عطية مسوح .. الفلسفة في عصر العولمة

«الفلسفة في عصر العولمة» موضوع كبير يحتاج لمحاضرات وليس لمحاضرة واحدة لنقاشه، نحن اليوم في فرع حمص لاتحاد الكتاب ليحدثنا الباحث عطية مسوح عن هذا الأمر سنتناول بعض ما ورد فيها:
طرح الباحث عطية مسوح موضوعاً شائكاً وإشكالياً في محاضرته المعنونة ب (الفلسفة في عصر العولمة ) في مقر فرع اتحاد الكتاب العرب حيث بدأ محاضرته بتساؤل مشروع عن عدم ظهور فلسفات كثيرة خلال المئة سنة الفائتة ، و لم تظهر تيارات فلسفية جديدة كتلك التي ظهرت في القرون الثلاثة التي كانت الفلسفة فيها بمرحلتها الذهبية وهي القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر؟ إنه سؤال جدي ومهم، ويتوقف على محتوى الإجابة عنه تحديد الموقف من الفلسفة ومستقبلها.
لقد استنتج كثير من الباحثين في الفلسفة والعاملين في حقلها بأن الفلسفة انتهت أو هي في الطريق إلى الانتهاء في عصرنا الذي هو عصر العلم ، عصر الحقائق المادية الصريحة المليئة ، ويرى القائمون بذلك أن العلم هو القادر على الإجابة عن أسئلة الحياة الإنسانية، ومنها تلك الأسئلة المتعلقة بقضايا الكون والتطور والمصير، أي بكل ما كان البحث فيه شأناً فلسفياً وما يعجز عنه العلم فلن تقدر عليه الفلسفة.
وأضاف: لماذا لم تظهر فلسفات أو تيارات كبيرة في الأعوام المائة الماضية؟ ستكون إجابتي عن هذا السؤال مختلفة أو مخالفة لمعظم الإجابات التي قدمها ويقدمها الباحثون في الفلسفة والعلم في أيامنا ،فالإجابات التي سأخالفها تُجمع أو تكاد على اضمحلال أو تراجع قيمة الفلسفة وفاعليتها في عصرنا، بسبب عدم حاجة الناس إليها أولاً وفشل الفلسفات الكبيرة في الوصول إلى استنتاجات مقنعة في مجال القضايا المصيرية الكونية ثانياً ، و إن عدم ظهور فلسفات كبيرة في أكثر من مئة عام، يؤكد أهمية الفلسفة بوصفها حاجة إنسانية حقيقية ، لأنها كذلك فهي لا تظهر قوية عملاقة إلا حين تضع الحياة أمامها مهمة كبرى ، مهمة اجتماعية تاريخية مهمة لا تتحقق إلا بإسهام الفلسفة الخاصة والثقافة بعامة ..
لقد ظهرت الفلسفات الهندية والصينية والمصرية واليونانية في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد واستمرت في الظهور والتبلور والتكامل والاكتمال عدة قرون وهي في جوهرها تمهد وتواكب وتسوغ علاقات المجتمع العبودي ، وتشكل المعادل النظري له إنها فلسفات معرفة وقيم، ولكن أية قيم؟ إنها قيم السادة الذين يتحكمون بالمجتمع تحكماً منظماً دقيقاً، ويرسمون حدود ديمقراطيتهم التي لا تتجاوز تنظيم العلاقات بين السادة والأحرار، ويحترمون هذه القيم إلى أبعد حدّ.
ولدت الفلسفات القديمة ، ولا سيما اليونانية ، تعبيراً عن حاجة اجتماعية/مجتمعية، (استخدم كلمة «اجتماعية» للدلالة على العلاقات بين أبناء المجتمع، وكلمة مجتمعية « للدلالة على حاجة المجتمع إلى النهوض والتقدم، أو على مصلحة مجتمعية عامة)هي تسويغ نظم العبودية، والإسهام في ترسيخها ..
وإضافة إلى تلك الحاجة الاجتماعية والمجتمعية، أثبتت الفلسفات القديمة حاجة أخرى، هي حاجة الإنسان إلى التأمل والتفكير بما حوله ، وبمصيره بعد الموت.
ولأن تلك الفلسفات جاءت تلبية وتعبيراً عن حاجة ، لأنها واكبت تطور المجتمعات التي ظهرت فيها، فهي ذات طبيعة تقدمية ، لذلك حققت ديمومة الحضور والتأثير وهي ما تزال حاضرة في فكرنا الإنساني إلى يومنا.
سلوى الديب

 

المزيد...
آخر الأخبار