أجور التكسي في حمص …. المواطن يشتكي الابتزاز وغلاء التعرفة .. السائقون : تشغيل العداد «ما بتوفي معنا » … الباص أوفر والسرفيس بالانتظار
تشعبت أزمة النقل والمواصلات واتسعت مشكلاتها وتداعياتها حيث انتقلت المعاناة من الباصات والسرافيس العامة والخاصة لتعم كافة وسائط النقل بما فيها سيارات الأجرة ونتيجة ما حدث من تحديد لكميات الوقود واتباع إجراءات البطاقة الذكية وما رافقها من منغصات، أخذت تتفاقم معاناة المواطنين مع أصحاب سيارات الأجرة وتترك بصمتها وتزداد ،وأخلت بالعلاقة بين المواطن وسائق سيارة الأجرة …. وكما هو معتاد كل منهما له مبرراته وظروفه وأسبابه في ظل هذه العشوائية وعدم الاحتكام إلى النظم والقوانين …حيث بات المشهد المألوف للكثيرين «عدم تشغيل عداد الأجرة» من قبل السائقين.
وبالتالي أصبح من الطبيعي أن يشترطوا على الراكب الأجرة التي يريدونها متجاهلين موضوع العداد، و السائق يحدد الأجرة حسب مزاجه وتقديره للمسافة ، ولم تقتصر هذه المخالفة على المدينة بل امتدت إلى الريف والمزعج أيضا «كما يقول المواطنون » إذا ما فكر أحدنا اليوم الطلب من سائق التاكسي العمومي أن يقله إلى مكان ما أن يشّغل العداد يظن أنك تمزح معه أو أنك وصلت من بلد آخر ، وكأنك لا تعرف الواقع المعيشي وغلاء الأسعار والمحروقات وووو.. لذلك حتى الراكب نسي موضوع العداد وتوقف عن النقاش مع السائق وكأن حقه بدفع الأجرة التي يشير العداد إليها عند الوصول قد مات …
في جولة قمنا بها في بعض أحياء المدينة تحدثنا مع بعض المواطنين عن معاناتهم في دفع الأجرة التي يفرضها سائق التاكسي العمومي عند اضطرارهم الاستعانة بالسيارة بدلا من وسائط المواصلات الأخرى فكانت الآراء التالية …
لم يطرأ أي تعديل
سائق سيارة الأجرة هو بالأصل مواطن من هذا البلد هكذا بدأ حديثه إبراهيم «سائق تاكسي » وأضاف: نعاني بشكل يومي من تأمين المخصصات اللازمة من مادة البنزين ، ناهيك عن الانتظار طويلا لمدة تتجاوز عدة ساعات أحيانا للحصول على عشرين لتراً، أو يترتب علينا التوجه إلى السوق السوداء وشراء ليتر البنزين بأسعار مضاعفة … وتابع حديثه مشيرا إلى أنه لم يطرأ أي تعديل على تسعيرة عدادات السيارات وهو ما أدى إلى عدم الالتزام بتسعيرة العدادات حتى لو اضطر السائق لتشغيله ..
ما بتجيب همها
نجوى» موظفة» قالت: لا نركب سيارة الأجرة إلا في حالات الازدحام الكبرى وبعد الانتظار الطويل على مواقف الباصات , ومع ذلك هناك استغلال كبير من السائقين وعدم تقيد بالعداد والحجة دائماً أنها لا تغطي النفقات اليومية لهم أو (ما بتجيب همها) ، وأضافت : يستغل السائق حاجتنا وضيق وقتنا لتحديد التسعيرة التي تناسبه ..
تعديل العداد
سمير «موظف» قال : رغم أنه مع كل زيادة كانت تطرأ على سعر صفيحة البنزين كان يعقبها مباشرة تعديل لعدادات سيارات الأجرة العمومية «حسب ما تشير إليه الجهات المعنية» ، ومع ذلك يبقى الأمر على حاله في عدم التزام السائقين بتشغيل العداد، وربما بعضهم لم يعدل عداده حتى يوهموا الركاب بأن الحق معهم في عدم تشغيله.
اتفاق مسبق
وفي الإطار ذاته أشار «منعم « أحد الركاب إلى أن معظم السائقين يفرضون المبالغ التي يريدونها أو يرفضون إيصال الراكب إذا امتنع عن دفع المبلغ المطلوب موضحا أن السائقين يبررون بأن تسعيرة العداد لا تتناسب مع سعر البنزين
السائق أمجد قال : رغم عدم تقيد الكثيرين بقانون السير إلا أن شرطة المرور تتجاهل كل المخالفات وتلاحق سائق التاكسي وتقف له بالمرصاد وينظمون المخالفة بحقه على كل كبيرة وصغيرة ويضيف: إنه يقوم بدفع المخالفات التي باتت ترهقه ليستمر بالعمل لأن سيارته هي مصدر الرزق الوحيد له ولأسرته.
