ما بين زحام غيوم شتاء داكنات ، و زحام إرهاصات تتواشج فيما بينها ووقائع الرّؤى في مطالع تأمّلات لعام جديد ، وتساؤلات أحلام و آمال يتشاطرها زمان يمرّ ما بين ماضٍ يحزم حقائبه صوب سفر غائب في كهوف لتضاريس أزمنة ترامت على عتبات الدّهور، وما بين حاضر يمخر عباب القادمات من شهور و فصول وتتالي أيام ، و مآله مصير سابقه في ومضة عبر معياريّة الصّيرورة الوجوديّة الرّاحلة أبدأ حيث المدى آفاق و آفاق. يتدرّج المنصرم رويداً رويداً من صقيع إلى صقيع ومن بلد إلى آخر فيتراءى الزّمان تفاصيل كرة أرضيّة ، تخوم سكناها حزم ساعيّة شمسيّة وخطوط طول و عرض ، وقاطنوها جيران في زمالة مصير بالمعنى الإنسانيّ والوجوديّ ضمن فلسفة الحياة في ثنائيّة الوجود والعدم ويقرأ قوم في بلده أو قسم من قارته تعاقب المتحول إنساناً وزماناً سنيناً وأعواماً ، وما بينهما الإنسان بكينونته الوجوديّة الإنسانيّة ، ويقرأ ببصيرة العاقل الحذق فلسفة التداعيات في أحضان مهابة هذا الكون الرّحيب ، ويقرأ في خزائن الضّمير كشف حساب ما بين الأنا و الإيثار ، والخاص والعام والذاتي والموضوعي وما بين قحط أصاب جفاف الروح في جفاء الود ، ومأساة الرحيل في مكابرة الوداع ، وخزي النّميمة في وجع ممضٍ من شجع ، وفظاعة الموات في مطالة الرّوح وفتوة الجسد على منعطفات الكسل وإجرائية الدوام على حساب قيمة بلاغة العمل ، وقرع أجراس الفرح على وقع الخطا صوب كل جميل . ومع انتصاف اللّحظة الفارقة ما بين ماضً ضمن قراءة وعياً وحاضر تنهض الشّهب ألواناً ، وتعلو السّماء أشكالاً ، وتحاكي النّجوم استعارة أضواء لأضواء ، ومطارف العيون بهجة أغاريد ونبض رجاء وثراء أمنيات ملونة مثل تلك الشّهب صدى للغافيات الرّاقدات في أحضان القلوب الطافحة بالنبل والرقي والسمو أصالة حب ومحبة لخير عميم ينتظم الدنا سعادة فرح و اغتباط طمأنينة وسواد عدل و فساحة قيم جياشة بالعواطف الإنسانية النّبيلة في مواجهة الشّجع طمساً له ، وفي تعزيز الطّموح غرساً له في مهاد الجهد والكفاية و الكفاءة سقيا الضّمير الصّاحي في مقاربة ما ينضح بالعبق الإنسانيّ تعاضد إنسان لإنسان دفعاً لكل مظاهر الشر والعدوان من استعمار وصهيونية وغزاة و دخلاء وكل غرائزية منغلقة ومسيسة لا تعرف للحياة معنى إلا الدمار والخراب والهلاك والجهل والتخلف والجشع ، نحن على أعتاب الألفية الثالثة وعصر التدفق المعرفي والحتمية التقنية والأقمار الصناعية ودنيا مكثّفة التواصل عبر مسمى القرية الكونية والسباق لأجزاء الأجزاء في وعي التقانة والمعلوماتية و أجيالها المتسارعة متواليات هندسيّة لا حسابيّة ، حيث الفجوة الرقميّة . إنّه العام الجديد يدعونا ، نحن أبناء المعمورة إلى العمران تواصل حضارة إنسانية فيها غنى التثاقف لا همجية التصادم ، وسعادة عطاء لا الحروب والويلات نلحظها زادا لقوى الاستعمار إيجادا لها و تسعيرا لها ناراً تحرق الأخضر واليابس ومشاريع مدمرة ومؤامرات دونية التصورات و الأهداف لأنها نتاج عقول الموت والدولار والتآمر والخراب ، وعلى مستوى الأمة العربية إنتاج وعد بلفور وسايكس بيكو وفوضى خلاقة لاجهاض وتقويض كل استقرار وتطور وتقدم و صفقة القرن وإشغال الشعوب عن المضي قدماً في مسيرتها النهضوية وتوكيد استقلالها وسيادتها والعمل على تهديم البنى المعرفية والثقافية و العلمية ، والجمالية لأوطانها ، إن استطاعت ضمن ثقافة الرجل الأبيض و الترويج لها . إن العام الجديد حاضر في الضمير المبدع الخلاق – كعادته – وعي بناء ونباهة حضور لذهنيّة عاقلة منفتحة مثقّفة تنتمي إلى الحياة الحرة النّقية ذات المضمون الرّاقي لمعنى التجذر والانتماء للحياة والإنسان والوطن والمواطنة وترجمة ذلك له كل إنتاج وجمال كل ابتكار ، وعظمة كل قيمة مضاعفة فيها له نسب يوشي كلّ صرح للعطاء و الخير و المحبة والسّلام وذهول فيض الطافح بركة من مكارم الأخلاق جودة في كل عمل ورقياً في تواصل ، وتميزاً في توكيد كلّ تقدير فتراه ناجحا بفرح عبر نجاح غيره ، فإشراقة الشّمس تتملّى بها الجباه الواعيات وتتنضر بها الوجنات وتزغرد العيون بلحاظها ، فما تقوله لغة العيون يعجز عنه اللّسان . إنه العام الجديد يطل علينا و نطل عليه تواجد تماه ما بين زمان يمضي و إنسان غنيّ البذار حروفاً ، كلمات ، ألواناً ، مهناً و أعمالاً في كلّ صعيد و إبداعات ومواقف في حيثيات تفاصيل حياة خاصة وعامة حقاً منا فيه القاسم المشترك إرادة الخير والعطاء والواعدات آمالاً بكلّ خير للجميع عافية في الأبدان و سلامة للوطن و انتصار يورق نعماء محبّة ودوام إنجازات إرادتها إنساننا في شمولية الفيض والخير والمحبة والعطاء .
نزار بدّور