خصوصية الكتاب .. في زمن الانترنت .. المكتبة المدرسية ضرورية لتنمية فكر وثقافة الطالب

أخذت مسألة المطالعة والحصول على المعلومة من الإنترنت تطغى على متعة البحث عنها في الكتاب في عصر اتسم بالسرعة وفي ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ،في الوقت الذي لا بد فيه من التأكيد على أهمية القراءة والاطلاع على المعارف والحضارات ، لا سيما أن حرب الإرهاب الضروس التي شنت على بلادنا وكانت ممنهجة وذات أهداف واضحة لا لبس فيها .

فقد قام الإرهابيون بحرق وتدمير المدارس ومحاربة العلم والمتعلمين لزج الجيل في بحر من الجهل والظلام والعودة به إلى العصور الحجرية … بل يمكن القول أكثر من ذلك : كم من متاحف أثرية نهبت ودمرت وكم من حضارات ضاربة جذورها في التاريخ حاول الإرهاب طمسها ودثر معالمها … و… و….
حتى النصب التذكارية لشخصيات مشهورة «شعراء – مفكرين – حطمت» .
وسورية كانت وستبقى مهد الحضارات والفكر والثقافة والعلم عبر التاريخ ، ومنها انطلقت الأبجدية الأولى إلى العالم …
وبعد سنوات الحرب كان لا بد من العودة للتأكيد على أهمية القراءة والمطالعة والتشجيع عليهما لمواجهة ما نشهده اليوم … والاهتمام أكثر بجيل المستقبل ،ومدارسنا كافة بمختلف مراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية وحتى الجامعية تزخر بالمكتبات إلى جانب المراكز الثقافية المنتشرة على امتداد رقعة الوطن .
وللاطلاع على واقع المكتبات في المدارس ودور الإدارات وأمناء المكتبات في تحفيز الطلاب على القراءة وإدراكهم لأهمية المطالعة واعتماد شعار «اقرأ» ، ومدى ارتيادهم المكتبات للاستفادة من معلومات الكتب فيها … وهل استطاعت المكتبات مواكبة التطور التكنولوجي بالتوازي مع تطور المناهج الدراسية وتعديلها … زارت العروبة عدداً من المدارس وأجرت اللقاءات التالية:
مع الطلاب
في إحدى المدارس لم يعرف الطلاب (البعض منهم ) بوجود مكتبة بالمدرسة وعلى حد زعمهم إنهم من محبي المطالعة .
أشار البعض إلى أهمية الحصول على المعلومة من الكتاب أكثر من الانترنيت نظراً لمصداقيتها من جهة ونظراً لأهمية الكتاب والبحث فيه .. فهي تتركز في العقل أكثر حسب رأيهم..!
وآخرون قالوا : إن متعة القراءة من الكتاب ذات نكهة خاصة ولا يمكن تشبيه تصفح الانترنيت بالمطالعة ..
وهناك من يؤكد دور المدرسة في حث الطلاب على ارتياد المكتبة والمطالعة و، مع ضرورة وجود نوع من التكريم والمكافآت ، بينما رأى عدد منهم أن بعض الإدارات لم تعط اهتماما لموضوع تشجيع الطلاب على ارتياد المكتبة لما في ذلك من إعتناء للفكر والثقافة .

