لم يكن الرسامون القدماء رسامون فحسب بل كانوا يدعمون موهبتهم بدراسة علم البصريات وعلم التشريح البشري حتى يتسنى لهم رسم الإنسان بتفاصيل جسدية دقيقة ، فالفنان ليوناردو دافنشي من أهم العباقرة في تاريخ البشرية وفي عصر النهضة تحديدا فقد كان رساما ونحاتا وباحثا علميا ، ورسام خرائط ومنشورات علمية ، لأنه كان يهتم بعلم البصريات وعلم التشريح البشري اللذان ساعداه على إنجاز أهم اللوحات الفنية والتي لازالت حديث العالم حتى يومنا هذا ومصدر تساؤلاته ومن أهم هذه اللوحات لوحة الموناليزا ولوحة العشاء الأخير.
وكلا اللوحتين كانتا محط تساؤل العلماء والمفكرين وأعطى العلماء تفسيرا لذلك أن دافنشي صور يوحنا على أنه شاب يافع جدا لم تنبت لحيته بعد ، فيبدو بملامح أنثوية كما كانت تُرسم شبان إيطاليا في ذلك الوقت ، مع العلم أن الكثير من الرسامين في ذلك العصر كانوا يرسمون شباب في لوحاتهم بمظهر أنثوي .
واللوحة الثانية التي أثارت جدل العالم وتساؤلاته هي لوحة الموناليزا التي تُعد أشهر اللوحات العالمية التي رسمها دافنشي وأجملها ، وهي محفوظة في متحف اللوفر الفرنسي وراء لوح زجاجي مضاد للرصاص خوفا من سرقتها ورغم اعتبارها اللوحة الأجمل في العالم ، إلا أن علم النسبة الذهبي الذي يتمثل بمعادلة رياضية ابتكرها اليونان الإغريق ، أكد خلاف ذلك فقد اعتبرها اللوحة الثالثة الأجمل في العالم لأنها لاتحقق نسبة الجمال العالية ، فوجه صاحبة اللوحة وجهٌ عريض ورجولي مع ملاحظة ضعف في تشكيل العينين ، ولكن جمال اللوحة نابع من سر ابتسامة صاحبة الصورة وبراعة فرشاة دافنشي في رسمها .
مايكل أنجلو الفنان العبقري والنحات العالمي كان يهتم بعلم التشريح منذ أن كان في سن السادسة عشر ، فأغلب لوحاته تصور الإنسان عاريا ، ومبالغ برسمها ، ومن أهم لوحاته لوحة محفوظة في كنيسة سيستينا في القصر البابوي لتكون إرثا فنيا حضاريا خالدا ، وقد أوضح العلماء التشريحيون أن اللوحة رسمت ضمن شكل هو أقرب إلى شكل الدماغ وهي تمثل العصب الموصل من الدماغ إلى العمود الفقري للإنسان ، يحاول أنجلو في هذه اللوحة و غيرها من اللوحات إخفاء رسوماته التشريحية.
عبير منون
المزيد...