«ملائكة الرحمة » يشكون واقع عملهم الصعب .. لا تعويضات مجزية رغم تعرضهم لخطر الأشعة والإصابة بجراثيم معدية

تبقى السمة الإنسانية والأخلاقية أهم ما يميز عمل الكادر التمريضي «ملائكة الرحمة» في المشافي والمراكز الصحية ،نظراً للدور الإنساني والطبي الذي تقوم به تلك الكوادر في العناية بالمرضى وإعطاء الأدوية في مواعيدها المحددة، إضافة إلى مراقبة وضع المريض بعد العمليات الجراحية ، بمعنى أن عملها يكمل عمل الطبيب بعد تشخيصه المرض ووصف العلاج المناسب لمعالجة المريض …وبرغم هذا الدور والجهود المبذولة من قبل هذا الكادر إلا أن هناك معاناة في الحصول على بعض الحقوق لتتوازى مع الواجبات التي يقوم بها الممرض خلال عمله سواء في القطاع العام أم الخاص ..
لهذا كان لا بد من الاطلاع على آلية عمل هذا الكادر والصعوبات التي تواجه عناصره علنا نكون صوتهم المسموع لدى الجهات المعنية ، وبالتالي نضمن تحفيزهم أكثر للعمل بكل طاقاتهم خدمة للمرضى ..

العنصر الأهم
زارت العروبة مشفى الباسل في حي الزهراء والتقت مديرها الدكتور ناصر ناصر ، سألناه عن دور عناصر التمريض والجهود التي يبذلونها لراحة المرضى فقال :
يعتبر دور الكادر التمريضي أساسياً في تطبيق الخطط العلاجية إضافة لمعالجة المرضى من حيث تقديم الأدوية في مواعيدها المحددة ومراقبة وتطبيق القواعد الصحية وتنفيذ البروتوكولات العلاجية لتقديم الخدمة المثلى من حيث ضمان الصحة العامة للمرضى في المشفى .
الكادر مؤهل علمياً
وأضاف : إن أغلب العاملين من الكادر التمريضي في المشفى من أصحاب الكفاءات العلمية … بعضهم خريج مدارس التمريض والبعض الآخر خريج كلية التمريض والمعاهد التابعة لها..
منوها إلى أنه يندرج تحت اسم الكادر التمريضي العناصر الفنية العاملة في التصوير الشعاعي والمخبر والصحة العامة .. فالقوانين التي تطبق على العناصر التمريضية تطبق على العناصر الفنية أيضاً إضافة إلى اختصاص القبالة
وأشار إلى أنه : يوجد 390 ممرضاً وممرضة منهم 351 عنصراً تمريضياً يحملون إجازة من كلية التمريض و47 قبالة و 10 مساعدين فنيي قبالة واختصاصات جامعية أخرى من خريجي المعاهد الصحية (فنيو الأشعة والتخدير والصيدلة والمعالجة الفيزيائية والصحة العامة ) ويبلغ عددهم 172 عنصراً والجميع يخضع لقانون العاملين الأساسي بالدولة .
وأضاف : يتم توزيع الكوادر التمريضية في المشفى حسب حاجة كل قسم وحسب الاختصاص واستناداً إلى الخبرة والقدم ، ويكون الدوام على مدار الساعة ،بحيث يغطي الكادر الموجود حاجة المشفى .. ويعتمد نظام 8 ساعات في الفترة الصباحية و16 ساعة في الفترة المسائية.
أما العيادات الخارجية فإنها تتطلب وجود ممرضات يتم توزيعهن استناداً إلى القدم مع مراعاة من لديها وضع صحي معين نظراً لعدم الحاجة لبذل جهد كبير أثناء استقبال المرضى
صرف مكافآت مادية
كما التقينا مع روحانا الجمل رئيسة التمريض في المشفى للإطلاع على واقع العمل والصعوبات التي تعترض عناصر التمريض فقالت : هناك معاناة يعيشها عناصر التمريض في بعض الأقسام إذ يتعرضون أثناء عملهم لبعض المخاطر ، كما في قسم التصوير (الأشعة) فالعناصر التمريضية العاملة فيه يتعرضون لخطر الأشعة ويفترض أن يتم تمييزهم عن العناصر التمريضية الأخرى وصرف مكافآت مادية تعويضية ، كذلك الحال بالنسبة للعناصر التمريضية العاملة في المخبر والذين يقومون بإجراء تحاليل مختلفة منها «البول والدّم» وغيرها ..فمن الممكن تعرضهم للإصابة بأية جرثومة معدية.
