تدخين النرجيلة .. موضة اجتماعية قاتلة الأسرة… الداعم الأساسي في تنمية شخصية الأبناء وإبعادهم عن خطر تدخينها

هي موضة العصر التي بلغت حد الإدمان ، لا سيما بين الشباب وحتى الأطفال والفتيات في مقتبل العمر الذين لم يتجاوزوا الخامسة عشرة من عمرهم بحسب ما تشير إليه معظم الدراسات الحديثة، وتكمن خطورة النرجيلة في تزايد الإصابات بشتى أنواع الأمراض الصدرية وصولاً إلى سرطان الرئة ..
فشة خلق هذا هو تبرير الكثير من الشباب والفتيات .. منهم حسن الخليل ( 23) عاماً الذي يقول : الظروف المعيشية باتت صعبة والضغوطات تحيط بنا من كل جانب . « فأقله نفخ عليها تنجلي» ، وانطلاقاً من ذلك ليس أمامنا سوى تدخين النرجيلة كونها ما زالت رخيصة رغم ارتفاع أسعار متطلباتها ..

موضة اجتماعية
السيدة علا أم لولدين عبرت عن استيائها من انتشار هذه الآفة الاجتماعية وتتساءل : كيف يمكن لرب عائلة أن يجتمع مع أصدقائه في المنزل يومياً حول النرجيلة وهو يسرب السموم بطريقة غير مباشرة لأولاده من خلال الهواء وخاصة في فصل الشتاء .. وأضافت : كم من الأطفال يصابون بالحساسية وبأمراض صدرية مختلفة نتيجة ذلك .
السيدة أم ماهر قالت :لا يكاد يخلو بيت من البيوت من النرجيلة حتى أصبحت عنصراً ضرورياً لا بل أساسياً في معظم الجلسات العائلية والشبابية وباتت ضرورية ترافقهم في رحلاتهم وتؤنسهم في البيت والمقهى والمطعم ..في جلسات طويلة يدخنونها لساعات،فيقلدهم الأطفال سراً وعلناً في التسلية القاتلة مقنعين أنفسهم أن تدخين النرجيلة لا يدخل إلى أجسامهم المواد الكيميائية الضارة.
وللأسف على الرغم من أن مجتمعنا يمنع الأطفال من تدخين السجائر إلا أن معظم العائلات يسمحون بتدخين أولادهم للنرجيلة و للأسف يشاركونهم فيها ،وبذلك ندرك أن من أسباب إقبال المراهقين على التدخين هو نقص التوعية الأسرية وعدم استغلال أوقات الفراغ بشكل جدي أو مفيد كقراءة الكتب أو مشاهدة البرامج الثقافية المفيدة..
نكهات وأنواع
صلاح «صاحب مقهى» قال :المشكلة التي يعاني منها مجتمعنا اليوم هو تزايد عدد مدمني النرجيلة من الأطفال الذين وصلوا إلى سن المراهقة فبعد أن كان يستعمل «التمباك العجمي» الثقيل الذي يستطيع إلهاء الشباب عن مواصلة تجربة تدخين النرجيلة، وبعد أن كثر الحديث عن مضاره الصحية الكثيرة بسبب النيكوتين ،قامت بعض الشركات بمزج التمباك ببعض أنواع الفواكه لينتشر (المعسل) بنكهات وروائح مختلفة ،هذه الرائحة الطيبة وطعم الفواكه إضافة إلى تقليد الأطفال للكبار زاد من نسبة المدمنين على النرجلية من قبل من تقل أعمارهم عن 25 عاماً، ونحن كأصحاب مقاه نحاول ألا نقدمها للأطفال دون سن 18 سنة ، لكن ما العمل إذا كان بعض الأهالي يطلبونها لأبنائهم ويدخنونها معا
القانون يمنع
على الرغم من أن القانون يمنع القاصرين مادون الثامنة عشرة من التدخين في الأماكن العامة وينص على تغريم أصحاب المطاعم والمقاهي في حال المخالفة لكن ذلك لم يردع أصحاب المقاهي والمطاعم من تقديم النرجيلة للأطفال، بل يهمهم كم سيجنون من تقديم هذه الخدمات ، ويقول من يقدم هذه الخدمة بأنها تعليمات صاحب المحل الذي ينكر في العادة تقديم النرجيلة للأطفال إذا ما سئل من قبل الجهات المعنية ..
