مشافي الجمعيات الخيرية… رديف حقيقي خلال سنوات الحرب ..ضعف الإيرادات يعيق إعادة تأهيلها ويبطئ تقديم الخدمات بالشكل الأفضل

تعتبر المشافي التابعة للجمعيات الخيرية ذات أهمية كبيرة وفائدة عظيمة نظراً للتعاون المشترك ما بين الطرفين في سبيل خدمة المرضى إنسانيا وطبياً وصحياً ، وتقديم العلاج اللازم لهم وخاصة خلال فترة الحرب التي شنت على سورية ، حيث عملت هذه المشافي على تقديم المساعدات والاستشفاء لجميع شرائح المجتمع السوري .
وانطلاقاً من ذلك كان لابد لنا من الاطلاع على واقع عمل تلك المشافي والخدمات التي تقدمها للمرضى والصعوبات التي تعترض العمل ، سواء في مشفى جمعية البر والخدمات الاجتماعية ،أو مشفى جمعية النهضة .

قلة الإيرادات
يقول الدكتور ماجد شربك رئيس مجلس إدارة مشفى جمعية البر والخدمات الاجتماعية :يعد المشفى من أكبر مشافي حمص الخاصة ،ويضم (150) سريراً ، ويقدم الخدمات العلاجية المتوفرة ضمن الوضع الحالي للمشفى كونه قيد التأهيل ، ويعاني قلة التمويل ، وأضاف : نحن ننتظر بعض التبرعات لنتمكن من إتمام إعادة التأهيل..
وعن الكادر الطبي تابع حديثه قائلا : خلال سنوات الحرب اضطررنا للإستعانة بعدد كبير من الكادر للعمل في مشافٍ خاصة ، وحالياً سنعمل على إعادة كافة الكوادر الطبية في حال جاهزية كل قسم ، حيث يتم حاليا تأهيل بعض الأقسام مثل « الاسعاف والكلية» ويصل عدد الكادر التمريضي والطبي إلى أكثر من (300) طبيب وممرض والأقسام المتواجدة حالياً ( غسيل الكلية – تفتيت الحصى – المخبر والأشعة ) وهي جاهزة لاستقبال المرضى .
غرف عمليات
وبالنسبة لقسم الإسعاف الجديد فيوجد فيه غرفتا عمليات صغرى ، بالإضافة إلى غرفتي عمليات جراحة قلب ، وأربع غرف عمليات نسائية ، وعشر غرف عمليات جراحة عامة هي في طور التأهيل ، بالإضافة إلى تجهيز جهازي القثطرة واللذين هما بحالة جيدة .
ويضيف الدكتور شربك : إن عدد الأسرة يتراوح بين (60-70) أما الأجهزة القلبية والعناية المشددة فمنها أجهزة لا تعمل وأخرى سليمة .. .
التبرعات داعم مهم
وأضاف : كنا في السابق نحصل على مساعدات سواء كانوا متبرعين أو من بعض المنظمات الدولية ، ولكن في الوقت الحالي يقوم عمل المنظمات الدولية ضمن الأرياف الشمالية والشرقية ، بالإضافة إلى بعض معامل الأدوية التي تقوم بالتبرع وفي حال النقص يتم تدارك ذلك من قبل لجنة خاصة معنية بهذه الأمور .
كما يوجد صندوق للمساعدات يدرس حالة كل مريض صحياً واقتصادياً لتحديد نسبة المعالجة مادياً .
وبالنسبة للصعوبات أوضح الدكتور شربك قائلا: نعاني من قلة التمويل التي تؤخر في تسريع عملية إعادة التأهيل للمشفى ، حيث كنا نأخذ الحد الأدنى لتسعيرة وزارة الصحة أما الآن الحد الأعلى .
ولدى استفسارنا عن الأطباء الذين يعملون في المشفى وهم بذات الوقت يتبعون لجهات عامة أجابنا: على الطبيب في هذه الحالة أن تكون معه ورقة لا مانع من العمل من قبل الجهة التابع لها . وعدم وجود تلك الورقة يعتبر عمله غير قانوني .
