قلة العمل .. الحرمان المادي .. غلاء المعيشة . ندرة الخدمات و صعوبة الوصول إليها يرافقها ظروف اجتماعية و أوضاع ضاغطة يعاني منها المواطنون بشكل عام إلا قلة قليلة من أصحاب رؤوس الأموال و الفاسدين الذين يسدون منافذ الحياة ليستولون عليها لوحدهم .كل ذلك يحد من حالة الرفاه التي يجب أن ينعم بها المواطن السوري في كل مكان…الكثيرون اليوم قد ظهرت على ملامحهم علائم الشيخوخة المبكرة و الإعياء الشديد نتيجة السير السلحفاتي في تأمين مستلزمات الحياة نظراً لضيق ذات اليد و اللهاث في طوابير حاجاتهم الأخرى فطابور أمام مركز توزيع الغاز و طابور أخر على أبواب الأفران أو معتمدي الخبز و ثالث على محطات الوقود و رابع ينتظر حول الصرافات الآلية للحصول على الراتب و آخر و آخر .. و كلها يجمعها عنوان واحد الصراخ و التزاحم و التدافش و الفوضى العارمة و الشكوى المستمرة لا ينجو منها إلا من يتسلل هارباً «ينفد بريشه» من احتمال تشابك بالأيدي أو شد الشعر أو ملاسنة كلامية ليحصل على مبتغاه بسعر مضاعف وبشكل حر .
ففي ظل الازدحام الكثيف و الانتظار الممل تتبلور فئة المستغلين من التجار وتظهر للعلن منتفخةً جيوبهم منتعشة جراء احتكار السلع و رفع ثمنها بشكل متسارع و الحجة دائما ارتفاع الدولار ليعلن المواطن بشكل خفي عن هزيمة ساحقة لحقت بنفسيته الهشة جعلته يحنّ إلى زمانه الغابر قبل الحرب كان خلالها محمياَ في ظل حياة أسهل ليغرق اليوم في هموم قسرية فرضتها عليه ظروفه و استقطبت في قلبه المتاعب فما أن انبثق نور بسيط بزيادة الرواتب حتى تبدد شيئاً فشيئاً إذ ضاعت الزيادة ما بين الضرائب و ارتفاع الأسعار لتقضي على سعادته المحتملة و تتسابق إلى ساحة حياته فراغات أسوأ مما سبق تتسع حوله لتبتلع رغباته و أحلامه و آماله المنسية في غياهب حياته الصعبة .
عفاف حلاس