أذكر أن والدي – طيب الله ثراه – حدثني أنه كان في حمص في خمسينات القرن الماضي ، أي يوم ولدت – قاضٍ حصيف نزيه ، وشاعر رصين هو عدنان مردم .
وأنه سليل بيت عربي ثقافي عريق فهو الابن البكر لشاعر الشام : خليل مردم . كاتب النشيد العربي السوري – حماة الديار -.
وفي – دار الخليل – نمت وترعرعت موهبة – عدنان – الذي كان يرى بعينيه تلك الشخصيات الأدبية والفكرية تؤمّ محج أبيه ، ويسمع بإذنيه بعض تلك الحوارات والمناقشات عن كثب من غير أن يشارك فيها .
وبعد تخرجه في معهد الحقوق الذي شكل النواة الأولى لنشوء جامعة دمشق عمل ثمانية أعوام محامياً ، ثم تقدم لمسابقة في القضاء فكان أول الناجحين وعين قاضياً في مدينة حمص عام ثمانية وأربعين وظل فيها أربع عشرة سنة . ومما كتبه عنه الأديب الياس سعد غالياً – وقد عمل في القضاء أيضاً – : كان عفيفاً نزيهاً عادلاً وغاية في التربية والأخلاق وكان يقضي في الدعاوى التي تسند إليه بكل جرأة ونزاهة – وبقي في القضاء حتى عام ستة وستين حيث أحيل على التقاعد وتفرّغ لإنتاجه الأدبي والإبداعي حتى ارتحل إلى الملأ الأعلى عام ثمانية وثمانين تاركاً مجموعة من الكتب الموزعة بين الدواوين الشعرية والمسرحيات الشعرية . وهي بالتسلسل : عبير من دمشق ، فاجعة مايرلنغ ، مسرحية ديوجين الحكيم ، مسرحية القزم ، مسرحية المغفل ، مسرحية الأتلنتد ، ديوان : نفحات شامية ، ديوان صفحة ذكرى ، مسرحية العباسية ، ديوان نجوى ، مسرحية مصرع غرناطة، مسرحية غادة أفاميا ، مسرحية فلسطين الثائرة . ديوان عدنان مردم الذي أصدرته وزارة الثقافة في سورية . عام أربعة عشر وألفين .
وقد كان عدنان مردم متعلقاً باللغة العربية تعلقاً شديداً إلى درجة العشق ومتمكناً بشكل مدهش من صرفها ونحوها .
وقد حذا حذو والده الخليل الذي كان اللسان الناطق لأمته وشعبه في نضالهما القومي ضد الاستعمار أيام الانتداب ، والمؤجج لنيران الشعور القومي بآياته البيانية في كل مناسبة قومية وطنية ، يقدم السلام والتحية إلى دمشق حيث يقول في قصيدة – غوطة دمشق – من ديوانه – عبير من دمشق -:
ما كان بدعاً أن تطيب غراسها ودم الضحايا مائج متدفق
وإزاءها ماضٍ يشوق كتابه فيه الفخار مديح ومنمق
صفحاته فوق الثرى منثورة هيهات تبلى أوترث وتخلق
بردى نشيد خالد عن غابرٍ تاه الزمان به وعزّ المشرق
د. غسان لافي طعمة
المزيد...