محاكاة الواقع
مديرة ثانوية الجلاء شفاء بايرلي قالت : إن دور المدرسة في تشجيع الطالبات للإقبال على المطالعة واضح عن طريق المنشطة اللاصفية ، وإقامة برامج ومحاضرات حول أهمية علاقة الطالب بالكتاب كونه الأقرب له للحصول على المعلومة الصحيحة والمفيدة ..
وأضافت : نعمل ما أمكن على تأسيس قاعدة ثقافية لدى الطالبات ليكون لديهن القدرة على محاكاة الواقع مستقبلاً وتحليله وبناء شخصية مثقفة ومتزنة معاً ، من خلال تزويدهن بالكم المعرفي والتراكم الثقافي.
ونوهت إلى أن الثانوية تقيم حفلات تكريم دورية للطالبات المتميزات بالاجتهاد إلى جانب تكريم الطالبات اللواتي يرتدن المكتبة كثيراً ، واللواتي يقمن بتلخيص الكتب للإستفادة من مغزاها وذلك وفق إحصائيات تعدها أمينة المكتبة إضافة إلى العمل على تحفيزهن وتوزيع جوائز رمزية لهن .
وأضافت : كما نعمل دائماً على إجراء مسابقات بين الطالبات … لمن يرتدن المكتبة أكثر ولمن تلخص أكثر من ثلاث روايات أو كتب .. وهذا تقليد دوري شهري .
أرشيف الكتروني
فدوى سليخ أمينة المكتبة (إجازة جامعية ) قالت : لدينا في الثانوية مكتبة مؤرشفة الكترونياً فقط ومزودة بالقصص والروايات ومقررات متنوعة تهم الطالبات وزوايا مثل عجائب وغرائب وهل تعلم إضافة إلى مقررات تخدم المنهاج الدراسي عموماً كالعلوم والرياضيات واللغات العربية والإنكليزية والفرنسية وغيرها ..!
وأشارت إلى أن عدد الكتب الموجودة بالمكتبة يبلغ نحو 650 كتاباً ، وأن أكثر ما ترغب الطالبات في قراءته هو الروايات البوليسية والمغامرات .
ونوهت إلى أن نسبة الاستعارة من المكتبة تصل إلى 86 % ، وحاليا لدي ما يقترب من 800 طلب استعارة علماً أن عدد الطالبات 900 طالبة في المدرسة ونعمل على تخصيص مكافأة شهرية وتوزيع جوائز عينية كنوع من التشجيع للطالبات .
ونوهت إلى أن المدرسة خصصت جائزة تحت اسم « أنت الرابح معنا « إذ يسجل اسم الطالبة الأكثر ارتياداً للمكتبة بالسجل وتكرم أمام زميلاتها ، إضافة لجائزة أخرى تدعى الجائزة الأولى على مستوى القراءة والأولى على مستوى التلخيص .
وتضيف سليخ :لقد دخلنا العام الماضي مسابقة القراءة وشاركنا فيها مع رابطة تشرين الشبيبية وحققنا مراتب جيدة ومتقدمة .

قاعة خاصة للمطالعة
واقترحت تزويد المكتبة بخط انترنيت لتسهيل الحصول على المعلومة واستخدامها في الدروس النمودجية وخاصة أنه يوجد في المدرسة شاشة عرض .وضرورة تفعيل المكتبة الإلكترونية في أوقات الفراغ ،إضافة إلى تخصيص قاعة خاصة بالمطالعة وصيانة الحواسيب الموجودة .
إضافة إلى ضرورة إيجاد صيغة محددة وبسيطة وتسهيل الإجراءات لرفد وتزويد مكتبة المدرسة بمختلف أنواع الكتب وبإشراف الجهات المعنية .
وختمت أمينة المكتبة بالقول : نقوم بحساب نسب استعارة الكتب من خلال رسم مخطط بياني لقياس درجة الاستعارة وحركتها شهرياً لكل شعبة وأحياناً للطالبات أيضا ..

رفدها بكتب جديدة
وفي اعدادية الشهيد محمد زريبي التقينا مدير المدرسة محمد شيحة فقال :لدينا فقرة صباحية ضمن تحية الصباح يقوم فيها أحد الطلاب بالحديث عن أحد المواضيع المتنوعة سواء السياسية أو الاجتماعية أو التربوية أمام زملائه الآخرين ، وهم يستقون معلوماتهم من مكتبة المدرسة أو الانترنت .
كما تعمل إدارة المدرسة من خلال لقاءاتها المباشرة اليومية مع الطلاب على تحفيزهم على القراءة في وقت أصبحت فيه التكنولوجيا تطغى على العالم والحصول على المعلومة أسهل وأسرع بدلاً من قضاء الوقت والجهد في البحث عنها في الكتاب أو المرجع .
وأضاف : نعمل بالتعاون مع المدرسين على توجيه الطلاب وحثهم لاستخدام المراجع وارتياد المكتبة .
وفيما يتعلق بمواكبة المناهج الدراسية للتطور التكنولوجي قال : لم يتم إجراء أي تحديث على الكتب والمراجع الموجودة بالمكتبة وخاصة التي تتطلب وجود الانترنت .
أمينة المكتبة : سحر جنيدي ( إجازة في اللغة الإنكليزية ودبلوم تأهيل تربوي) تقول :
تذخر مكتبة المدرسة بالكتب ذات العناوين المتنوعة ما بين التاريخية والثقافية والتراجم والآداب العالمية والعلوم البحثية والتطبيقية والعلوم الإنسانية ، وأكثر الكتب المطلوبة لدى الطلاب في المرحلة الإعدادية الكتب الخاصة بالمغامرات والتحدي والقصص … و للأسف الإقبال ضعيف من قبلهم على القراءة مع انتشار مواقع التواصل الإلكتروني وسرعة الحصول على المعلومة ، مع ملاحظة تغير اهتمام هذا الجيل بما يخص المطالعة بشكل عام …
خط انترنت
وفي سؤال حول كيفية تشجيع الطلاب على ارتياد المكتبة والبحث في مراجعها تقول : نتحاور معهم ونشجعهم على المطالعة بالتعاون مع المرشدة النفسية خلال حصص الفراغ.. .
ونوهت أن الطالب اليوم يفضل ويستسهل الحصول على المعلومة من الانترنت أكثر من الكتب .
إذ يقوم بتحميل الكتب عن الانترنت بدلاً من العودة إلى المكتبة المدرسية واستعارة كتبها .
وتمنت لو يتم تخصيص قاعة خاصة بالمطالعة .. وتزويد المدرسة بخط انترنيت وبكل ما هو جديد من الكتب والمراجع و بقواميس خاصة باللغة الفرنسية .. فمنذ تأسيس المدرسة لم يتم رفدها بأي كتب جديدة خاصة بالمكتبة .

