الواقع الذي نعيشه اليوم يولّد في داخلنا ألف صورة و صورة إذ ريح الاستغلال و الجشع تهب علينا من كل حدب و صوب دون أن يكون في أيدينا بوصلة توصلنا إلى صواب الطريق .
الصورة في ذهني ولدت منذ أيام خلال احتفالنا بأعياد الميلاد و رأس السنة الميلادية حيث قمنا بزيارة لأحد أحياء المدينة و التي تنتصب فيها شجرة الميلاد شامخة كالطود العتيد كنت أرقب المشهد الذي استفزني و أرّقني وأثار أعصابي حين وقعت عيناي على بائع الألعاب و هو يرتدي ثياب بابا نويل إذ بدأ يوزع الهدايا على الأطفال الواقفين حوله في غفلة من أهاليهم مع بسمة هنا و ممازحة هناك ليسحب بعدها الآلاف من الليرات منهم مستغلاً تعلق الأطفال بالألعاب الجميلة البراقة و الملونة بألوان الطيف …هي طريقة جديدة دخل خلالها بابا نويل العصر حلبة السباق الماراثوني لاستغلال المواطن و سحب نقوده اليتيمة لنتساءل معاً هل تغيرت صورة بابا نويل القديمة ذلك الشخص الذي كان يوزع الهدايا بمحبة صادقة و عفوية بريئة ؟!! نعم باتت تلك الصورة باهتة يكسوها الغبار و فقدت كثيرا من معانيها في عصرنا الراهن الذي تحول فيه الإنسان إلى رجل التقاطي يأخذ من الحياة الجديدة أصباغها و طلاءها المقيت…
مشهد رسخ في ضميري و ألهمني بصياغة هذا الإحساس المنكمش صياغة لفظية ، و هي مجرد كلمات مكتوبة ربما لا يعنى بأمرها سوى من أصيبوا بانكماش القدرة المادية و تضاؤل الصبر أمام تصاعد الغلاء و فورة الأسعار و الحجة دائماً السيد دولار الذي نفش ريشه و انتفخ و جعل الحياة لا تستقيم إلا إذا مشينا على أيدينا و هذا مالا نستطيعه على الوجه الأكيد …
عفاف حلاس