قيل إن أبا القماقم السقا عشق جارية فبعث إليها يطلب لحماً ، وفي يوم آخر بعث إليها يطلب حلوى ، فقالت له الجارية : ذكروا أن منبع الحب من القلب فإذا تناهى بلغ إلى كبده ، وأنا أرى حبك لا يتجاوز معدتك .
فقال : إنما فعلت ذلك لأقوى على محبتك ، وسأل الجارية ألم تسمعي قول الشاعر:
إذا كان في قلبي طعام ذكرتها
وإن جعت لا تخطر في بالي وفي فكري
ويزداد حبي إن شبعت تجدداً
وإن جعت يوماً لم تكوني على ذكري
بالأمس كانت المرأة تحتل قلب الرجل بمأكولاتها اللذيذة ومائدتها العامرة بما لذ وطاب .
واليوم ومع اكتواء المواطن بلهيب الأسعار ، بات قاب قوسين من الفقر أو أدنى .
موائدنا التي كانت لا تخلو من الملذات والأطياب أصبحت الآن تفتقر لكل ما لذ وطاب وتقتصر على مايسد الرمق بمعنى إسكات الجوع .
موائدنا كانت عامرة بالصحون والأطباق ، واليوم لا يستطيع المواطن شراء بعضها لغلاء سعرها . كذلك الحلوى التي كانت تفرش على الموائد عند اجتماع العائلة وفي جميع المناسبات الآن لا نستطيع صنعها ولا شراءها بسبب غلاء السكر .. السكر الذي كان من المواد الأساسية المدعومة والمتوفرة بسعر مقبول .
فالرجل سابقاً كان الطريق إلى قلبه معدته .. والآن ذاك الرجل ( رب الأسرة ) أصبحت معدته خاوية . فهل ينقص الحب في أيامنا هذه بسبب غلاء الأسعار … وهل الحب سيصبح عملة نادرة لارتباطه بما لذ وطاب . وما دام الحب عند الرجل مرتبطا بمعدته وبما يقدم له من الأطياب فهل سيصبح مقياسا ً للحب .. ويصبح الحب مقتصراً على المقتدرين مادياً أم أنه وفق المطربة صباح «طعميني خبز وزيتون وبتعشيني بطاطا» وحب البسطاء أجمل حب..
ميرنا فرحة