في محراب الشهادة تقف الكلمات عاجزة عن وصف الشهداء فالتضحيات كبيرة تنطلق من أهميتها التي تبدأ من الوطن وتنتهي إليه، ويبقى الشهيد فرداً من كل عائلة سورية تزف ابنها بالأهازيج والغار ولا تتوانى عن تقديم المزيد من الشهداء رمزا للعطاء والوطنية.
شهداء سورية البررة الذين كانوا سباقين للدفاع عن وجود الأمة وعزتها وكرامتها واستقلالها سيبقون أنوارا مضيئة على دروب المستقبل وقدوة في الوفاء والعزة والكبرياء. و سورية قدمت قوافل الشهداء على مر التاريخ وتواصل اليوم معركتها الحاسمة بمواجهة الإرهاب . فلنرفع الجبين .. ولننظر إلى المدى حيث بيارق الشرف والبطولة منسوجة من خيوط الشمس وضوء فجر تليد.. بيارق جدل خيوطها رجال عاهدوا فصدقوا العهد .. قاتلوا فاستبسلوا .. طلبوا الشهادة من بوابة النصر فاستشهدوا لينتصر الوطن.
دماء الشهداء الزكية مازالت تروي تراب الوطن وتبشر بالنصر ، فمن سخاء عطاءاتهم سننتصر ، ومن تضحياتهم سنجني النصر تلو الآخر ، فهنيئا لكم أيها الخالدون في التاريخ والوجدان ، ستبقون النجوم المضيئة في سماء الوطن تنيرون دروب الحياة .
كلنا إيمان أن وطناً أنجب هؤلاء الأبطال سيبقى عصيا على أعدائه ، رجال خطوا معالم التاريخ بدمائهم عندما لبوا النداء وانطلقوا كالسهام ، فكانوا كالبركان الثائر في وجه الأعداء ، وأخرجوا حمم غضبهم على من أراد شرا ودمارا ببلدهم .
إنهم أهل العزائم والمجد ، وهم جند البلاد وحماتها وفخرها ، أبطال مغاوير سلموا على أرض الأباة ونادوا : روح الشهيد تزينها الأنوار .
الشهيد البطل أحمد رفيق سموني..
ودع أهله وانطلق ليقوم بواجبه المقدس
يا أشرف وأطهر وأكرم وأنبل بنـي البشر، أنتم أيها الشهداء الأبطال عزنا وفخرنا وتاج رؤوسنا، ونور أحداقنا ونبض قلوبنا، و عقولنا، وراحة نفوسنا وصناع مجدنا، ومستقبل أبنائنا والوطن الحبيب سورية، أنتم أملنا بغد أفضل، وأمل وطننا وسعادة أعمارنا، فلا يكفي ما نقوله فيكم بهذه السطور الخجولة أمام تضحياتكم، والتي يعجز القلم واللسان عن وصف عظمتكم وكبر تضحياتكم .
والشهيد البطل أحمد سموني وعد أهله بالعودة قريبا حالما تسمح له الظروف ، قبّل يدي والدته وطلب رضاها ، ولكنه لم يعد فقد اغتالته يد الغدر في هجوم وحشي على نقطته التي كانت خدمته العسكرية فيها مع رفاقه في « التنف » – بادية تدمر .
قبل الدخول إلى منزل والديه تطالعك صورة للشهيد بكامل الشباب والعنفوان ، ويظهر فيها وكأنه يتحدث إلى الناظر ويقول له : لقد قدمت روحي فداء للوطن فلا تنسوا صون الأمانة والحفاظ على ما ضحينا من أجله .
والدة الشهيد قالت : شهادته مبعث فخر لنا ،لقد استبسل مع رفاقه دفاعا عن الأرض والعرض ، إنهم شهداء الوطن شهداء العزة والفخار ، تسابقوا لبلوغ الشهادة من أجل تحقيق النصر ولنحيا في بلدنا آمنين .
إنهم رجال الحق الذين علمونا كيف يكون النضال والصمود والشجاعة والعطاء من أجل هدف سام ، تقدموا بثقة بالنفس واقتحموا الصعاب وتحملوا الشدائد مدركين أن الأرض لا تحرر إلا إذا ارتوت بالدماء ، لذلك ضحوا بأغلى ما يملكون بأرواحهم ودمائهم الطاهرة الزكية التي عطرت تراب الوطن فأينعت زهوراً تفوح منها رائحة الياسمين .