صعوبات
كما التقينا عدداً من الممرضات في عدة أقسام أخرى … واللواتي أشرن إلى ضرورة منح عناصر التمريض الملابس الخاصة بالتمريض لا أن تكون على نفقتهم الخاصة .. فهذا حق طبيعي لهم ولا يجوز التغافل عنه و أن يكون أكثر من مرة في العام ..
بعد التقاعد
إحدى الممرضات قالت : يحرم الممرض من الاستفادة من بطاقة الضمان الصحي بعد التقاعد في الوقت الذي هو بأـشد الحاجة لها ، ولذلك يتمنى كافة العاملين في المشافي استمرار العمل بنظام بطاقة الضمان الصحي للممرضين بعد التقاعد .
تقول إحداهن : في حال مرضت ممرضة تتم معالجتها بالمشفى الذي تعمل به وتقدم لها الرعاية الكاملة وإعانة مادية من النقابة .
ضمان صحي
اقترح مدير المشفى تشميل المشفى بالضمان الصحي لتعود ريعية ذلك لخدمة المشفى وتقديم حوافز للعاملين فيه .
الراتب الربعي متوقف
أجمعت الممرضات أنه في السابق كان يصرف ربع راتب بشكل دوري كل ثلاثة أشهر وتحدد قيمته استناداً إلى راتب المتقاضي ولكن اليوم توقف العمل به … ويفترض ضرورة العودة للعمل بهذا النظام للكادر التمريضي من رؤساء أقسام وغيرهم ،لا سيما أن رئيسة التمريض مهامها كثيرة ومتعددة وفي أوقات مختلفة .. حيث تقوم بجولات تفقدية ما بين 3-4 مرات يومياً صباحاً لكافة أقسام المشفى لتفقد القواعد الصحية والسلامة المهنية وآلية التعامل مع المرضى وتفقد مهارات الطواقم التمريضية الجديدة وخبرتها في التعامل مع المرضى ،إذ يتم تدريبها مدة ثلاثة أشهر قبل زجّها بالعمل مباشرة ، إضافة إلى قيامها بالجولات المسائية .
تعديل طبيعة العمل
تقول الممرضات العاملات في قسم أمراض الدم :نتمنى تعديل نسبة طبيعة العمل حيث نتقاضاها حاليا 4% بينما بعض المشافي الأخرى تمنح العاملين في هذا القسم 42% وخدمة السنة الواحدة بخدمة سنة ونصف .
وأضافت :يمنح العاملون في هذا القسم وجبة غذائية شهرية بينما نحن لم نمنح أي شيء بهذا المشفى .
كذلك الأمر بالنسبة للعاملين في قسم الأشعة إذ تبلغ نسبة طبيعة العمل 4% فقط في الوقت الذي يتقاضى الكادر التمريضي في المشافي الحكومية بالعاصمة 100% وذلك مقابل ( تسريب جرعات كيماوية ) ، علما أننا نحن نقوم بذات العمل ونتعرض لنفس المخاطر .. ولكن على ما يبدو … التعامل يختلف ما بين مشافي العاصمة ومشافي باقي المحافظات ..؟!
صرف الدواء
تقول إحدى الممرضات في حال مرض أحد عناصر التمريض لا يمكن صرف أي نوع من الأدوية له إلا بعد دخوله المشفى بشكل نظامي ويتم قبوله وإعداد إضبارة خاصة به وقضاء على الأقل ليلة واحدة فيه حتى يتم صرف الأدوية من صيدلية المشفى وذلك وفق القوانين والأنظمة الخاصة بالمشفى .
الميزة الوحيدة
وتضيف ممرضة أخرى بالقول : الميزة الوحيدة للعناصر التمريضية هي حيازتهم على بطاقة تأمين ، والتي تخولنا الدخول لأي مشفى خاص لإجراء أي عمل جراحي مهما بلغت تكاليفه مقابل نسبة تقدر 10% فقط من القيمة الإجمالية للعمل الجراحي ..
معاناة حقيقية
إحدى الممرضات قالت : نعاني من تواجد أكثر من مرافق للمريض وقد نتعرض أثناء قيامنا بعملنا للكلام أو التصرفات غير اللائقة من قبل المرافقين ، وهي معاناة يومية لذلك من الضروري إعداد بطاقة «مرافق للمريض …ولا يمكن دخوله المشفى بدونها ،وبذلك يمكن التخلص من الازدحام وكثرة عدد المرافقين للمريض الواحد .
