بعد عودة الكثير من العائلات إليها ..القصير تنتظر ترحيل الأنقاض المتراكمة في الشوارع وإعادة فتح الطرقات الزراعية
تقع مدينة القصير جنوب غرب مدينة حمص و تبعد عنها حوالي 35 كم وتعتبر صلة الوصل بين ريف حمص الجنوبي و ريف لبنان الشمالي يتبع لها إدارياً أكثر من أربعين قرية وخلال سنوات الحرب الطويلة صمد أهلها بوجه الإرهاب رغم الظروف المعيشية الصعبة ..
و قيل إن اسم القصير تصغير لكلمة قصر , و يوجد فيها عدد من المواقع الأثرية مثل طاحونة أم الرغيف و طاحونة القنطرة الأثرية ومغارة زيتا التاريخية , و شجع مرور العاصي في أراضيها توسع الأعمال الزراعية طلباً للرزق فكانت أرضاً خصبة معطاء و كانت في زمن مضى مرتعاً للغزلان…
(العروبة) تضيء على الواقع الخدمي في المدينة إذ إنه وبعد تحريرها من براثن الإرهاب تحاول الجهات المعنية تأمين أهم مقومات الحياة و العمل على تحسين واقع هذه المدينة لتسهيل وتسريع عودة الأهالي إلى بيوتهم التي هجرهم منها الإرهاب ومرتزقته..
يتبع لمجلس مدينة القصير بالإضافة إلى المدينة عدد من القرى و المزارع مثل حوش مرشد وعين الدمامل والدوسرية والمنصورية وأم علي وجميعها مزارع صغيرة يسكنها عدد قليل من المواطنين أما بقية القرى ففيها بلديات ومجالس بلدان تتبع لها مباشرة مثل ربلة والدمينة الشرقية والبويضة الشرقية والبويضة الغربية و الغسانية و الحوز وغيرها..
وها هي القصير رغم ضعف الإمكانيات المادية تتخطى الصعاب و تنفض غبار الحرب لتنهض من جديد بهمة أبطال الجيش العربي السوري وأهلها لتعود إلى الحياة رغم الجراح و الألم ،إذ إن المدينة قدمت الشهداء ، و يخدم مكتب الشهداء الموجود في مجلس المدينة ذوي الشهداء كما يهتم المكتب بشؤون الجرحى ، والقيام بجولات ميدانية دورية لتفقد أحوالهم وحاجاتهم ..
إزالة الأنقاض
أوضح رئيس مجلس مدينة القصير عبد الكافي الخطيب أنه ما إن تم تحرير المدينة بهمة بواسل الجيش العربي السوري و أصبحت المنطقة آمنة .. سارع عدد كبير من الأهالي للعودة إلى منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم وتمت في الشهر السابع من العام الماضي عودة أول دفعة من الأهالي والذين بلغ عددهم حوالي 240 عائلة في حين كانت الدفعة الثانية في الشهر العاشر و قدر عددهم بحوالي 800 عائلة و جميعهم عادوا إلى منازلهم و بدؤوا بترميمها وإزالة الأنقاض وتم وضعها أمام المنازل في الشوارع ولا تزال حتى الآن في مكانها ولم يتم ترحيلها رغم المطالب المتكررة والطلبات المقدمة لمديرية الخدمات الفنية والمحافظة لإرسال آليات ( تركسات و سيارات كبيرة ) لترحيل هذه الأنقاض , و لكن ما من مجيب ….
و أشار الخطيب إلى أن الشهر الأخير من العام المنصرم شهد عودة حوالي 75 شخصاً وفي الشهر الحالي تمت عودة 50 شخصاً من القطر اللبناني, ولا يزال إقبال المواطنين على التسجيل للعودة مستمرا ،ونستعد الآن لاستقبال دفعات جديدة من الأهالي من القرى المجاورة بعد الانتهاء من الإجراءات الضرورية للعودة إلى المدينة ..
أكثـر من 10 آلاف هكتار
وأضاف :تشكل الزراعة مصدر رزق أساسي للأهالي و تمت المطالبة عدة مرات و بكتب رسمية لإعادة فتح الطرق الزراعية إذ إنها لا تزال مغلقة بالسواتر ومن الصعب الوصول إليها , وأوضح أن مساحة الأراضي المزروعة بلغت لهذا العام 3755 هكتار قمح سقي و 4219 هكتار قمح بعل بالإضافة إلى 203 هكتارات شعير مروي و 2349 هكتار شعير بعل..