مرحلة إعادة تأهيل
قمنا بجولة استطلاعية في أنحاء المشفى ، ورأينا ما أصابها من أضرار بفعل الإرهاب ، ثم التقينا الدكتور غانم رسلان مدير مشفى البر والخدمات الاجتماعية ليحدثنا أكثر عن الخدمات التي تقدمها المشفى للمرضى فقال : نحن بمرحلة إعادة التأهيل ، فبعد تحرير حي الوعر ، تم استلام المشفى بوضع سيىء من ناحية ( البنية التحتية ) مع تواجد الأجهزة ومع ذلك كان المشفى يقدم خدمات اسعافية وغسيل كلية فقط .
وأضاف : تم تأهيل قسم الإسعاف والعيادات الخارجية والمخبر وقسم غسيل الكلية والعلاج الفيزيائي ، وصيانة واصلاح أجهزة ( الأشعة – طبقي محوري – تفتيت الحصيات ) بالإضافة لأجهزة المخبر مازال قسما كبيرا منها جديدا ..
أما الكادر الطبي والتمريضي فهو كامل ، ولم يتم الاستغناء عن أي أحد منهم خلال سنوات الحرب حيث قمنا بتوزيعهم على مشافٍ خاصة «كما ذكر آنفاً» وحالياً عاد عدد منهم للعمل في المشفى لحين استكمال باقي الأقسام وقريباً سيتم افتتاح قسم الإسعاف والذي سيقدم خدمات على مستوى عال ،بالإضافة لتواجد سيارتي إسعاف في العيادات المتنقلة ريثما يتم تجهيز كافة الأقسام ..
أما غرف العمليات فهي في وضع إعادة التأهيل ، بالإضافة للعناية المشددة ،ففي الشهر الرابع سيتم استلام غرف العمليات والعناية المشددة والقثطرة وجراحة القلب والنسائية والأطفال.
تسعيرة وزارة الصحة
وعن الأسعار يتابع الدكتور غانم :الأسعار ضمن تسعيرة وزارة الصحة سابقاً ،كنا نعمل ضمن الحد الأدنى أما الآن فقد اختلف الوضع ،ومع ذلك مازلنا على التسعيرة القديمة لوزارة الصحة لعام(2005).
كما تقدمنا بعدة دراسات للمنظمات الدولية لتأهيل المشفى لكن لم يتم الاستجابة ماعدا منظمة (اليونيسيف) التي وافقت على تأهيل نصف طابق المخصص للأطفال .
وأشار إلى أن معظم المنظمات اليوم تنسق عملها مع الوزارات حيث قدمنا حالياً مشروع تأهيل الطابق التاسع للنسائية على أمل أن تتبناه منظمة دولية ضمن خطة عام (2020).
ترخيص نظامي
وعن الترخيص الخاص بعمل المشافي التابعة للجمعيات الخيرية أوضح أن الحصول على الترخيص يتم حسب القوانين وعن طريق وزارة الصحة ،وعند تبدل أي اختصاص يتم تقديم طلب لوزارة الصحة للحصول على الموافقة.
الأدوية متوفرة
وفيما يخص الأدوية ، فهي متوفرة في صيدلية المشفى ، بالإضافة إلى الصيدلية الخارجية التابعة للعيادات وهي مرخصة أيضاً ، منوها إلى وجود آلية عمل معينة في الجمعية وذلك من خلال قيامها بمنح بطاقات صحية للشريحة الأشد فقرا والتي يحصل حاملها بموجبها على خدمات صحية وأدوية مجانا ويبلغ عدد البطاقات الممنوحة حاليا (1000) بطاقة صحية .
إضافة لوجود مشروع يسمى (الدواء المزمن)يتم فيه دراسة وضع المريض صحياً واقتصادياً ، ومحاولة مساعدته بنسبة (50%) من تكاليف العلاج ، بالإضافة إلى (صندوق البر)والذي يقدم مساعدات بنسبة (30%)
وهذا الصندوق يعمل حسب التمويل من قبل المتبرعين (منظمة الصحة العالمية مع جمعية البر) ، وهي عبارة عن عيادات متنقلة ومراكز صحية ثابتة ، ودعم العمليات الجراحية للمرضى المحتاجين حصراً في الريف الشمالي .