رفيق سموني والد الشهيد أحمد تحدث بكلمات مفعمة بالعزة والفخار قائلا : لا يوجد شيء في هذه الحياة أسمى وأعظم من الشهادة ونحن نفخر ونعتز بشهادة أبنائنا الذين تركوا هذه الحياة الفانية وآثروا حب الوطن على كل شيء ، وساروا على درب الشهادة واثقين بأنفسهم مستبسلين لا يعرفون الخوف شعارهم الشهادة أو النصر والشهادة هي طريقنا إلى النصر .
وتابع : كان أحمد عطوفا وبارا بوالديه كثيرا ، وكان يسكن معنا لأنه عازب ويرعى شؤوننا أنا ووالدته ، ولكن يبقى وطننا أغلى يستحق منا أن نقدم له كل غال ونفيس ، وارتقى ابني شهيداً مع كوكبة من رفاقه فداء للوطن ، وشهادته مبعث فخر لنا مدى الحياة فقد عاش بطلاً واستشهد بطلاً سكن الوطن في قلبه وعقله ومنذ صغره كان شجاعاً يتحمل المسؤولية يحب مساعدة الآخرين تربى على الوفاء بالعهد وحب الوطن ، استشهد أثناء تنفيذه لمهامه الوطنية فقد تم الهجوم على نقطته وارتقى شهيدا بتاريخ 20/5/2018
وأضاف : إن فراقه يؤلمنا كثيراً ولكن ما يخفف عنا الألم إنه استشهد دفاعاً عن وطننا سورية الحبيبة .
يذكر أن الشهيد أحمد سموني من مواليد بلدة الرقامة عام 1993 درس في مدارسها والتحق متطوعا في صفوف الجيش العربي السوري قبل خمس سنوات من استشهاده انتقل خلالها في عدة أماكن مع وحدته العسكرية وكانت آخرها في منطقة صحراء التنف في تدمر حيث كان استشهاده .
الشهيد البطل عزيز محمد الرياني :
حلمه الدفاع عن الوطن
شرف كبير أن نقف وننحنـي إجلالاً وإكباراً أمام عظمتكم أيها الأبرار، وأنتم ترتقون كالشهب إلى السماء .
فالسلام عليكم ، أبناء وطني عشاق الشهادة أصحاب الدماء الزكية التي فاضت من شرايينكم وتدفقت من أوردتكم لتروي ثرى سورية الحبيبة .
السلام عليكم أيها الشهداء الصالحين الأبرار وأنتم خالدون في فردوس النعيم إلى أبد الآبدين .
السلام عليكم يا حماة الديار، الذين أبت أن تذل نفوسكم ، يا صناع المجد والتاريخ السوري الحديث بدمائكم الطاهرة .
برداً وسلاماً عليكم أيها الفرسان، يا جيشنا العظيم جيش يوسف العظمة وابراهيم هنانو وصالح العلي وسلطان باشا الأطرش ، يا من فديتم بأنفسكم وضحيتم بالغالي والنفيس كرمى الوطن والشعب.
ولد الشهيد البطل عزيز محمد الرياني في قرية الوازعية – ريف حمص الشرقي في 1-9-1995 درس في مدارسها وترعرع في ربوعها وبعد أن نال الشهادة الثانوية انتسب إلى الكلية الحربية التي كانت حلمه وهدفه في العام 2016 وبعد أن تخرج برتبة ملازم كانت معركته الأولى في إدلب ، أدى واجبه الوطني الذي يمتحن به الرجال والأبطال ، وهناك نال شرف الشهادة بتاريخ 11-2-2019
والدة الشهيد نظرت إلى صورة ولدها الشهيد وحدثته مع رفاقه الشهداء وقالت :
لقد فقدناكم كحال معظم الأسر في وطننا الحبيب سورية التي فقدت أبناءها على محراب الوطن وفي سبيل عزته وكرامته ، ولكنكم لستم بعداد الأموات أيها الشهداء، بل ارتقيتم إلى العلياء، أنتم أحياء عند ربكم ترزقون، وتذكرون على الألسنة بالدعاء والمغفرة والرحمة والسكينة، ومخلدون في سجلات المجد والشرف والتاريخ ، أما القتلة الأوغاد والخونة الذين لا ذمة لهم ولا ضمير فهم الأموات المنسيون ومكانهم مزابل التاريخ، فلا مكان لهم بين الشرفاء .
