هل يتم استثمار الثانويات المهنية والمعاهد الصناعية بالشكل الأمثل ؟ أم أن هناك تقصيراً واضحاً ؟ لأن هذه الثانويات والمعاهد لا تقوم بالدور المطلوب منها بشكل يمكنها من الارتباط بالمجتمع ؟ وتحويلها بشكل فعلي إلى مراكز إنتاجية تدعم الاقتصاد الوطني ؟ وخاصة أن وزارة التربية تسعى لربط التعليم المهني بسوق العمل إضافة إلى تعزيز المهارات والخبرات من خلال إدخال اختصاصات جديدة لا يتم استثمارها , ولكن الوزارة حسب رؤيتها للتعليم المهني قد أدخلت بعض هذه الاختصاصات في بعض المحافظات دون محافظات أخرى فعلى سبيل المثال علمنا أن وزارة التربية قد أدخلت هذا العام ورشات صيانة المركبات في مدارس التعليم المهني في محافظات دمشق وحلب وحماة ونتساءل لماذا لم يتم افتتاح هذا الاختصاص في مدارس التعليم المهني بحمص وبقية المحافظات وذلك لأن هذه الورشات فيما لو تمت الاستفادة منها يمكن أن تعمل صيفاً وشتاء وخاصة في صيانة الآليات التابعة للقطاع العام على الأقل التي تدفع مؤسسات الدولة مئات الملايين من الليرات السورية لصيانة وإصلاح أعطالها حيث يمكن لهذه الملايين أن تدعم التعليم المهني بالكثير من المعدات والمستلزمات التي يحتاجها وكذلك يمكن أن يساهم هذا التعليم في إصلاح الكثير من الآليات والحافلات المنسقة في بعض مؤسسات الدولة وخاصة في شركة النقل الداخلي حيث يوجد في مرآبها باصات كثيرة متوقفة عن العمل لأسباب كثيرة وأصبحت هذه الشركة عاجزة عن إعادة تلك الباصات للعمل وبالتالي عجزت عن تلبية حاجة المدينة بالخدمة التي كانت قائمة قبل الحرب الكونية على سورية حيث تراجعت خدماتها التي كانت تخدم معظم أحياء المدينة إلى ساعات متأخرة من الليل إلى العمل نصف دوام لا يتعدى الساعة الرابعة ظهراً في الوقت الذي دخلت فيه باصات القطاع الخاص الذي أصبح لا غنى عنه و بدا عاجزاً عن تلبية وخدمة كافة الأحياء وخاصة في ساعات الذروة التي تزدحم فيها الباصات بشكل لافت وتحمل أعداداً كبيرة أكثر من الأعداد المخطط لها ..
النية لدى وزارة التربية تتجه إذن لتحويل المدارس الصناعية إلى مراكز إنتاجية لدعم الاقتصاد الوطني بهدف ربط التعليم المهني بسوق العمل وتوفير موارد مالية تعود بالنفع على الطلاب والمدارس ولتعزيز مكانة التعليم المهني في المجتمع ، وهذا ما كان يجب أن يجري منذ وقت طويل ففي حمص مثلاً توجد الكثير من المدارس الصناعية والاستفادة منها على هذا النحو يسهم في تقديم خدمة للمجتمع وسد ثغرة في الصيانة والإصلاح والترميم وخاصة إذا وجد في هذه المدارس والمعاهد الفنية من يحرصون على الاستفادة المثلى من تلك الاختصاصات الجديدة والقديمة أيضاً .
التجربة الجديدة التي طرحتها الوزارة والتي سيتم تطبيقها في الفصل الثاني تشمل ميكانيك وكهرباء المركبات لأنها النواة الأساسية للعمل حسب رأي مدير التعليم المهني في الوزارة حيث سيتم تنفيذ مجموعة من الأعمال منها صيانة سيارات البنزين والديزل القديمة والحديثة بمراحلها المختلفة بدءاً من صيانة دارة الوقود والتبريد والتزييت وفك الكولاس والتشحيم وإجراء الفحص باستخدام تشخيص الأعطال والإصلاح من خلال الحاسوب وصيانة الشبكة الكهربائية وإجراء عمليات اللحام والخراطة بكافة أنواعها .
إن كل هذه الاختصاصات مهمة ويحتاجها سوق العمل ، والسؤال هنا لماذا لا تكون المدارس والمعاهد الفنية ورشات إصلاح دائمة صيفاً وشتاءً لكل الآليات التي تصاب بالأعطال والتي تحتاج إلى صيانة ، وهل يمكن وضع دوام لهذه المدارس والمعاهد صباحاً ومساءً بشكل يغطي الدوام للقيام بكل تلك الأعمال وبشكل تعم فيه الاستفادة للطلاب والمدارس والمعاهد ومؤسسات الدولة . ولماذا مثلاً لا تقام معسكرات إنتاجية دائمة وخاصة في الصيف لطلبة التعليم المهني ..
معلومة هامة نشرتها بعض وسائل الإعلام مفادها انه تم هذا العام إنتاج 93 ألف مقعد خشبي في مدارس التعليم المهني وهو رقم كبير يسد ثغرة في حاجة المدارس من تلك المقاعد سنويا ويمكن أيضاً أن تقوم تلك المدارس باختصاص النجارة بصيانة المدارس كما يمكن أن تنجز بعض التعهدات التجارية مستقبلاً خاصة وأن الوزارة أدخلت اختصاصاً جديداً هو حرفة منجور الألمنيوم .
التعليم المهني منجز هام يمكن الاستفادة منه ولا تحتاج المسألة إلا إلى الإرادة فقط ولأشخاص يعملون لصالح هذا البلد وهم كثر ويضعون المصلحة العامة فوق كل المصالح .
عبد الحكيم مرزوق