قديم أنت أيها العام الجديد … قديم بطقوسك المتكررة ولياليك الباردة ونهاراتك المتلونة بلون الأشخاص …. قديم بنظرات الأمل والتفاؤل التي يحملها الناس إليك فتراهم يستقبلونك بالطبل والزمر مع أنهم بذات الطبل والزمر قد ودعوا سابقك .. قديم أنت أيها العام الجديد ..قديم بشخصياتك الحقيقية والمزيفة ومنها بابا نويل الذي راح يجمع المال من الأطفال بدلاً من أن يعطيهم وحوله أشخاص يلبسون الأقنعة .. والكل يرقص حول بابا نويل وبأيديهم أجراس تقرع باستمرار والبابا نويل يوزع أكياساً فيها هدايا بثمن قد حمل فيه ثمناً للأقنعة وثمناً للأجراس وثمناً لضربات الطبل والناس فرحون لابأس عليهم وكأنهم اعتادوا أن يعطوا المال باستمرار لأصحاب الأقنعة والأجراس وأصحاب الطبل والزمر ..
في الماضي كان حفل استقبال العام الجديد وقفاً على الطبقات الميسورة لكن اليوم صارت عادتنا في كل الأحياء فترانا نعطي مدينتنا بالكامل حلل البهجة والأفراح بيوتاً وأرصفة ومقاه ومطاعم .. فالكل مبتهج والعرس كبير والفرق كبير بين الشكل والمضمون فالناس إما سعداء بهذا اليوم أو حتى في غيره وآخرون يتوهمون أنهم سعداء فيهيئون من هذا اليوم وهماً جديداً يخدعون أنفسهم به ..وآخرون يصرون على الهرب من حياتهم بمناسبة أو بدون مناسبة فيبدؤون ليلتهم هذه بكاس إثر كأس يفرقون فيها كل ما عجزوا عن مواجهته وهم صاحون ..
وأياً كان الأمر فإن الاحتفال بهذا اليوم إصرار منا بأن رغم الضائقة المادية
ما زلنا نتفاءل ..وما زلنا نملك أسباب الفرح ..وأسباب الأمل ولعل المفرح أيضاً أننا في هذا العام لاحظنا انخفاضاً في عدد الأشخاص الذين أطلقوا العيارات النارية مقارنة بسنوات سابقة ..ولعل ذلك دليل تقدم في الوعي في التعامل مع المناسبات ..ودليل آخر أننا بدأنا ننفر من أصوات إطلاق النار ..
الجديد فيك أيها العام القديم الجديد أن خطوط الزمن في الوجه قد زادت أكثر مما يجب أن تفعله السنة الواحدة وكأن الأيام تتعاون مع باقي الأزمات لتعمق أخدوداً ..أو توهن عظماً أكثر مما يجب..
إننا اليوم نضيف سنة في الروزنامة ..وفي التاريخ ..وفي الأمجاد فما حققه شعبنا و جيشنا وقيادتنا الحكيمة لهو تاريخ آخر يمكن للزمن أن يتوقف عنده ..وأن يبدأ منه عد الأيام فسنوات الامتحان القاسية قد مرت و سيكون العام الجديد عام إعلان نتائجها المشرفة وحصاد مازرعناه بهمة جيش بطل وشعب صابر وقيادة شجاعة ..ولعل العام القادم عام ليس بقديم جديد ..بل عام جديد جديد .
يوسف قاسم