أشقاء الشهيد أكدوا أن البطل كان ممن يفتخر بهم في قريته وبين جيرانه وأقاربه ، كان مفعما بالحيوية والشباب ، ويجل العمل العسكري والبزة العسكرية ، لذلك اختار الانتساب إلى الكلية الحربية رغم أنه كان بإمكانه أن يكمل تعليمه . وبعد أن تخرج من الكلية التحق مع رفاق السلاح لأداء مهمتهم والمشاركة في معارك إدلب ،وقد كان سعيدا جدا لأنه سيشارك في المعارك مباشرة ، كان القدر أقوى ونال شرف الشهادة هناك .
وقالوا : الرحمة والخلود لشهداء الوطن والنصر المؤزر لسورية الحبيبة ونحن نتشرف بشهادة شقيقنا البطل فالشهادة أسمى وأنبل القيم وكلنا مشاريع شهادة وسنبقى متمسكين بأرضنا ندافع عنها ونبذل الغالي والنفيس فالوطن هو انتماؤنا وعزتنا ففيه تربينا وترعرعنا ومن مائه شربنا وأرواحنا فداء لعزته وكرامته وتضحيات شهدائنا وبطولاتهم كبيرة لن تذهب هدراً وستتكلل بالنصر المؤزر لبلدنا الحبيب .
شقيقاه حسن وأسامة قالا : نحن نفخر بشهادة البطل عزيز فدمه مسك نعطر به أيامنا القادمة ، وسيبقى في قلوبنا نورا ونبراسا نهتدي به دائما .
شقيقتا الشهيد صباح وسها أكدتا أن الشوق والحنين يلفهما للشهيد عزيز فقد كان له من اسمه نصيب وكان عزيزا على قلوب محبيه وكل من عرفه .
والد الشهيد قال : نحن نفخر باستشهاد ولدنا ودرب التضحية والفداء لن يتوقف طالما هناك شبر في وطننا الحبيب يدنس من قبل أعداء الوطن ومرتزقتهم ولذلك سيبقى أبناء سورية يواصلون مسيرة البطولة والتضحية فداء للوطن في مواجهة الإرهاب التكفيري متلاحمين مع جيشهم الباسل الذي أثبت ولايزال أنه مدرسة الشرف والكبرياء ، وسورية تخوض المواجهة بعزم واقتدار وتواصل تحقيق الانجازات في مواجهة الإرهاب وداعميه عدتها في ذلك شعبها الأبي وجيشها الباسل ودعم أصدقائها المخلصين وفي مقدمتهم روسيا وإيران والمقاومة.
وأضاف : عزاؤنا أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً بل ستزهر نصراً مؤزراً وسيبقى عزيزاً حياً، شاهداً، يكبر وينتشر في الأرض ، إن دم الشهيد به يكتب الانتصار وهذه هي معادلة النصر ، وقد لا تسعفنا الحروف إذا أردنا أن نرثي شهيدا قدم روحه على مذبح الوطن فكيف إذا كان الشهيد فلذة الكبد .
وأكد : نحن أهل الشهادة وصناع النصر ،سنبقى نقدم الشهداء حتى تحقيق النصر الكامل المؤزر فمنذ بداية العدوان على سورية هب الشعب السوري للدفاع عن الوطن. ومع اشراقة كل شمس كان قدرنا أن نودع شهيدا لكي تبقى شمس الوطن مشرقة،
فأمام عطاء الدم لابد لنا أن ننحني إجلالا واحتراما، والوطن لا يعلو فوقه شيء وسورية غالية وتستحق منا أن نقدم أبناءنا للدفاع عن كرامتنا ووطننا … الرحمة والخلود لكل شهداء سورية … والعزة والنصر لجيشنا البطل الذي دحر الإرهاب واستأصله من أوكاره وجذوره .