وذكر أن الزراعة في مدينة القصير تعاني من عدة صعوبات أهمها تأمين الطرق الزراعية وفتحها وتأمين المحروقات للفلاحين كي تستعيد الحياة الزراعية في المنطقة عافيتها خاصة بعد عودة الأهالي حيث أصبح من الضرورة إعادة فتح الطرقات و غرس أشجار بدلاً عن الأشجار التي تم قطعها من قبل العصابات الإرهابية المسلحة..
لا توجد حركة سير منظمة
وأشار أنه يوجد على خط حمص – القصير أحد عشر (سرفيساً) و ميكرو باص عدد 2 و تعمل لجنة لتنظيم السير على ضبط حركة السير , إلا أن هذا العدد من السيارات لا يخدم المواطنين بشكل كاف وذلك بسبب عدم التزام سائقي السرافيس بالدور و لا يوجد حركة سير منتظمة وخاصة في فترة بعد الظهر لتخديم الموظفين و طلاب الجامعة , وتم مؤخراً توجيه كتاب للمحافظة لتسيير باص نقل داخلي على خط حمص – القصير..
عامل واحد فقط
يوجد لدى مجلس المدينة ثلاثة عمال نظافة فقط واحد منهم دائم ، و توجد سيارة ضاغطة تعمل لدى مجلس المدينة و هناك حاويات موزعة في أغلب الشوارع و يتم العمل بشكل يومي و يعد واقع النظافة مقبولا نوعاً ما ..
أما وضع الكهرباء فهو سيئ بسبب ضعف الكهرباء لعدم وجود المحولات الكافية كما أن عدد العمال لدى دائرة كهرباء القصير غير كاف لتخديم المدينة و خاصة بعد عودة الأهالي إلى منازلهم, أصبحت الحاجة ملحة لتأمين خط بديل لإنارة الشوارع..
خدمات السجل العقاري
تستمر دائرة السجل العقاري بإجراء عمليات البيع والشراء للمواطنين وإصدار وثيقة القيد العقاري حيث بلغ عدد عقود البيع و الشراء و الرهن 1310 عقود وعدد البيانات العقارية 5978 بياناً عقارياً..
أما بالنسبة لمركز الهاتف فأوضح الخطيب أنه تمت صيانة مبنى الهاتف و يوجد حالياً 850 خطاً هاتفياً و 700 بوابة بالخدمة , لكن الشبكة الرئيسية بحاجة إلى تركيب من جديد و الشبكة الفرعية بحاجة إلى إعادة تأهيل..
8,7 أطنان يومياً
يعد المخبز الآلي هو المصدر الوحيد في المدينة والريف المجاور لها لتزويد المواطنين بمادة الخبز و هو يعمل بخط واحد والخط الثاني معطل ولا توجد غرفة تبريد للخميرة و يبلغ عدد العمال 38 عاملاً منهم 13 مثبتاً و 14 عقود سنوية و الباقي عمال مياومون و يعمل المخبز بطاقة 8700 كغ طحين يومياً ينتج منها 7700 ربطة خبز يتم توزيع 5280 ربطة منها على المعتمدين بينما تباع 2420 ربطة بيعاً مباشراً من نافذة المخبز ..
مركز صحي يتيم
و أشار الخطيب إلى أن أهالي مدينة القصير يعانون من ضعف إمكانيات المركز الصحي الوحيد الموجود فيها إذ إنه و بعد ترميم المبنى من قبل أحد المتبرعين من أهالي البلدة لم يزود بالتجهيزات اللازمة و لا يوجد فيه كادر متخصص , و بالتالي فإن المركز غير قادر على تلبية مستلزمات المواطنين و أصبح الأغلبية تحت رحمة أطباء القطاع الخاص و مشافيه خاصة بعد أن أقدمت العصابات الإرهابية على تدمير المشفى الوطني بالمدينة و الذي كان يخدم القصير وكل القرى و المزارع المحيطة..