دور مكمل
كما التقينا مدير مشفى الباسل التخصصي في حي كرم اللوز الدكتور ناصر ادريس الذي قال :رغم الحرب والظروف القاسية كانت كافة عناصر المشفى الطبية والتمريضية تقوم بعملها ، وعمل الطبيب لا يكتمل بدون عمل الممرضة فهي التي ترافق الطبيب عند تشخيص حالة المريض بعد معاينته وما تبقى من عمل هو للممرضة من إعطاء اللزوم من الأدوية ومراقبة العلامات الحيوية ،فالكادر التمريضي يتمتع بثقافة تمريضية واسعة إذ لديه إطلاع على كافة الأمراض حتى بالتشخيص المبدئي للمريض وأحيانا تقييم حالته قبل استدعاء الطبيب .
وأضاف : يبلغ عدد الكادر التمريضي في المشفى 335 ممرضاً وممرضة من اختصاصات متعددة و90 قابلة قانونية و253 عنصراً فنياً (صيدلية –تخدير –أشعة –مخبرية -صحة عامة) ..
دعم الجانب النفسي
تقول رئيسة التمريض وصيفة ريا :إن عنصر التمريض هو صلة الوصل بين الطبيب و المريض ، والكادر التمريضي لدينا مؤهل علمياً بدءاً من المعاهد ومدارس التمريض إلى شهادة الماجستير وكليات التمريض.
ويتم توزيع كادر التمريض حسب عدد الأسرّة وعدد الأقسام والعيادات، إذ إن كل عيادة يوجد فيها ما بين 2-3 ممرضات ولكن هناك أقسام يتطلب فيها وجود عدد أكبر من العناصر مثل اقسام الداخلية وأمراض الدم والجراحة والعناية القلبية والإسعاف ويتواجد في الدوام الصباحي ما نسبته 60 % من عناصر التمريض و40 % مساءً
وتضيف: نعمل على زيادة تثقيف الكادر التمريضي من خلال إقامة دورات إنعاش وريد رئوي ، وحول الولادات وآلية تقديم الإرشادات ودعم الجانب النفسي للمريض ، إذ يوجد بالمشفى 3 ممرضات معنيات بالتثقيف الصحي .
صرف بدل «مخاطر عمل»
أجمع عناصر قسم المعالجة الفيزيائية على ضرورة تعديل طبيعة العمل الخاصة بهم فهي 4% للعاملين بالمشفى أسوة بالمشافي الحكومية الأخرى، كذلك الأمر للعاملين في قسم التخدير إذ يتقاضون مبلغاً قدره 20 ألف ل.س إضافة على الراتب .
ويطالب بذلك أيضاً العاملون في أقسام الجراحة والداخلية والأطفال والإسعاف جراء العمل الكبير والجهد المبذول إضافة إلى ضرورة صرف بدل «مخاطر عمل » وقيمتها 7% والتي لم تصرف ولا مرة واحدة ، واعتبار خدمة السنة بالسنة والنصف .
ويطالب عناصر التمريض اختصاص الصحة العامة بتعويض التعرض للمخاطر نظراً لحجم الأعمال الكبيرة بدءاً من إدارة النفايات الطبية والعادية والحادة وتقديم الإرشادات الخاصة بالصحة العامة والإشراف على نظافة المشفى والغسيل وخزانات المياه والتقصي الوبائي.
وتطالب بعض العناصر التمريضية بضرورة قبول طلبات الاستقالة في حال ورودها ،وتحديد أوقات زيارة المريض ،وضرورة تشميل كافة العمليات التجميلية من أسنان ونظارة طبية وأدوية هرمونية ببطاقة التأمين ،إضافة إلى ضرورة اعتماد معايير موضوعية في توزيع المكافآت والمنح وإتباع الدورات التدريبية .
القطاع الخاص
التقينا احدى رئيسات التمريض في أحد المشافي الخاصة ونوّهت إلى أن الممرضات تم تشميلهن بالتأمين ولكن لا بطاقة ضمان صحي لديهن ،كما يصرف لهن إعانات وحوافز ومكافآت مادية وفقاً لعدة اعتبارات كالقدم والخبرة والمهارة والتميز بالعمل والتفاني فيه والمعاملة الحسنة مع المرضى ..
وفيما يتعلق بالدوام :تقول إحدى الممرضات :لدينا دوام صباحي ومسائي معاً ، والأجر محدد وفق لوائح خاصة صادرة عن مؤسسة التأمينات الاجتماعية ،إذ يبلغ الحد الأدنى 47 ألف ل.س ويطبق قانون العاملين الأساسي الموحد كما يتقاضى الممرض في نهاية خدمته مبلغاً محدداً كتعويض نهاية خدمة ..