وعن الوضع العام للمشفى أوضح الدكتور رسلان قائلا : في الوقت الحالي لا يتواجد مرضى سريريون ، فقط معالجة وخدمات طبية ( أشعة –مخبر ) بسبب عدم جاهزية المشفى بشكل كامل .
ويتابع : الحرب أثرت على المشفى مماسبب البطء في تقديم الخدمات وقلة في التمويل الذي أثر سلباً في تسريع عملية التأهيل ، حيث بدأنا منذ ثلاث سنوات العمل ولم ننجز سوى ما يقارب (10%) فقط .
لم يتوقف العمل
التقينا رئيس مجلس إدارة مشفى جمعية النهضة السابق الذي تحدث عن عمل المشفى سواء من ناحية الكادر الطبي والتمريضي والخدمات المقدمة قائلا : في البداية تم ترخيص المشفى من قبل وزارة الصحة عام (1980) وهو يقدم خدمات الاستشفاء بكافة اختصاصاته ماعدا العمليات التي تعنى بأمراض القلب .
يوجد كادر طبي وتمريضي كل في مجال اختصاصه ، ويبلغ عدد الكادر التمريضي حوالي (80) ممرضاً وممرضة موزعين حسب الاختصاصات .
وبالنسبة للتجهيزات الطبية كلها كاملة من حيث ( الأشعة المتضمنة الرنين المغناطيسي ) ،ماعدا الطبقي المحوري ، حيث توجد ثلاث غرف عمليات وهي مجهزة بشكل كامل دون أية نواقص وغرفة مخاض.
حسومات على الأسعار
أما عن الأسعار فقال : هي أقل من أسعار المشافي الخاصة والمجاورة بنسبة مابين (40-50%) بالإضافة إلى مايسمى حسم من (25-100%) لمن وضعهم الصحي والمادي سيئ ، أما ذوو الشهداء والجرحى فوضعهم خاص ، كما أن الأدوية متوفرة في صيدلية المشفى وفي حال النقص يتم تداركه من خلال اللجنة المختصة بشراء المواد الطبية ، فخلال الحرب كانت منظمة الصحة العالمية تزود المشفى بالأدوية فقط ، بالإضافة إلى بعض المساهمات من بعض المتبرعين .
ورود شكاوى
ويتابع رئيس مجلس الإدارة في حال ورود شكوى من قبل المراجعين يتم التحقق منها من قبل مجلس الإدارة والمدير الفني للمشفى ورؤساء التمريض لاتخاذ الإجراء المناسب ، وهناك شكاوى يتم إحالتها إلى مديرية الصحة للنظر فيها واتخاذ الإجراء اللازم .
نتلافى نقص المواد
وأشار إلى أن أقسام المشفى تتضمن عناية اسعافية وقسم غسيل الكلية وقسم الحواضن لحديثي الولادة والخدج . ونوه إلى عدم وجود أية جرثومة في قسم العمليات والتي تسمى (العصيات) وفيما يتعلق بالأمراض السارية فهناك موظف مختص لمتابعة هذه المسألة وهو على تواصل مستمر مع مديرية الصحة لإخبارهم بأية حالة إن تواجدت .
ضرائب ورسوم
,وأضاف : نقوم بجرد مستمر للمستودعات بالإضافة الى الصيدلية الفرعية التابعة للمشفى ، ودائماً هناك سبر مستمر للمواد شديدة الطلب لتلافي حدوث أية نواقص . وبالتالي فهو عمل روتيني ودائم ويتم الطلب من المستودع المركزي لأية مادة قبل نفاذها .