تأهيل مدارس جديدة
يوجد في مدينة القصير ثلاث مدارس ابتدائية بالخدمة و مدرسة إعدادية و أخرى ثانوية و الكادر التدريسي مكتمل حيث يبلغ عدد الطلاب في مدرسة الشهيد إبراهيم سيف الدين الابتدائية 280 طالباً و في مدرسة الشهيد جبرائيل الشاعر الابتدائية 260 طالباً و في المدرسة الريفية 160 طالباً في حين يصل عدد طلاب المدرسة الإعدادية إلى374 طالباً و في الثانوية يصل عدد الطلاب إلى 230 طالباً … والمدينة بحاجة إلى ترميم عدة مدارس جديدة في أحياء متفرقة بما يتلاءم مع عودة الأهالي و ازدياد عدد الطلاب العائدين مع ذويهم ..
كما يوجد في مدينة القصير ثانوية صناعية ضخمة بحاجة للترميم و إعادة التأهيل لأنها الثانوية الوحيدة في المنطقة التي تضم كافة طلاب التعليم المهني و مركزها حاليا في بلدة ربلة إلا أن بعد المسافة بين المدرسة الريفية و القرى يجعل الطلاب مضطرين لإكمال الدراسة في مدينة حمص لسهولة التنقل ..
مشاريع بكلفة 18 مليون ليرة
قام مجلس مدينة القصير في العام الماضي بتنفيذ مشروعين ضمن الخطة وممولة من الموازنة المستقلة بالمحافظة وذكر الخطيب أن المشروع الأول هو استبدال بعض خطوط الصرف الصحي لثلاثة شوارع بالمدينة بكلفة تقدر بستة ملايين ل.س و المشروع الثاني تزفيت طريق المخبز الآلي حتى مقر الشرطة العسكرية بكلفة تقدر حوالي 12 مليون ل.س ..
والمدينة بحاجة إلى إقامة مشاريع أكثر وخاصة للصرف الصحي في الشوارع الفرعية التي تكتشف فيها الأعطال بعد عودة الأهالي إلى الأحياء و أيضاً إلى مشروع ترحيل الأنقاض الموجودة في شوارع القصير كافة و التي وضعها الأهالي أمام منازلهم…
كما يحتاج مجلس مدينة القصير إلى مقر للبلدية لأن المقر القديم مدمر بالكامل من قبل العصابات الإرهابية ويتم تسيير العمل حالياً في أحد المنازل ولا يوجد أي مقر آخر..
ومن ضمن المشاريع التي تم تنفيذها في العام الماضي تجهيز مركز خدمة المواطن ( نافذة واحدة ) و مازال قيد الإنجاز و لم يتم افتتاحه بعد …
كما تم في الشهر الأخير من العام الماضي تركيب خمسين جهازاً للإنارة بالطاقة الشمسية تم توزيعها على الأماكن الرئيسية بالمدينة حيث تم وضع 19 جهازاً في مدخل المدينة شارع طريق بعلبك و 11 جهازاً في السوق الغربي للمدينة و5 أجهزة مقابل شعبة الحزب القديمة و طريق الدوائر و 7 أجهزة في الساحة الرئيسية و 6 أجهزة في الحي الشمالي مقابل مدرسة الصناعة و جهازين مقابل مبنى الكنيسة في الكراج …
ضعف الإيرادات
لا يوجد لدى مجلس مدينة القصير أي مشروع استثماري و ذلك بسبب ضعف الموازنة، ولا يوجد حالياً أي إيرادات للبلدية ، إذ تبلغ موازنة بلدية القصير حوالي 33 مليون ل.س موزعة على أبواب و بنود ومن ضمنها رواتب و تعويضات العاملين و هي بحدود نصف الموازنة و الباقي نفقات إدارية ومحروقات و صيانة و صرف صحي ونفقات و التزامات خزينة ,وتعد المنطقة الصناعية وسوق الهال و السوق التجاري المورد الأساسي لمجلس المدينة و لكنها خارج الخدمة حالياً…
أخيراً
تحتاج مدينة القصير لتنفيذ حجم عمل كبير يتلاءم مع معدل عودة الأهالي المتزايد يتمكن من رأب الفجوة في الخدمات و البنى التحتية بعد عمليات التخريب التي قامت بها المجموعات الإرهابية .. و حال هذه المدينة كغيرها من المدن و البلديات و القرى بانتظار خطوات جادة و العمل الفعلي لتحسين الواقع الخدمي بشكل واضح ..
محمد بلول