عادة يومية
إن ظاهرة تدخين النرجيلة عند النساء قديمة «حسب كلام السيدة فاتن» وأصبح من المألوف أن نجد فتيات صغيرات يدخن النرجيلة في المقاهي العامة وبعضهن من طالبات الجامعة والبعض الآخر منهن موظفات أو ربات بيوت وبدوافع مختلفة ،فالبعض منهن تعتبرن ذلك تسلية ومن باب (البريستيج)أو متنفساً من الضغوط اليومية علما أن هناك من يقول أن تدخين النرجيلة هو من العادات الأسرية إذ البعض منهن اعتدن تدخينها في السهرات العائلية والبعض منهن يعتبرنها مكملة للمسؤولية عند اللواتي يتحملن مسؤولية عائلتهم بعد وفاة الزوج مثلاً.
-حنان تقول :لا أعرف لماذا أدخن النرجيلة ولكنني أشعر براحة نفسية في بعض الأحيان ، أصبحت النرجيلة بالنسبة لي عادة يومية حين التقي مع صديقاتي ..
– منى« طالبة جامعية » قالت:تعلمت تدخين النرجيلة مع صديقتي التي ألتقي معها أغلب الأحيان في المقهى ،وأعتبر أن النرجيلة مجرد تسلية ونوع من التغيير ومجاراة الواقع الذي نعيش فيه.
الأهل يدمرون أبناءهم
المشكلة في الأهل هذا ما بدأ به حديثه رضوان المحمد « موظف » وأضاف :إذا كان في البيت الواحد أكثر من نرجيلة ويتناولها الأب والأبناء وضيوفهم ويبدو الأمر طبيعياً وكأنه لا يحمل مضار صحية ولا أخلاقية فكيف يمكن أن يجلس الابن بجانب والده يدخن في حين كانت سابقاً هناك عادات وتقاليد في السابق تحدد تصرفاتهم ، لكن يبدو أن الظروف تغيرت وأصبحت بعيدة عن المألوف وأصبحنا نشاهد كثيراً من الأهل يقومون بتصوير أولادهم وهم يدخنون ويضحكون ويشجعونهم على ذلك،وللأسف الطفل لا يعي ما يفعل ولا يجد من يوجهه ويبعده عن الخطر فكيف ستكون نتائج ذلك مستقبلاً.؟
يقول الطفل شادي أنه تعلم النرجيلة من والده بعد أن شاهده يدخنها وبعد ذلك تعود عليها وأصبح لا يستطيع الاستغناء عنها وإذا لم يقم بتدخينها بين الحين والآخر يشعر بصداع في الرأس …
أمراض قاتلة
الدكتور أحمد عباس « اختصاص صدرية « قال : إن النكهات الاصطناعية التي تضاف إلى التبغ تقدم للشباب بديلاً ألطف من التبغ التقليدي وهو ما يزيد من أضرار النرجيلة ويرفع نسب الإصابة في الجهاز التنفسي ومفعولها السلبي على الرئتين يزداد في فصل الشتاء مع تزايد الرشح والزكام..