إعداد مشروع ثقافي
وفي ابتدائية عبد الفتاح النشيواتي , التقينا مدير المدرسة مكسيم الخضر فقال : الإقبال جيد وواضح من قبل التلاميذ على مكتبة المدرسة إذ خصصت الإدارة مكافأة للطلاب الأكثر قراءة وهي عبارة عن إهداء مجموعة قصصية تشجعياً له .
وفي كل درس لغة عربية يقوم المدرس بتوجيه الطلاب لارتياد المكتبة واستعارة الكتب وأسبوعياً تقوم الإدارة بإعلام التلاميذ بكل ما هو متوفر من الكتب في المكتبة .
كما تم تعليق قائمة مفهرسة لكل محتويات المكتبة على جدران كل شعبة صفية لإخبار الطالب والمعلم معاً وقد تم تزويد المكتبة مؤخراً بكتب حديثة ..
وأضاف : من جانب آخر وبهدف تشجيع المطالعة للحصول على المعلومة .. يطلب من كل طالب في المدرسة خلال كل فصل دراسي إعداد مشروع ثقافي يختاره بذاته ، وتعلق مشاريع الطلاب كل في صفه ، ويتم اختيار المتميز منها ليتم عرضه في معرض المدرسة ، ويتم تغيير هذه المشاريع العملية كل شهر بحيث يتسنى لكل طالب عرض مشروعه بالمعرض المدرسي ولتكن الفرصة متاحة أمام كل من يقدم مشروعاً .
أمينة المكتبة فايزة حسن (أهلية تعليم) تقول : نعمل بشكل دوري على حث التلاميذ ليتعرفوا على موجودات المكتبة من الكتب والروايات وكل ما يخدم العملية التعليمية من وسائل إيضاح وآلات موسيقية وتقنيات تعليم .
وأضافت : الكتب الموجودة قليلة العدد فهي لا تتجاوز 70 كتاباً كما أن قاعة المكتبة صغيرة خاصة أنه تم دمجها مع محتويات المخبر وأدواته ووسائل الإيضاح ، وتفتقر المكتبة إلى أدلة .

كلمة للمحررة
لابد من الفصل بين عمل أمينة المكتبة وأمينة ( أمين المخبر ) إذ أن معظم العمل للمكتبة والمخبر يقوم به ذات الشخص كما تم دمج محتويات كل منهما في مكان واحد .. لدرجة أنه يخيل للداخل إلى المقر كأنه غرفة لوضع كل ما لا يلزم إلا لحالات ما ..
اختصاص الإجازة في المكتبات أحد الاختصاصات الجامعية الهامة لم نجد أي أمين /أمينة مكتبة للأسف يحمل هذا الاختصاص .. فقد أحيل البعض ممن التقيناه «ولم ننوه إلى هذه الفكرة أثناء إجراء التحقيق الى عمل إداري أمينة مكتبة « بقصد الراحة إما لمرض اعتراه أو وصوله إلى نهاية خدمة أو إن عملية توجيه الطالب وحثه على المطالعة أمر ليس باليسير ولكنه ليس بالمستحيل .. وقد لاحظنا إن هذه المسألة متفاوتة بين مدرسة وأخرى ونتائجها ملحوظة وملموسة .. حبذا لو يتم عقد لقاءات بين إدارات وأمناء المكتبات الخاصة بالمدارس لتبادل الخبرات والمعلومات لأن مسألة القراءة كما أسلفنا أمر غاية في الأهمية وفي هذا الوقت تحديداً حيث يبتعد الجيل شيئاً فشيئاً عنها .. ولا يكاد يقرأ سوى المنهاج الدراسي المطلوب منه بهدف التحصيل العلمي فقط للأسف .
مازلنا اليوم في طور النظر بإعجاب ودهشة إلى الغرب حين نسمع عن راكب في قطار أو باص وهو يقرأ كتاباً .. أو عن مكتبة في الشارع العام وهي مجانية وشرط الاستعارة إعادة الكتاب .. أو.. أو ..
نبيلة ابراهيم
ت: الحوراني

المزيد...
آخر الأخبار