تأجيــر الشهــادات

الصيدلة علم يبحث في العقاقير وخصائصها وتركيب الأدوية وما يتعلق بها وهي مهنة تربط العلوم الصحية مع العلوم الكيميائية وتكون مسؤولة عن ضمان الاستخدام الآمن وفعالية المستحضرات الدوائية .
ومهنة الصيدلة تشمل العديد من الأعمال ، كتركيب الأدوية وصرفها ، وتقديم الخدمات الحديثة المتعلقة بالرعاية الصحية ، وبالأدوية وسلامتها وتوفير المعلومات عنها .
والصيادلة هم الخبراء في العلاج بالعقاقير والمهنيين الصحيين الأولين الذين يحددون الاستخدام الأمثل للدواء من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية للمرضى وحتى يتمكن الصيدلي من القيام بهذا الدور فهو بحاجة إلى دراسة الكيمياء الحيوية والرياضيات والتشريح و .. فعليه التأكد من دقة المعلومات بالنسبة للدواء الذي يصرفه ، والطريقة الصحيحة لتناوله بما في ذلك الأوقات المناسبة وشرح الآثار الجانبية السلبية للدواء إن وجدت، وعليه معرفة القضايا القانونية والأخلاقية، وكيفية توجيه المرضى والتفاعل معهم .
لذلك ومع التطورات العلمية والطبية الحديثة لم يعد الصيدلي مهمته معرفة المعلومات الأولية فقط في بيع الأدوية فمطلوب منه أن يتمتع بمعرفة واسعة بالكثير من العلوم المتعلقة بصحة البشر عن طريق البحث الأكاديمي والتدريب المهني العالي المستوى للتمكن من تقييم استجابة المريض للأدوية الموصوفة،وتقديم المشورة للمرضى ..
في الماضي كان عدد الصيادلة قليلا ً جدا ً، وكانت الصيدلية مكانا ً هاما ً لتركيب الأدوية الضرورية بعد المشاهدة العيانية لحالة المريض ، والاستماع إلى مايقوله ويشرحه والآلام التي يعاني منها ، أي أن الصيدلية كانت مكانا ً لتصنيع الدواء، ومخبرا ً كيميائيا ً لاكتشاف مدى تفاعل هذه المواد مع بعضها البعض وبالتالي الآمال المرتجاة منها .
أي أنها الدور الأساسي والمكمل للعيادة الطبية، حتى أن الكثيرين كانوا يتوجهون إلى الصيدلي مباشرة للإطلاع على الحالة ووصف الدواء وتقديمه للمريض .
وفي هذه الأيام خرجت جامعاتنا المئات من الصيادلة إن لم نقل الآلاف ، ولاشك أنهم يمتلكون خبرات جيدة ، لكن هل يستفيدون هم والمرضى من هذه الخبرات؟ مما يؤسف له أن بعضهم تحول إلى بائع للأدوية بالدرجة الأولى، وإذا كان يجيب على أسئلة المريض حول الدواء فإن الإجابة تكون إجابة أي تاجر يبيع مادة ، ويعمل على تصريفها وشرح المزيد عن ميزاتها و ..
ليس هذا وحسب فالبعض من الصيادلة لايعملون في مهنتهم ، وإن كانوا يستفيدون من شهادتهم بتأجيرها بمبلغ متفق عليه شهريا ً ، ليقدمها المستثمر للجهات المعنية عند افتتاح الصيدلية، لأن المطلوب وهو الأمر الطبيعي أن من يعمل في الصيدلة يجب أن يكون حاصلا ً على شهادة الصيدلة فعلا ً .
أما مايجري فهو أن البعض يتعامل بهذا الموضوع كمعاملته مع أي مشروع تجاري ، والمهم عنده هو الربح بغض النظر عما يمكن أن يحدث من ضرر للبشر الذين يتعاملون مع الصيدلية، ولذلك قد نجد من يبيع الأدوية في الصيدلية شخص لاعلاقة له لا من قريب ولا من بعيد في هذا الموضوع، وبعضهم يحمل شهادة الثانوية فقط ، وقد نجد بعضهم يدعي الممارسة الطويلة ، ولذلك يبدل الدواء الذي وصفه الطبيب بدواء آخر على أنه من نفس التركيب ولو سألته عن التركيب فلن يجيب لأنه لايعرفه ، ولكن يعرف أن عليه أن يبيع ليربح صاحب الصيدلية أكثر ، هذا الأمر غير مقتصر على الريف البعيد ، وانما امتد الى المدينة.
هذه مسألة إنسانية، و علمية و .. يجب الانتباه إليها وعدم التساهل بهذا الأمر لأن فيه صحة البشر التي هي أسمى مايهدف إليه أي إنسان أو جهة صحية، وإلا فقد يلجأ المهندسون والأطباء و .. إلى تأجير شهاداتهم .
أحمد تكروني

المزيد...
آخر الأخبار