تحية الصباح…شجرة مباركة…!!

شجرة مباركة ، دائمة الخضرة ، ثمارها غذاء ودواء .. ورد ذكرها في كل الكتب المقدسة «زيتونة لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور ، يهدي الله لنوره من يشاء …»
لعل بدايات التشجير المثمر ، لا سيما زراعة الزيتون ، في قطرنا ، قد بدأت في أوائل ثمانينات القرن الماضي . وقد ارتبط ذلك بعمليات استصلاح الاراضي واستخدام الجرافات الضخمة لقلب التربة وحراثتها وتنظيفها من الحجارة والصخور لعمق يصل إلى متر في أكثر الأحيان . وكان ذلك بأجور رمزية ، مما مكّن الفلاح من استصلاح أرضه… وها نحن اليوم نجني ثمار ذلك المشروع الرائد…والحديث عن الزيتون ، وما يتفرع عنه ، لاسيما زيت الزيتون ، هو حديث هذه الأيام حيث موسم جني الزيتون يجري على قدم وساق في أغلب محافظات القطر ، ومنها محافظة حمص .
والزيتون كما تقول المعاجم ، نبات شجري يتبع الفصيلة المسماة « الفصيلة الزيتونية « دائمة الخضرة ، ومن الأشجار المعمرة وتعتبر ثروة لما لها من فائدة اقتصادية وجمالية وبيئية. وتؤكد الدراسات التاريخية والأثرية أن منشأ شجرة الزيتون ومطوطنها الأول هو سورية وفلسطين وجزيرة كريت . وأقدم التنقيبات والمتعلقة بفك الرموز أوضحت أن أقدم موطن لهذه الشجرة هو « إيبلا» قرب حلب . وترجح الدراسات الحديثة أن وجود هذه الشجرة قبل ستة آلاف سنة قبل الميلاد كان في شرق المتوسط ، أي بلاد الشام أو سورية الطبيعية ومنها انتقل الى المغرب العربي ثم اسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا . وقد نقلت أسبانيا زراعة هذه الشجرة الى أمريكا اللاتينية في القرن الثامن عشر . ومن هناك انتقلت الى كاليفورنيا في الولايات المتحدة .
ولثمرة الزيتون فوائد كثيرة جداً ، لأنها غذاء كامل … وكذلك فإن عصير مطحون أوراق الزيتون من المقاومات الحيوية والقاتلة للفيروسات والطفيليات ، بالإضافة الى تقوية جهاز المناعة في جسم الانسان . وزيت الزيتون له فوائد صحية وغذائية وتجميلية . فهو مقاوم لانسداد الشرايين ويحمي من الالتهابات المعدية ويجدد خلايا الجسم . وهو من الدهون غير المشبعة ، المضادة للتأكسد ، ويحتوي على عدة فيتامينات وهو غذاء مسهل للهضم وغني بالهيدروكربونات والسيلولوز والبروتين والفيتامينات والأملاح المعدنية ، ويدخل في عدد من الصناعات. وهكذا فالزيتون محصول استراتيجي لأنه مادة غذائية أساسية . والتوسع الكبير في زراعته أمر يثلج الصدر ، وبالتالي فإن تشجيع زراعته والاهتمام بنوعيته ومكافحة ما يصيبه من أمراض أمر من أولى مهمات الجهات المسؤولة وأولها وزارة الزراعة … وما حصل قبل أسبوع من رفع تسعيرة أجرة عصر الكيلو غرام الواحد من ثمار الزيتون بنسبة عشرين بالمئة أمراً ليس في مكانه ، ويضر بالفلاح وليس له ما يبرره، لأن سعر عبوة الزيت لم يرتفع منذ سنوات. وإذا افترضنا أن تسعيرته قد ازدادت فليس بمقدور المستهلك بحكم القدرة الشرائية الضعيفة أن يحصل على حاجته الكاملة من هذه المادة … والسؤال من المسؤول عن هذه الخطوة أو هذا القرار الجائر بحق الفلاح …؟!! وما هو موقف اتحاد الفلاحين وغرفة الزراعة منه ؟!
وبالعودة إلى حديثنا عن الزيتون ، كشجرة جميلة وتاريخها الموغل في القدم ، فإن الزيتون في الثقافة عند الشعوب المعاصرة رمز للسلام العالمي ، وارتبط غصن الزيتون بالحمامة ، رمز السلام أيضاً . وكثير من أعلام الدول فيها غصن زيتون أو أكثر ، فعلم الأمم المتحدة فيه غصنا زيتون متقاطعان ، وكذلك نجد غصن الزيتون في أعلام ايطاليا وأرتيريا وقبرص وجامعة « الدول العربية « . وفي الثقافة العربية ، بشكل عام ، الزيتون رمز الصمود والتمسك بالأرض .

عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار