تتعثر جهود المعنيين في إيجاد تسعيرة نظامية تمهر بها فواتير المشافي والعيادات الخاصة , فمقابل تيسير أية خدمة صغيرة في مشفى خاص تحتاج الى وضع راتبك جانباً مقابل تنفيذه , ونادراً ما تتناول المحاسبة والرقابة شكاوى مواطنين أبدوا تظلمهم جراء تقاضي مبالغ خيالية لقاء خدمة إنسانية اسعافية في مشفى خاص وهذا ما أعطى هؤلاء الحماية من فرض أسعار خيالية.
فالمواطن بحاجة لدعامة طبية صحية تحمل أوزار عملية جراحية أو استطباب لعدة أيام أو أي إجراء طبي إسعافي بسيط .. لكن للأسف هذه الدعامات إن وجدت لا تسمح لك – أنت المريض بالمرور ولو مرور الكرام الى المشافي الخاصة لان فواتيرها لا ترحم حتى وإن ترحمت على مريضك وجاء أجله إثر عملية جراحية ستدفع الفاتورة بمئات الألوف..
الكثير منا يتوجس خيفة من دخول المشافي الخاصة أخذاً بنصيحة مجرب , لكن « مكره أخاك لا بطل » تضطر أحياناً للجوء الى أقرب مشفى خاص لبيتك بعد أن تعذر – مثلاً – إنزال حرارة ابنك الصغير بالدواء نتيجة كريب حاد – رشح وبدخوله يبدأ العد , تدفع خمساً وعشرين ألف ليرة سورية قبل أن يدخل مريضك اليوم الثاني . يعني مكوثه لعدة ساعات بعدها سيتضاعف المبلغ إلى خمسين ألف ليرة سورية هذا فقط لإنزال حرارة ابنك ووضعه تحت المراقبة لعدة ساعات ولا تسأل عن حوادث السير التي يضطر فيها المسعفون الى اللجوء لمشفى خاص لإنقاذ حياة مصاب يحتاج الى تضميد جراحه .. القائمون على المشفى يقولون لك نحن لسنا جمعية خيرية كي نعمل ببلاش .. لذلك لا تضع نفسك في موقف محرج وعد للمليون قبل الدخول وتمريك مئات الألوف على حسابك ..
وهنا نسأل عن فرص العلاج المتاحة للمواطن بما يتماشى مع دخله .. قد يكون الجواب بأن المشافي الحكومية جديرة بالمواطن ذي الدخل المحدود والمهدود , وهي المخرج الوحيد له في وعكاته الصحية , لكن في ظل أزمة أخرجت الكثير من الصروح الطبية عن الخدمة وزادت الأوضاع المادية تفاقماً وصعوبة فإن الضغط على المراكز الصحية الحكومية كبير , وهذا انعكس بدوره على مستوى الخدمات التي يتعذر توفيرها بالسرعة القصوى للمريض في المشافي الحكومية من تحاليل وتصوير وتشخيص وعلاج والانتظار يفاقم الحالة ضعفاً وتهالكاً..
وباعتبار أن صحة وسلامة المواطن أولوية , جدير أن نرتقي بالخدمات التي تقدم في مشافينا الحكومية .. فعوائق كثيرة لا تحتاج سوى روح المبادرة والاجتهاد وتقديس العمل .. لا نحتاج في كل مرة البكاء على الأطلال وتعليق كل التأخير والتقصير وقلة الضمير وأنانية الطبيب على شماعة الأزمة .. الأزمة لا تغير الضمير ولا الأنفس ,..
الوفاء لهذه المهنة الإنسانية كفيل في نطاق المتوفر والموجود بالارتقاء بعملنا الإنساني النبيل ..
تعلمنا في كتبنا المدرسية أن الأطباء مهيئون بالفطرة للعمل الإنساني والطبيب راهب في محراب مهنته , رحماني إنساني , عاطفي لكن المعضلة غير القابلة للتصديق هي الجشع الذي غزا مفاصل هذه المهنة الإنسانية الراقية ..
لانريد خلط الأحكام ولكن جدير بالشريحة التي تكلمنا عنها في هذه المهنة الإنسانية النبيلة أن يقوموا بتنظيف قلوبهم وتعقيمها وتهويتها قبل أن يضمدوا جراح الآخرين ..
وسنضع ثقتنا في نزاهة الأطباء الشرفاء الذين يجنحون الى الخير والعمل الإنساني النبيل والشريف.
العروبة – حلم شدود