محمد «سائق تاكسي» أشار إلى أن معاناتهم تكمن بعدم تخصيص محطات وقود خاصة لسيارات الأجرة مما يوفر الوقت عليهم وعناء انتظار الدور للتعبئة ..
غير منصف
السائق أبو وحيد أكد أنه في الكثير من الأحيان لا يشغل العداد لأنه وعلى حد تعبيره (لا ينصف السائق ) وبرأيه : أن تعرفة العداد الحالية بالكاد تسد حاجات سيارته من ميكانيك وقطع تبديل وصيانة ورسوم، مؤكداً أنه يحدد التسعيرة وفقاً لتقديره المسافة وما يناسبه من سعر ، كي لا يستغل الراكب وتكون الأجرة مرتفعة ، وبنفس الوقت لا يتعرض هو الآخر للخسارة، لافتاً إلى أنه يأخذ من الراكب مثلاً من شارع مديرية التربية باتجاه دوار السيد الرئيس مبلغ 500 ليرة وهو مبلغ منطقي بالنسبة للسائق أبو وحيد.
أما السائق أبو محمد يرى العمل على تاكسي عمومي محركها يعمل طيلة اليوم لا يتناسب مع التسعيرة المحددة على العدادات من قبل الجهات المعنية ، وبرأيه التفاهم مع الراكب بخصوص التسعيرة بكلام مقنع أفضل من تسعيرة العداد لكلا الطرفين.
التسعيرة مضاعفة
طارق «موظف» يشكو عدم تشغيل العداد من قبل السائقين وتقاضيهم مبالغ مضاعفة للمسافات المتوسطة أو في حال وصولهم لأطراف المدينة وتكون حجة السائق الحاضرة عدم تناسب التعرفة المحددة لسيارة الأجرة مقارنة بتكاليف الإصلاح المرتفعة جدا وقلة الكمية المخصصة لكل سيارة شهريا من البنزين ..
المواطن قاسم قال: في إحدى المرات اضطررت إلى السفر للقرية , ففكرت أن أستقل سيارة أجرة « لوجود حقائب كبيرة معي » , وأردت أن أعرف كم يسجل عداد الأجرة من حي العباسية حيث أسكن وحتى الكراج الشمالي , فطلبت من السائق الذي اشترط أن يأخذ 700 ليرة قبل أن يقلني ، أن يشغل العداد وسأعطيه ما يريد ، و كانت المفاجأة عندما وصلنا أن العداد يشير إلى 140 ليرة فقط .. فهل يعقل أن يدفع الراكب أضعافاً مضاعفة من الأجرة كلما اضطر لذلك .. وأن يأخذ السائق أكثر مما يستحق بكثير؟! .
مزاجية في التعامل
كما اشتكى العديد من المواطنين من المزاجية التي يتعامل بها بعض سائقي سيارات الأجرة العمومي حيث ينتقون الزبون الذي يناسبهم بالإضافة لقيام بعض السائقين باستغلال الراكب في حال وجود زوجته أو أبنائه …ليفرض تسعيرة زائدة..
في حال الشكوى
مدير مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص رامي اليوسف أوضح أن عناصر المديرية تقوم بالتحرك بناء على الشكوى المقدمة من المواطن بأن سائق التكسي قد تقاضى تسعيرة زائدة لا تتناسب مع المسافة التي قطعها , وأوضح أنه حينما يتم التأكد من وجود المخالفة سواء تقاضي أجور زائدة أو «أجور بدل خدمات» يتم تنظيم الضبط اللازم بحق السائق المخالف وإحالته إلى فرع المرور لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه والتي قد تصل إلى حجز السيارة وغرامة مالية ..
ضبوط ومخالفات
أفادنا أحد عناصر فرع المرور أن العناصر المنتشرة في جميع أحياء المدينة تراقب يومياً سيارات الأجرة العمومية وتسجل ضبوطاً بحقها ففي حال مخالفتها يتم حجزها لمدة أسبوع وتغريم سائقها مبلغا ماليا حسب نوع المخالفة ، مشيرا إلى أنه في حال امتناع أصحاب سيارات الأجرة عن تشغيل العداد أو تقاضي أجر زائد يتم توقيف السائق وحجز السيارة بناء على البند / 5 / من المادة / 199 / من قانون السير.
