كل شخص يلتقط صورة ما يراه بشكل مغاير لشخص آخر في لحظات نفسية متباينة لتتشكل مجموعة من المتناقضات ..
فبينما كانت صورة المطر توقظ لدى البعض عالماً حلواً قديماً , يشكل اليوم عند الأغلبية هماً من هموم الحياة الصعبة ..
هذا ما كنت أفكر به وأنا أتجول في طرقات مدينتي التي استحالت بعد هطول المطر بغزارة الى برك مائية تتسع وتكبر لتغمر الشوارع , وتلطخها بسواد ما تحتويه من مياه الصرف الصحي التي أخذت تتسرب من قساطلها المهترئة مياهاً آسنة فلم يعد بمقدورها تصريف المياه بشكل صحيح وانتشرت الروائح الكريهة بشكل خاص في الليل , مما يحرم الأهالي النوم , ضاجين ليلاً نهاراً لا يعلمون بأية حفرة مظلمة سيقعون ..
هي مشكلة تتفاقم مع كل دقة ساعة ندور معها في حلقة مفرغة لاهثين وراء تأمين خدمات الشتاء المفقودة , لتنضم هذه المشكلة وتتحالف مع مشكلة ندرة مازوت التدفئة والغاز والكهرباء و..و.. رحم الله زماناً مضى وانقضى كنا ننتظر فيه المطر ليبدع في أرض طيبة نتغزل به عند نافذة تطل على حديقة مورقة خضراء بينما اليوم بتنا نرقب السماء وهي تلملم فلول غيمها آملين بزوغ نهار جديد تزينه خيوط الشمس الحنون وهي تتسلل الى نوافذنا وتخترقها لتدفئ البيوت الباردة وتساهم في تجفيف شوارعنا الغارقة بالوحل والطين الذي تسرب الى البيوت الأرضية الواطئة وأتلف ما غلا ثمنه من أثاث المنزل يتطلب معه شراء أثاث جديد في أيامنا الطافحة بالغلاء حيث لم نعد نرى في فصل الشتاء سوى حفنة من دخان ضبابي ثقيل جعلنا نتأرجح بين عذاب اليأس وسكينة الأمل بعد أن انطلقت أصواتنا باحتجاج قاس لترميم النقص الذي يشتد بشكل خاص في هذا الفصل … لكن ما من مجيب …
عفاف حلاس