تتكرر كلمة «فساد»كثيراً في وسائل الإعلام ،ليس في بلدنا فحسب ، بل في البلدان الأخرى،فالفساد ظاهرة عالمية تتفشى عاماً بعد آخر..في أكثر البلدان..وثمة بلدان تكاد هذه الظاهرة المدمّرة تقضي على الهيكلية الإدارية والاقتصادية فيها.ولعلنا نذكر أنّ من الدول التي يكاد الفساد ينعدم فيها :اليابان وماليزيا والاتحاد السويسري والنمسا..!! حسب المنظمة العالمية لمكافحة الفساد والشفافية .
في المعجم كلمة فساد من فسد أي أصابه العطب والاضطراب وفسد الرجل أي ابتعد عن الصواب في سلوكه وقوله .وفسد الطعام أي أصبح غير صالح للأكل لوجود عطب ونتن فيه .
فإذا كان الفساد ظاهرة عالمية وله مجالاته المتعددة :الفساد الإداري والاقتصادي والأخلاقي ..الخ .ولعلنا ، أحياناً، لا نرى من الفساد سوى ما يطفو على السطح. مفردة «الفساد» ترتبط بمفردات مرعبة كثيرة مثل : الرشوة ، المحسوبية،الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب ،الاحتكار ،السرقة..الخ.
نرى الثراء المفاجىء لشخص ما نعرفه ونعرف حاله فنقول :فاسد ..يتبوأ أحدهم مركزاً مهماً لم يكن يحلم به لعدم وجود مؤهلات عنده فنقول :هذا فساد..!! نكتشف أنّ كمية المازوت في خزاننا تنقص عشرين ليتراً عن المائة.. فنقول هذا فساد .يبتزنا التجار فندفع أسعاراً عالية تزيد عن التسعيرة فنقول هذا فساد،لاسيّما إذا كان البائع أو التاجر ممن سجله في المخالفات ناصع لأنه يعرف من أين تؤكل الكتف..؟!! ترتفع بناية كبيرة في الحيّ،بين عشية وضحاها لفلان من الناس يحمل أدنى رتبة في السلك الوظيفي ..فنقول هذا فساد ..!!.
نقف عدة ساعات ،بعد أسابيع من بدء العام الجديد، لنحصل على دفتر المعاش التقاعدي ..فنقول هذا فساد إداري ..لاسيّما إذا كان الموظفون والموظفات يضعون أمامهم كؤوس المتة …غير مبالين بالمراجعين ومعاملاتهم…!!، في حين يأتي دفتر المعاش لبعضهم إلى مكتب المدير ممسكاً معطراً ..مع إصرار المدير على «ضيفه الكبير»أن يشرفه ويشرف دائرته باحتساء القهوة…!!
يبقى السؤال ،في كل البلدان ،كيف نتخلص من الفساد ؟!سؤال يطرحه الفاسدون قبل الشرفاء ..فالفاسد يريد أن يخفي فساده والشريف هدفه أن تستقيم الأمور ، وهذا منطق الحق والعدل.
الفساد في كل مكان :في بيوتنا ومؤسساتنا وشوارعنا وفي المؤسسات الدولية ،مؤسسات المجتمع الدولي ،والأمم المتحدة ..في الأرض وفي البحر وفي الجو…!!.
ولنسأل أنفسنا ماذا يفعل كل واحد منا للحد من الفساد ومكافحته؟!!.
الفساد، باختصار،هو انتهاك للقيم والأخلاق والعدالة والمساواة والحياة الكريمة..؟
فهل نبدأ بتطبيق القوانين وهذا يعني المكافحة الجدية للفساد؟!
هل تعلن أسماء الفاسدين وعقوباتهم في الإعلام ؟! هل يقوم كل واحد منّا بالإعلام عن الفساد في دائرته للجهات الرقابية ؟!وهل تلك الجهات الرقابية والتفتيشية تقوم بمهامها على أكمل وجه ؟!!
أم أنّ الرقابة تحتاج إلى رقابة ؟!!
عدد الذين يتشدقون بالتنديد بالفساد في المجالس العامة كبير جداً وقلّة نادرة منهم من يتقدم بما يعرف للجهات المسؤولة ..فلماذا التستر على الفساد والفاسدين ؟!!
يتفاءل الناس أنّه تمّ اكتشاف الفساد في مصفاة حمص وفي وزارة التربية …فهل بدأنا بمحاسبة الفاسدين؟!وهل تكون الرقابة الوقائية فاعلة في الحد من الفساد قبل وقوعه أي منع وقوعه؟!!.
عيسى إسماعيل