دوريات مستمرة
أما عن الإجراءات المتخذة من قبل مرور حمص بحق المخالفين فقال: نقوم بضبط هذه المخالفة بشكل يومي ومستمر في كل المناطق وخاصة في الأحياء المتطرفة والبعيدة عن مركز المدينة لأن هناك البعض من سائقي التاكسي العامة يأخذون تعرفة من الركاب خلافاً لتأشيرة العداد وحتى لا يقومون بتشغيل العداد وإظهاره للراكب، وأضاف: إضافة إلى دوريات شرطة المرور هناك دوريات مباحث المرور التي تقوم بضبط هذه المخالفة وتوقيف السائق وحجز المركبة لأن المشرع شدد على المخالفين بالتوقيف مع حجز المركبة ودفع الغرامة التي تستوجبها هذه المخالفة.
وأشار إلى أن مرور حمص نظم الكثير من الضبوط المتعلقة بعدم تشغيل العداد خلال عام 2019 وأضاف:جميعها تم توقيف السائق فيها وحجز المركبة وتقديمهم للقضاء من خلال متابعة دوريات المرور لهذا الموضوع أو بناء على شكوى من المواطنين ، كذلك الأمر فيما يتعلق بزيادة التعرفة على العداد، هناك ضبوط منظمة بحق كل سائق لم يقم بالإعلان عن تعرفة الركوب في مكان ظاهر ..
وأضاف : يوجد مكتب يتلقى كل الشكاوى من المواطنين ويتم التدقيق بذلك وتنظيم الضبط اللازم للمخالفة وإحالته للقضاء.
وعن حجة السائقين بعدم تشغيل العداد وأنها «ما بتوفي معهم» لأن هناك كثافة مرورية كبيرة وسط المدينة خلال وقت الذروة , بالإضافة إلى أن إصلاحات المركبة تكلف كثيراً، قال: قد لا يتناسب سعر العداد مع الإصلاحات الكبيرة للمركبة لأن هذه الإصلاحات تأتي نتيجة الاستخدام الكبير للمركبة ولفترات زمنية كبيرة، ولكن هناك بعض السائقين الذين يقومون بإجراء صيانة دورية للسيارة تحسبا لأي وضع طارئ لمركبتهم فيكون إصلاح المركبة ليس عبئا كبيرا بالنسبة لهم .
موضحا أن العداد يعمل على الزمن والمسافة الكيلومترية وبالتالي حتى ولو توقف السائق عند إشارة مرور أو أثناء الازدحام في الشوارع يستمر العداد في العمل وبذلك فهي حجة واهية.
وبالنسبة لحجة السائقين بعدم إنصاف التسعيرة لهم، قال: هناك لجان مختصة بهذا الشأن إذا كانت هناك حاجة لتعديل العداد ، إضافة لطلب السائقين الملح لتعديله ،ورأت الجهة المعنية أن على اللجنة التحرك والقيام بدراسة التسعيرة فيتم التعديل..
منوها إلى أن مخالفة عدم تشغيل عداد أو وضعه في مكان غير ظاهر هي توقيف السائق وإحالته إلى القضاء وحجز المركبة والعقوبة الحبس من عشرة أيام وحتى الشهر وهناك غرامة مالية قد تصل إلى 15 ألف ليرة ويتم حسم 8 نقاط من البطاقة….
أخيراً
إن المتابعة اليومية تبين أن المشكلة بين راكب اضطر لأن يستقل تاكسي أجرة وبين سائقها لم تنته مع تركيب عدادات للمسافة الكيلو مترية مقابل المبلغ الذي تسجله وغالباً ما يحتج سائقو سيارات الأجرة بأن العداد معطل وآخر يقول أن العداد غير معدل وفق التسعيرة الجديدة للنقل، وهكذا تبقى الأمور على حالها …، بينما بعض أجهزة الرقابة بعيدة عما يجري على أرض الواقع .. وما يزيد المشكلة عدم التدخل في الحد من ظاهرة فرض أسعار تفوق أضعاف الدخول لدى المواطنين الذين أرهقتهم أعباء الحياة المتزايدة وغلاء الأسعار الذي لم يتواز معه حتى بعد الزيادة على الرواتب والأجور وفق الواقع الحالي وانعكاسات الحرب السلبية على قطاع النقل مع ارتفاع أسعار المحروقات وقطع غيار المركبات والآليات التي ارتفعت أضعافاً مضاعفة وبما يحمل سائقي التاكسي من جهة والركاب من جهة أخرى أعباء كبيرة لا يستطيع الطرفان تحملها , حيث يبدو الطرفان محقين في الشكوى التي تستمر دائما , والتي تنتهي غالباً إلى خلاف على التسعيرة وما يمكن أن يترتب على هذا الخلاف من أمور لا تحمد عقباها، ويبقى الحديث جاريا أملا في تغيير الواقع الصعب ..
شذا الغانم – يوسف بدور