات الشديدة وضعف مناعة الحيوان وإصابته بعدوى ثانوية , مشيراً إلى أن نسبة النفوق من المرض لاتتجاوز ٤% في الحالات الشديدة جداً. و مازال هذا المرض ضمن السيطرة ..
ولابد هنا من تحذير المربين من جشع التجار وشراء الأبقار المصابة بأسعار متدنية لتحقيق أرباح كبيرة..
محمد بلول