مامو … قصائد ترسم الضوء وتمجد الحب وتصنع الحياة …!!

تعرف الومضة الشعرية بأنّها قصيدة الكلمات القليلة التي تدهش المتلقي ..تكثيف لغوي وفكرة مدهشة وصورة فنية .فكما وميض البرق يجذب الأنظار ،خلال ثوان ،وكذلك هي (قصيدة الومضة )تدهش المتلقي ،قارئاً أو مستمعاً ،بجمال كلماتها وبلاغة فكرتها وحركة صورتها .
هذه الومضات الشعرية نجدها في جزء كبير من قصائد مجموعة (مامو )الشعرية الصادرة حديثاً للشاعرة خديجة الحسن ،التي تفتتح كتابها بومضة بعنوان (قاسمتك الكواكب )وهي :
قاسمتك الكواكب
والأنجم السمر
وسميتك
بداية البدايات
وخواتيم النهايات
واللافت هذا العنوان (مامو )ومامو هي آلهة الاحلام عند السومريين ورمز للحب والحياة
وبالعودة إلى القصيدة –الومضة نقول إنّها شكل شعري حديث ،نسمة عطر عابرة ،مشهد شعري مدهش ،يحتاج على تمكن من اللغة أولاً ومهارة في توظيف الكلمة في خدمة الفكرة والصورة الشعرية المدهشة .نقرأ قصيدة (إلى الياء ):
أبكي
بكل الدمع أبكي
فالمطر ابتعد
والزيتون يذوي
ومساءات العيون حكايات
سرقها الغريب
الإدهاش الذي يحمله السطر الأخير (الكلمتان الأخيرتان )هما قفلة الومضة المدهشة فالقصيدة الومضة مهارة شعرية تنبض كلماتها بالحياة والدهشة والفكرة الصادقة والصورة الفنية الرشيقة .تقول في قصيدة (شرار الحب ):
في صقيع الشمس
وظلمات الفراديس
الماء يبكي
أسراب النسيان
تخاطب غابات
أمر بهودجي
أحيي رفات الصدي
فيطاردني الظلام
أصعقه بشرار الحب
ولعلّ عبارة (أصعقه بشرار الحب )تحمل المعنى وتدهشنا به في (قفلة )القصيدة الجميلة ،حيث الظلام يبدد شرار الحب ّ فالظلام رمز للقهر والبؤس والحب رمز للحياة والفرح .وهكذا هو الشعر يصنع الحياة أو يعيد صناعتها لتبدو جميلة كي تعاش .لقد أحسنت الشاعرة توظيف المفردة الشعرية لا سيما في ذكرها ،في كثير من القصائد،للثنائيات الضدية (الحياة الموت ،الحب ،الكره ،الظلام …الشرار …)
أما قصائد الشاعرة خديجة الحسن الطويلة بعض الشيء والتي لا تنضوي تحت عنوان (الومضة الشعرية )فهي لا تقل إدهاشاً ونبضاً بالفكرة والصورة والكلمة الموحية عن ومضاتها .ففي قصيدة (هديل رواية واحدة )على سبيل المثال.
صوت المتكلم في القصيدة يعلن انتصار الحياة في وجه القهر والتقت ويأتي توظيف الرم التراثي ليزيد من وهج الفكرة والصورة .ففي كل قصائد الشاعرة يكون الظلم مؤقت وطارىء وزائل لا محالة لأن الحياة ،بمفرداتها ،تنتصر بإرادة الانسان الواعية .نقرأ من قصيدة (هديل رواية جديدة):
أنا أتيت لأفرح
لأراقص الجنون
وأضع أسطورتي
أتيت للخبز
للماء ،للملح ،لطعم شفتيك
وفي قصيدة (في حمص )نرى التفاؤل الشعري ،الذي هو قيمة أخلاقية وإنسانية ،في الشعر ،حيث الوطن ينتصر بأبنائه …وتثير القصيدة النخوة في النفوس وتزرع التفاؤل.
نقرأ :
لماذا يا ليل حمص
تغطي وجهها المحفور في قلبي بالدم
لماذا خضبت أيامنا بالهجر
هي الأقلام تعرف الحكاية
تعرف أن دم الفقراء
سيفتتح درب النصر
رعداً يوقظ كل نخوة نائمة
الشاعرة خديجة الحسن ،في مجموعتها الثانية /مامو /بعد مجموعتها الأولى (مرايا الروح )تنقش اسمها على صخرة الشعر ،لغة جميلة وخيالاً خصباً ملوناً وأفكاراً إنسانية …تنحاز للناس العاديين وكل العاملين على زرع الابتسامة وصناعة الخير ونشر الضياء في وطن الشمس والحب والكرامة .
عيسى اسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار