تحتضن أرواحنا نسيمات الذكريات لأناس عبروا من أمامنا تاركين بصمات على أخاديد حياتنا ثم اختفوا في تراتيل فضاء الخلود الذي يبدد صمت رحيلهم شيئا فشيئا ليعانقوا توقف الزمن ومع ذلك لا تكف الذكريات عن الهبوب بين حين وآخر مستحضرة آثار من رحلوا عن دنيانا لأنهم ببساطة يمتلكون عذوبة الروح ودماثة المعشر .. إنهم كأزهار الياسمين تعطر أجواء ما حولها ثم تنتقل عبر أثير النسيمات إلى فضاءات أوسع وأرحب .. أما اليوم يتأستذ علينا مدعو الفهم بكل شيء حتى أسرار النفس البشرية وخاصة بعد أن فقدت الكلمات والحروف الكثير من لمعانها وبريقها وفي خضم البحث عن أسباب تأخرنا عن الركب العالمي نصطدم بشجون قد تكون مؤلمة كهروبنا من حقائق غربة عقولنا إلى غربة أكثر عمقا واتساعا ووجعا وخلال هذا الواقع تبرز تساؤلات مازالت مطروحة على بساط البحث لماذا لم يستفد الجيل المعاصر كما ينبغي من تجارب أسلافه وهل وصلت جنون العظمة لهذا الجيل ليظن نفسه أنه يعيش فوق أمواج وجدانية حكماء الماضي والحاضر .
إن الغالبية من أفراد مجتمعنا يغلفون أسباب تأخرنا عن مواكبة روح العصر وعن عدم التفاتة الشباب لما بناه الأجداد على مشجب التكنولوجيا ويتهمونها بكل ما يخطر على البال .. والحقيقة تقول وتفصح كل حين أن التكنولوجيا هي على نقيض ما يشاع عنها كونها تسهل انتشار المعلومات .. لكننا وكأشياء كثيرة لا نجيد استخدامها إلا بمنطق القرون القديمة لذلك نردد اتهامها ونعلق عليها بعض أسباب تخلفنا فالإنسان عدو ما يجهل .. ومع ذلك الواقع المتقلب الوجوه لا نزال نطلق العنان لأنفسنا كي نحلم بكل الأشياء المعجونة بماء المحبة والصدق والعفوية ولا تزال أروحنا رغم الآلام الراهنة تحتضن بين جوانحها نسيمات ذكريات لأناس مازالت بصماتهم تعيش معنا مرددة ترتيل ألحان : أجمل الأيام ما كان غدا.
بسام عمران