وأضاف : إن تعلق الشباب والصغار اليوم بالنرجيلة يرتبط بعوامل اجتماعية إذ يسهل استخدامها بين الناس ، فتحولت إلى موضة ، لكن المشكلة الأكبر هي في إدمانها من قبل صغار السن ، ولأنها بنكهات الفواكه يقال إنها لا تضر لكن نسبة الإدمان عليها ارتفعت جراء نسبة النيكوتين الموجودة فيها .. وأكد أن أضرار النرجيلة على الصحة ليست فقط الربو والسرطان وأمراض القلب بل هي تؤثر أيضاً على الإنجاب عند السيدات ، إذ تزيد من احتمالات الإصابة بالعقم ، ونوه إلى أن المشكلة ليست في الإدمان الجسدي ، بل في الإدمان النفسي الذي يعانيه شباب وفتيات اليوم ، إضافة إلى الخطر الأكبر كونها تنقل الأمراض عبر الفم في حال عدم تعقيمها خاصة على الأطفال ما بين عمر 12-16 سنة ، ولا أحد يمنعهم من تدخينها طالما أنه لا يوجد قانون فاعل حتى الآن ، فلماذا لا يطبق بجدية قانون منع التدخين خاصة في المقاهي و المطاعم ؟
التسلية القاتلة
تقول المرشدة الاجتماعية نهاد المصطفى : هناك عوامل كثيرة تدفع المراهقين الى تدخين النرجيلة منها الاحساس بالرجولة ووجود اصدقاء السوء والفراغ اضافة لغياب اهتمام الاسرة وابتعاد اولياء الامور الى الاهتمام بمتابعة أبنائهم في مراحل المراهقة الخطيرة بشكل دقيق ليجنبوهم الكثير من الأخطار ، وأضافت : ان العناد سمة مرحلة المراهقة حيث يكون مرتبطا بالتمسك بالآراء التي تحمل في الغالب وجهة نظر خاطئة نظرا لقلة خبرة الأبناء في هذه السن الحرجة ، وأشارت الى ان المراهق يمر في هذه المرحلة بتغيرات فيزيولوجية ويظهر وكأنه في معركة ولابد من أن يكون هو المنتصر فيها ، وهنا يأتي دور الأهل في تفهم هذه المرحلة بأن يدعموا أبناءهم ويشعرونهم بأنهم قادرون على تحمل المسؤولية وليس تلقي الأوامر فقط .. وأن يساعدوهم على تكوين آراء صحيحة دون التأثر برأي الأصدقاء الذين قد يلعبوا دورا سلبيا في حياة الأبناء أحيانا ..
وأكدت : أن التدخين عادة سيئة تبدأ بلعبة التقليد وتنتهي بالإدمان وضعف الإرادة وهي عادة مكتسبة ، فالأطفال حين يرون آباءهم يدخنون النرجيلة ينتظرون اليوم الذي يستطيعون فيه تطبيق ذلك وتقليده ..وكأن تدخينها هو تصريح له بالدخول إلى عالم الرجولة ، وعلى الأهل هنا توضيح الأمر للأبناء بأن الرجولة ليست في تقليد أخطاء الكبار ..
وأشارت الى أن هذه الظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير حتى بين الصغار «ذكور و إناث» حيت أصبحنا نشاهد النرجيلة المنتشرة في المقاهي وأماكن التنزه وحتى في البيوت أثناء الزيارات العائلية أو الأصدقاء الذين يحضرون معهم نرجيلتهم الخاصة ، لذلك بات من الضروري أن يكون هناك إجراء حاسم من الجهات المعنية لمنع هذه العادة السيئة وفرض عقوبات رادعة بحق كل من يخالف القانون ..
ضبوط ومخالفات
الدكتور محمد علي غالي مدير مديرية الشؤون الصحية في مجلس مدينة حمص قال : نقوم بجولات يومية على المقاهي والمطاعم ومخالفة من يقدم النرجيلة للأطفال دون 18 سنة ، علما أن هناك مقاهي مصنفة سياحيا وتقوم بتقديم النرجيلة لليافعين ، وأوضح أن هناك لجنة مشتركة تقوم بهذه الجولات على تلك المقاهي وفي حال وجود المخالفة يتم تنظيم الضبط واعلام محافظة حمص والتي تقوم بدورها بإحالة تلك الضبوط إلى مديرية السياحة لاتخاذ الإجراء اللازم حسب القانون 62 ، ونوه إلى أنه قد تم ضبط 3 حالات خلال عشرة الأيام الماضية بحق أصحاب مقاه سياحية يقدمون النرجيلة لأطفال دون 18 سنة ..
وأشار إلى أن جولات عناصر المديرية مستمرة وفي حال وجود شكاوى من المواطنين فإن الغرامة المالية تصل الى 25 ألف ليرة سورية بحق المخالف من أصحاب تلك المقاهي ..
أخيراً
نتمنى أن لا تكون الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن سببا في اتجاهه إلى التنفيس عن ألمه بتدخين النرجيلة لما لها من مضار وخاصة على المراهقين وهم في طور النمو , ونتمنى على الجهات المعنية تشديد الرقابة الصحية على المقاهي والمطاعم التي تقدم النرجيلة لليافعين , وأن تكون العقوبة رادعة بحقهم حرصا على الصحة العامة.

المزيد...
آخر الأخبار