ويضيف أحد الممرضين :إن معالجة ذوي الممرض (أب-أم )تكون على نفقة المشفى الخاص كذلك الممرض وإن لم تتوفر المعالجة لمرض ما ،فإنه يعالج على نفقة المشفى في مشفى آخر ويتم إجراء العمليات الجراحية المطلوبة هناك .
وتقول ممرضة في مشفى خاص آخر:ان اللباس الخاص بالتمريض يمنح للكادر التمريضي من قبل المشفى ذاته وتقدم لنا بعض المكافآت من المرافقين أحياناً للمرضى عدا عن الحوافز التي تمنح للتمريض من إدارة المشفى .
و آخر يقول :نحن لا علاقة لنا بالنقابة ولا نعرف شيئاً عن هذا الموضوع!!
كما أن التعاقد مع المشفى الخاص يتم وفق عقود سنوية بحيث يضمن استمرار التعاقد والعمل معها وليس الفصل إذا كان على أساس العام الواحد فقط !
ممرض آخر يقول :لقد اكتسبنا خبرة لا بأس بها خلال العمل بالمشافي العامة لصالح المشافي الخاصة والأجور معقولة .
تقول إحدى الممرضات :
أنا أحمل الشهادة الإعدادية ونتيجة القدم والعمل لفترة طويلة امتهنت التمريض وأعمل به الآن كخبيرة في إحدى المشافي الخاصة .
كما التقت العروبة رئيسة مكتب نقابة عمال الصحة باتحاد العمال دلال دعكور للاطلاع على الصعوبات التي يتعرض لها عناصر التمريض أثناء عملهم..
فقالت: تعاني المشافي من نقص الكوادر التمريضية والكوادر الفنية وقد خاطبنا الجهات ذات العلاقة لإجراء مسابقة خاصة لاسيما أن آخر مسابقة أجريت 2008 ، لذلك فإن رفد المشافي بعناصر جديدة من الكوادر التمريضية والفنية مسألة هامة وضرورية وتتيح الفرصة لمن يود الاستقالة أو للذين بلغوا سن التقاعد وهم لايزالون يمارسون المهنة ولهذا تداعياته في سن متقدمة .
وأضافت : أحدثت بتوجيهات الاتحاد العام لنقابات العمال صناديق التكافل الموحد ونهاية الخدمة والمساعدة لتأمين حياة الممرض أثناء عمله وبعد التقاعد . كذلك الأمر بالنسبة للنقابة نعمل على تعزيز الجانب الاجتماعي من خلال اللجان المتوزعة بالمدينة و الريف و البالغ عددها 28 و نتمنى على الجهات ذات العلاقة الإسراع بفتح الهيئة المستقلة للمشفى الوطني.
حماية العامل
وأضافت : قمنا بجولات على المشافي و التقينا العاملين فيها وتركزت مطالبهم حول تعديل طبيعة العمل بما يتناسب مع واقع المعيشة الصعب اليوم .
وأشارت فيما يتعلق بالمشافي العاملة ضمن القطاع الخاص أنها لا تتبع لنقابة عمال الصحة و إنما تتبع لإدارة المشفى الذي يعمل فيه العمال باستثناء مشفى خاص وحيد فقد تم تشميل جميع العاملين فيه بالضمان الصحي بعد التقاعد .. أما فيما يخص بطاقة الضمان الصحي و توقف العمل بها للعاملين في المشافي العامة من الكوادر التمريضية فإن النقابة تتابع العمل ما أمكن على استمرار طبابة العامل الممرض مع شركة التامين و ذلك وفق الأصول .
و فيما يتعلق بعودة ارتباط الممرض إلى المشفى الخاص بعد توقفه عن العمل فيها أشارت إلى أن العمال المنتسبين للنقابة حصلوا على كامل تعويضاتهم و نهاية الخدمة و كافة الاستحقاقات أصولاً بناء على ثبوتيات المشفى التي كان العمال يعملون فيها ، و نوهت إلى دور النقابة في حماية العامل في مكان عمله ..وأن عدد العمال المنتسبين للنقابة في المشافي الخاصة 522 عاملاً و عاملة ، كما تقوم النقابة بمتابعة شؤون أسر و ذوي شهداء الطبقة العاملة حيث بلغ عدد الشهداء 62 شهيداً و 5 جرحى، و توزيع الإعانات لهم كما نعمل على تشميل العاملين في مركز السل بالأعمال الشاقة و تحسين نوعية اللباس للمستخدمين و تأمين وسائط نقل للعمال وزيادة مخصصات المشافي من المحروقات ..
نبيلة إبراهيم
تصوير : ابراهيم الحوراني

المزيد...
آخر الأخبار