صحيح أن دوريات حماية المستهلك سجلت حضوراً بالأسواق بعد فورة الأسعار التي يعود سببها المباشر لارتفاع سعر الصرف أما أسبابها الخفية هي أطماع التجار…
ولكن هذا الحضور لم يرتق إلى طموح المواطن الذي فقد الثقة بجميع الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية بضبط فلتان الأسعار في ظل حصار اقتصادي جائر و تقلبات سعر صرف سيء الذكر (الدولار) ..
كلها عوامل ساهمت في هذا الجنون الذي أصاب أصحاب الدخل المحدود و صغار الكسبة بالعجز و لم يبق في جعبة المواطن سوى الأمل بإيجاد حلول اقتصادية سريعة و إجراءات تكفل حماية لقمة عيش المواطن فعلاً لا قولاً..
لكن للأسف أغلقت أغلب نوافذ الأمل كون دوريات حماية المستهلك – رغم دورياتها المكثفة – لاتصل إلى مراكز التلاعب بالأسعار و التجار في سوق الهال على سبيل المثال لا الحصر..
و للإنصاف فإن حضور الدوريات التموينية هو تأكيد أنه لو أرادت الجهات المعنية تفعيل أدواتها المتوفرة و تعاونت مع المواطن المتضرر من جائحة جنون الأسعار كان من الممكن كبح جماح الأسعار بدليل قيام مديرية حماية المستهلك بعيد زيادة الرواتب بتنظيم العديد من المخالفات بحق التجار و إغلاق العديد من المحال التجارية في المحافظة مدينة و ريفاً….
و لكن أي محال؟؟
فهذه الضبوط لم تنظم إلا بحق تجار المفرق و النصف جملة و أغلبهم وقع بين سندان دوريات حماية المستهلك و مطرقة المواطن الذي بات يتأفف ضجراً من أطماع حيتان السوق..
ضمن هذا الواقع المثقل بالهموم يطالب المواطنون من وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك تشديد العقوبات لمنع الاحتكار و التلاعب بلقمة المواطن , كما يطالبون بألا يقتصر دور الرقابة و تكثيف الدوريات على زمن محدد ,كون الدور المناط و المأمول من الرقابة التموينية العمل على مدار الساعة و كل الأيام بما فيها العطل الرسمية ..
فالمواطن الذي مل الوعود بات اليوم يتحسس أن لقمة عيشه تسحب من فمه جهاراً نهاراً بلا حسيب أو رقيب يردع أطماع التجار المتلاعبين بقوته و حاجياته الأساسية, و هذا المواطن لايزال ينتظر منقذاً حقيقياً لواقعه المعيشي …
في استقراء سريع لمشاهدة ما يجري في أسواق المحافظة نجد الكثير من الصور التي تحثنا للبحث عن حقيقة ما يجري و المخبأة تحت عباءة القانون الذي بات شفافاً للدرجة التي يستطيع أي مواطن قراءة الواقع المثقل بالمخالفات المثيرة للدهشة و التساؤل و خاصة في ظل ظهور مفارقات يمكن تلمسها بجهد بسيط عبر إجراء مقاربات بين التصريحات بأن كل الأمور تحت السيطرة حيث تتم مراقبة الأسواق كافة و لاسيما المواد الغذائية… في حين أن الواقع يقول شيئاً آخر مخالفاً..
و عليه.. تبقى الحلقة المفقودة ضائعة رغم كل المحاولات لإعادتها إلى الواقع و خاصة بعد أن تحركت الجهات المعنية و عرضت سلالها الغذائية على المواطن و بأسعار منافسة .
و السؤال المطروح هل يكفي هذا الإجراء لوقف نزيف القدرة الشرائية لليرة السورية و هل الكمية المطروحة تسد احتياجات المواطن ..؟ و هل تشديد الرقابة التموينية على تجار و بائعي المفرق و النصف جملة هو الحل ؟؟أم أن الحلول مازالت في الأدراج تنتظر من يمد لها يد العون لتظهر قدرتها على ضبط حركة الأسعار و خاصة بعد أن بدأ سعر صرف الدولار – يستقر – و لو بشكل بطيء..
السوريون الذين ما زالوا يقارعون الحرب الاقتصادية على بلدهم كلهم ثقة بقدرتهم على تجاوز جائحة الدولار كما تجاوزوا جائحة الإرهاب ..
بسام عمران
المزيد...