كما أننا نشتري الأدوية في حال توافرها في الجمعيات الخيرية وبنفس الوقت نشتري المواد بسعر السوق ولكن بكميات أقل، فأسعار الأدوية خاضعة لأسعار الصرف ، حتى فواتير المياه والكهرباء والمازوت (تحسب صناعية) ، كذلك الأمر بالنسبة للضرائب ، فالمولدات تعمل بمعدل (15) ساعة يومياً بسبب معاناتنا من انقطاع التيار الكهربائي
استقبال جميع الحالات
وأشار إلى الدور الكبير الذي قامت به المشفى خلال فترة الحرب باستقبال كافة الحالات ( عسكريون –مدنيون ) وخاصة عامي (2015-2016) وكل الحالات كانت تعالج مجاناً ، وذلك بسبب خروج معظم المشافي عن الخدمة ، بالإضافة إلى إحداث فرع خاص في المركز الصحي بحي الزهراء تابع لجمعية النهضة لاستقبال مختلف الحالات وإجراء العمليات الجراحية ، وحالياً عاد جميع الكادر إلى المشفى وتم إيقاف عمل هذا القسم بعد عودة الأمن والأمان ..
إحصائيات وأرقام
زودنا رئيس مجلس إدارة مشفى جمعية النهضة السابق بالإحصائيات والحالات والعمليات التي تمت في الجمعية من بداية 2019 حتى نهاية العام الماضي ،حيث وصل عدد حالات القبول إلى (6045) حالة قبول ، أما حالات الإسعاف (15492) .والعمليات (9104) عمليات عامة ،أما الولادات الطبيعية بلغت (204) والعمليات القيصرية (2325) ، كما تم استقبال حالات في العناية المشددة وصل عددها إلى (312)،وبالنسبة للتحاليل المخبرية بلغت (17332) ، وتم إجراء صور أشعة وعددها (33574) وأما الإيكو (9816)، و إجراء عمليات تنظير بمختلف المجالات وبلغت (515 )، وآخرها إجراء تخطيط قلب بكافة أنواعه وبلغت (297) حالة تخطيط.
كما تم إعفاء ما يقارب (433) شخصاً نظراً لوضعهم الصحي والمادي ومساعداتهم مجاناً بما يقارب (4149230) ل.س.
جهة إشراف
مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل سمر السباعي أوضحت المهام المنوطة بالمديرية والخاصة بمتابعة عمل هذه المشافي قائلة : نحن جهة إشراف على عمل الجمعيات وبالتالي المشافي جزء من هذا العمل ، وخلال العام الماضي كانت هناك ورش عمل مشتركة مابين وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والصحة ،نتج عنها تشكيل لجان مشتركة بجميع المحافظات منها محافظة حمص،حيث قمنا بزيارات إلى جميع المراكز الصحية التابعة للجمعيات للإشراف الصحي والإداري ،وترخيص أيا من المراكز غير المرخصة ومتابعة عمل المشافي والتزامها بقواعد السلامة الصحية ، ورفع سوية الأداء إلى أفضل درجة ممكنة ،مع التأكيد بأن هذه المشافي هي مشاف خيرية وليست ربحية.
وتتابع : المشافي التابعة للجمعيات هي (النهضة- البر-باب السباع)
وهناك مشاف تشاركية «البر والعافية» في مشفى الكندي المستثمر من قبل جمعية البر والخدمات الاجتماعية.
وتضيف مديرة الشؤون الاجتماعية :إن الدور الذي لعبته الجمعيات على المستوى الصحي خلال فترة الحرب ،دوراً جيدا لتأمين الخدمة الصحية بدون انقطاع عبر مشافيها والمراكز الصحية .
كما أشارت إلى أنه في حال ورود أية شكاوى عن عمل هذه المشافي ، يتم التحري حول المشكلة أو الشكوى واتخاذ الإجراء المناسب بالتشارك مع مديرية الصحة .
واليوم المهم بالنسبة لنا كجهة إشراف أن تكون تلك المشافي التابعة للجمعيات هي النموذج الأفضل من ناحية الخدمة والجودة والنوعية من كافة النواحي لأننا بالنهاية جهة عمل موجهة لخدمة المواطن فقط .
رهف قمشري
ت: الحوراني

المزيد...
آخر الأخبار