لم تكن زيادة الأسعار بحاجة لشيء سوى مباركة الجهات المعنية للتجار و كان لهم ما أرادوا .. وكل ما سمعناه عن محاولات السيطرة على الأسواق والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه سرقة لقمة المواطن والمتاجرة بها كان مجرد كلام لتخدير المواطنين وجعلهم يمتصون الصدمة جرعة .. جرعة لأن الضربة الكبيرة على الرأس توجع وقد تودي بحياة من تلقى الضربة وبالتقسيط يمكن شرب الصدمة وبلعها على مضض ، وعسر الهضم لا تداوه بالتي هي الداء كما يقول شاعرنا أبو نواس: «دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء «… ولا بالمقاطعة وفق الخبراء الاقتصاديين الذين يطالبوننا بمقاطعة ( المتة ) – مثلاً – وكأن المتة هي أكسير الحياة وهي ما ينقص المواطن فقط والأمور الأخرى كلها على ما يرام ، ومع أن الكثير من المواطنين ردوا عليهم بالقول: « انقعوها واشربوا ماءها » لا تلزمنا ولكن وكما قالت جارتي العجوز .. يريدون إلهاءنا بالمتة « بمعنى الطبخة أكبر من غلاء المتة ، ويبدو أنها نضجت واستتب أمرها والأسعار الجديدة تتكلم عن نفسها يعني فيما يعني : انقع وعود المعنيين واشرب ماءها يا .. الزيادة أصبحت بخبر كان .. ،أخذناها باليمين ودفعناها مضاعفة بالشمال ،.. وما يحز في النفس أن معظم العائلات لا تملك سوى راتب واحد يتقاضاه رب العائلة والأولاد « مدارس وجامعات» ولنقل بأن عائلات كثيرة لا وظيفة حكومية تعمل بها ، فما ذنبها أن تحسب على شريحة من وقعت عليها الزيادة « الموظفين « وهذا شر بلية أن تقع أنت المواطن أمام فجوة لا تعلم كيف سترممها «فاللاموظف » وقع بين فكي كماشة : الدولار الذي لا يرحم وكماشة زيادة الأسعار أسوة بزيادة الرواتب ، فعلى أي الجانبين يميل سيقع بدوامة الغلاء الأسود الذي طال حتى ربطة البصل والبقدونس والبندورة والبطاطا ولا تسأل ما علاقة هذا بالدولار إذا كان من إنتاج أرضنا الخضراء ؟!
التهابات زيادة الأسعار لم تعد تحتاج لدهن مواضعها أو التجمل بالسيطرة عليها والضبوط والتشميع وتلميع الصورة أمام وسائل الإعلام لسنا بحاجة له لأن الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب .. فالأسعار جاءت ممهورة بمن كان بها خبيرا ( التموين) سعرت ومهرت وأعطت صك براءة وعدم مساءلة للتاجر الذي رفع أسعاره»يعني الأسعار تموينية نظامية مئة بالمئة ..وتوضأ بالنسيان يامواطن ، وتذكر أن أجدادك شقوا الأرض بفؤوسهم ومناجلهم وحملوا الصخور على ظهورهم ومسحوا عرقهم المتصبب على وجوههم مبسوطين غير ممتعضين ولا متأففين أو متذمرين وأكلهم مقابل برغل ومتبلة (قمح بلبن ) شرابهم الشاي ، وليس المتة.. لم يستخدموا رز الكبسة ولا زيت دوار الشمس ولا من يحزنون..
فلا تحزن يا مواطن وتجرع بحر الصبر وانتظر .. فربما تخبىء لك الأقدار أشياء جميلة في القريب العاجل ، فالدولار – جبان .. وسيسحق عاجلاً أم آجلاً .
أملنا لم ولن ينطفىء بأن هذه العتمة التي بدأت تتبدد شيئاً فشيئاً ستزول إلى الأبد ..بارقة الأمل معقودة بانتصارات جيشنا الباسل وعواصف الدولار إن شاء الله إلى انحسار وهزات التجار قد تعيش هذه الأيام أخصب فتراتها لكنها لن تدوم وما في شجرة وصلت السماء ..سيسحب البساط من تحت أقدام هؤلاء الجشعين بهمة شرفاء هذا الوطن المعطاء الماضي بمحاربة الفساد و بمحاسبة حقيقية تتصدى وتواجه وليس كما يحصل الآن .. تهريج بتهريج..
العروبة – حلم شدود