تحية الصباح…في انتظار كوكو

اسمحوا لي أن أدلل وأغنج الكهرباء وأدلعها بكوكو .
فو الله إن التدليل والتغنيج والتدليع وكل مفردات التدليس والتلميس تليق بها .
وهل ننتظر أو ننتظر أحداً كما ننتظر الكهرباء .. عفواً : كوكو ؟!
وأقسم لو أني أمتلك موهبة الكاتب البريطاني – صموئيل بيكيت – الذي أبدع مسرحية : – في انتظار غودوت – لكتبت عشرات المسرحيات العبثية أو اللامعقولة .. منها : في انتظار كوكو , في انتظار ميمو أي المازوت . في انتظار غوغو أي الغاز , في انتظار نيني أي النت .. وقد تكون مسرحيتي الأخيرة : في انتظار الانتظار .
وإذا كانت مسرحية – في انتظار غودوت – لصموئيل بيكيت تضم شخصيتين رئيسيتين تنتظران – غودوت – الذي قد يأتي وقد لا يأتي , فإن ملايين المواطنين السوريين ينتظرون «كوكو »فربة المنزل السورية تنتظر كوكو على أحر من الجمر لأن الغسيل تراكم وهي لا تملك قوة عضلية لتغسله على يديها , ولذلك عينها على : كوكو – لتنقض على الغسالة وتدير مفتاحها .. وفي انتظارها المديد كثيراً ما حسدت جدة أبيها التي كانت تأخذ الثياب معها الى ساقية الري قرب الملعب البلدي – جورة أبي صابون – ومعها المخباط والشنان والصابون وتغسل الثياب هناك غير خائفة من – أبي صابون – طائر الغراب الذي يخطف ألواح الصابون في غفلة من أعين غاسلات الثياب .
والمدرس ينتظر كوكو بشوق لا حدود له لأنه يريد أن يرقن أسئلة الامتحان على جهاز الكمبيوتر , وينزلها على فلاشة لأن الادارة تريدها هكذا ولم تعد تقبلها مكتوبة بخط اليد ولو كان كاتبها الخطاط عدنان الشيخ عثمان أو دري , ولا أنكر عليها هذا الحق فنحن في القرن الحادي والعشرين ولم نعد في زمن شيخ الكتاب وألف لا شيء عليها والباء واحدة تحتها والتاء اثنان فوقها .. ولذلك على المدرس أن يستمطر الرحمات على روح العالم – أديسون – أو يقرأ الفاتحة على روحه كما كان زميلنا وصديقنا الأستاذ سرور العبد الله يفعل عندما تنقطع الكهرباء في غرفة الصف وكان الطلاب يشاركونه قراءة الفاتحة على روح – أديسون – وتضيق الأوراق عن استيعاب السوريين المنتظرين للآنسة : كوكو . من مهنيين وحرفيين وصناعيين ورجال أعمال وناس طيبين ينتظرون على بوابات البنايات العالية لعل المصعد الكهربائي تلمع عينه بعد انطفاء , فو الله لقد ألغيت زيارة هامة لصديق غال لأنني غير مستعد للصعود الى الطابق السادس مئة وأربع وأربعين درجة بالتمام والكمال ولا أدري لماذا أخطأت ووصفت – كوكو – بالآنسة وهي سيدة محترمة ولود فما أكثر أبنائها وبناتها والمنتسبين الى عائلتها : فالمذياع كهربائي والتلفاز كهربائي والمصعد كهربائي , والمسجلة كهربائية والغسالة كهربائية والدراجة كهربائية والمكنسة كهربائية.وتطول قائمة اسماء عائلة « كوكو» حتى يصعب حصرها . فيكف أصفها بالآنسة وهي سيدة ولود ؟!
أعتقد أن سبب وصفي لها بالآنسة أنها في بلادي قد تكون عاقراً أو وصلت سن اليأس فلم تنجب طاقات كهربائية بديلة نظيفة ورخيصة من شمس ورياح وأمواج .. ولذلك تعاني من العصبي الرعاش – الباركنسون – والتصلب اللويحي والزهايمر أو الخرف المبكر .. والله الحديث عن الكهرباء أو السيدة « كوكو »في بلادي يكهرب الإنسان بطاقة التوتر العالي على الرغم أن الكهرباء في خطوطنا نادراً ما تتجاوز المئة والثلاثين فولطاً.!!

د. غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار