الزعتر الخليلي .. فوائد طبية و جدوى اقتصادية و إنتاجية الدونم تصل لـ 125 كغ من الأوراق الجافة… 200 مستفيد في حمص و الاستثمار غير تقليدي … و الجني يصل لثلاث مرات كل عام

دعم حكومي بوتيرة متصاعدة يشهده القطاع الزراعي بمختلف قطاعاته النباتية والحيوانية ..ونظراً لدوره الفعال في تقديم الدعم المباشر للمزارعين يتدخل اتحاد النحالين العرب (أمانة سورية) بشكل استثنائي و فريد و كسابقة تعتبر الأولى من نوعها و بعد تقديم العديد من الخدمات لمربي النحل بدءاً من الزيارات الميدانية و الورشات التوعوية و المنح المتعددة و بالتنسيق مع مديرية الزراعة و برنامج الأغذية العالمي يعمل الاتحاد على نشر و توسيع زراعة الزعتر الخليلي نظراً لجدواه الاقتصادية …
(العروبة) واكبت عدداً من النشاطات ومنها ورشة العمل في قرية أم الميس و التي أجريت بحضور مشرفين على المشروع ومستفيدين من محافظتي حمص و حماة و بحضور ممثلين من وزارة ومديرية الزراعة واتحاد النحالين العرب أمانة سورية و دائرة تلكلخ..

خطوة رائدة وحمص نموذجاً..
و في حديثه للعروبة ذكر المهندس فتوح جمعة رئيس اتحاد النحالين العرب أمانة سورية و مدير مشروع الزعتر الخليلي الذي يتم تنفيذه حالياً أن الورشة تقام بحضور كافة المشرفين والفنيين من محافظتي حمص وحماة و بعض المستفيدين للإضاءة على المشروع و هو يتضمن 2735 مستفيداً في سبع محافظات وهي ريف دمشق ودرعا و السويداء وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية , وتم اختيار هذا النبات تحديداً في المنحة نظراً لأهميته من الناحية الطبية و العطرية و لجدواه الاقتصادية بهدف تحقيق نواة مشروع مدر للدخل و تحسين سبل العيش للأسر المستفيدة .. منوهاً إلى أن عدد المستفيدين سيتضاعف خلال الأعوام المقبلة ..

قبل وصولها حد الفقر
وأوضح المهندس ماهر الكردي عضو اتحاد النحالين العرب بحمص أن الاتحاد مستمر بعمله كعنصر فعال بنشاطاته وسيتم تنفيذ مشروع الزعتر الخليلي بالتنسيق بين مديرية الزراعة و برنامج الأغذية العالمي حيث تم اختيار خمس قرى في ريف حمص و هي قرى كفرعايا و الحوز وأم الميس والناعم و الزينبية بالريف الغربي, مؤكداً أن الاختيار تم بشكل مدروس و دقيق لضمان نجاح زراعة الزعتر… ثم قمنا وعن طريق لجان متخصصة باختيار أربعين مستفيداً من كل قرية بشكل مدورس و هم من الأسر التي لم تصل حد الفقر بعد ولديها مصدر مائي دائم و حيازة أرض لاتقل عن 500 متر مربع, ووثقت اللجان المتخصصة العمل و تابعت زياراتها الميدانية لتدقيق الأسماء و التأكد من أحقية المستفيدين لهذه المنحة ..

خدمته .. مريحة
وعن سبب اختيار الزعتر الخليلي تحديداً ليكون نواة المشروع أوضح الكردي أن الأراضي في المحافظة تعتبر ذات بيئة مناسبة لزراعته و نموه كما أن عمليات الخدمة التي يتطلبها بسيطة و لاتتعدى الحراثة و التسميد لأول مرة فقط , ومن ثم عمليات التعشيب لتسهيل عملية الجني كما أن إصابته بالأمراض والأوبئة شبه نادرة باستثناء إصابة العناكب و يشكل مردوداً عالياً في الحالات التي يتم فيها تقديم الخدمة بشكل جيد , وهو نبات معمر يستمر بالإنتاجية على مدار 12 عاما و بالتالي فإن المنحة تحولت إلى مصدر دخل مستمر للمستفيد , مؤكداً أنه يمكن جمع 3 جنيات من الأوراق الخضراء في كل عام, و عند تجفيفها بشكل جيد فهي من الأنواع المرغوبة و يصل سعر الكيلو منها إلى 3 آلاف ل.س في الأسواق المحلية ..
وأشار إلى أنه تم اعتماد مشرفين زراعيين بالتعاون مع الوحدات الإرشادية لتحقيق التواصل المستمر لضمان نجاح المشروع و تم تنفيذ العديد من الدورات الفنية لتدريب المستفيدين على تركيب الشبكات و زراعة الشتول و العناية بها و جني المحصول و تجفيفه … ثم تم توزيع شبكة ري بالتنقيط تكفي لمساحة 500 متر مربع لكل مستفيد بالإضافة لـ1650 شتلة وليتر من السماد العضوي وبطاقة الكترونية بقيمة 25 ألف ل.س لمدة ستة أشهر ريثما يبدأ المشروع بالإنتاج, و نتابع العمل خطوة بخطوة لضمان نجاح المشروع وتحقيق الاستفادة القصوى ..

الاتحاد يسوّق
وللمستفيد حرية الاختيار
وأضاف الكردي أنه من المهم بعد نجاح المرحلة الأولى أن تعمم الفكرة نظراً للمردودية العالية إذا ما قورنت بالزراعات الأخرى..
وأكد أن المستفيد حر باختيار طريقة التسويق التي يرغب بها و لكن في الحالات التي يتعذر فيها على المزارع أن يسوق محصوله يتدخل اتحاد النحالين بشكل فعال كوسيط بين المنتج والتاجر و يؤمن له حلقات التواصل التي تمكنه من تسويق محصوله بالسعر الذي يراه منصفاً ..

للاستفادة من كل قطرة
و بهدف تكاملية العمل و لتحقيق الاستفادة من كل قطرة ماء و تجنب الهدر تم رفد المنحة بشبكة ري حديث (بالتنقيط) تغطي مساحة 500 متر مربع كاملة و تتضمن جميع الاكسسوارات و بأنظمة الفلترة الملائمة للمصدر المائي , و أكد المهندس يحيى محمد مدير المشروع الوطني للتحول للري الحديث بوزارة الزراعة أن التواجد في قرية أم الميس التابعة لبلدية حديدة في منطقة تلكلخ بهدف تحقيق تواصل فعال مع الفلاحين لإكثار وتطوير زراعة الزعتر الخليلي مدعومة بشبكة ري حديث للاستفادة من المصدر المائي دون هدر..
وأكد أن لاتباع الري الحديث أهمية كبرى في الحفاظ على الأمن المائي على مستوى القطر و الحفاظ على المياه الجوفية خاصة وأننا في أعوام سابقة عانينا من قلة المياه ووصلنا إلى مرحلة الخطر بالنسبة للمخزون المائي ..
و اليوم مع تعافي الواقع الزراعي عاد المشروع بخطوات ثابتة وداعمة و مدروسة بهدف التحول للري الحديث على نطاق أوسع , و كعنصر مهم وفعال في مختلف المنح التي يتم تقديمها ..منوهاً إلى أن منحة الزعتر متميزة وذلك لأن هذا النوع متلائم مع الظروف الطبيعية وذو جدوى اقتصادية لا يستهان بها و المجهود الأكبر يتركز في السنة الأولى لتأسيس البنية التحتية للمشروع ..
وقمنا خلال الورشة بالإضاءة بشكل واف عن المشروع و طرق الدعم المتاح تقديمها للراغبين بالتزود بشبكة ري بالتنقيط..

الفكرة.. جديدة ونوعية
بدوره أشار الدكتور خليل محمود رئيس الوحدة الإرشادية بالخنساء و مشرف على قرية أم الميس بمشروع الزعتر أن فكرة زراعة الزعتر والاستثمار فيه كانت جديدة نوعاً ما في المنطقة و لمسنا بعض التخوف من الفشل عند بعض المستفيدين و لكن و بفضل الجهود الاستثنائية المبذولة من قبل المشرفين في الاتحاد و المديرية استطعنا إيصال الأفكار الجديدة و التي تتميز بجدوى اقتصادية جيدة , مشيراً إلى أن الاختيار كان بالتنسيق بين مديرية الزراعة و اتحاد النحالين و برنامج الأغذية العالمي, وأوضح أن الزيارات في البدايات كانت شبه يومية أما اليوم و بعد تركيب الشبكات وزراعة الشتول أصبحت دورية بمعدل 2-3 مرات شهرياً , ونحن مستمرون بالندوات وورشات العمل لتوصيل الأفكار الصحيحة و دعم المزارعين و توجيههم للطرق الصحيحة بدءاً من الزراعة و الاعتناء إلى الجني و التجفيف..

نواة لمشروع دائم
المزارع علي حسن من قرية أم الميس مستفيد من المنحة ذكر للعروبة أنه أنهى تركيب الشبكة منذ شهر وأتم زراعة الشتول بحسب التوجيهات من قبل الفنيين من الاتحاد و الوحدات الإرشادية , مشيراً إلى أن الزيارات متكررة من قبل المتخصصين لتقديم الدعم و التوصيات الصحيحة لضمان الاستفادة من المنحة بالحد الأقصى …وأضاف : نأمل أن تكون الجدوى الاقتصادية من المشروع جيدة ووفيرة.. خاصة وأن الظروف لم تسمح لنا سابقاً بتأسيس مشروع خاص وذي ديمومة …

نبات استثنائي
و تخلل الورشة شرح علمي واف عن نبات الزعتر الخليلي قدمه الدكتور علي زياك من هيئة البحوث العلمية الزراعية و الذي تحدث للعروبة عن أهمية نبات الزعتر كواحد من أهم النباتات الطبية و العطرية وهو من المحاصيل غير التقليدية و له العديد من الاستخدامات الوقائية و الطبية, و على مستوى العالم نشهد تحولاً كبيراً في استخدام العقاقير و يشكل الزعتر نقطة تحول مهمة, و لأن سورية مهد لنمو هذا النبات بشكل طبيعي كان لابد من البحث العلمي الدقيق لإقامة مشاريع و تحويل هذا النبات إلى مصدر من مصادر توليد الدخل مؤكداً أن النباتات الطبية و العطرية من أسلم الطرق للوقاية و العلاج كونها توجد في الطبيعة بتراكيز مناسبة لجميع الشرائح العمرية و فيها درجة أمان ممكن أن تصل للتمام, ولطريقة الجمع والتجفيف و التحضير الأثر الكبير في الاستفادة من هذه النباتات, وتعتبر سورية من المناطق الفريدة بتنوعها النباتي حيث يوجد فيها ما يقارب 3150 نوعاً نباتياً بشكل طبيعي.
وأضاف زياك بأن مصطلح (الصعتر) الزعتر يشمل تسع أنواع نباتية تتوزع على جنسين الأول سيموس سيراتوس يمتاز بأوراق إبرية ومن مناطق نموه الطبيعية في تلكلخ و له انتشار واسع ابتداء من حدود سورية مع لبنان وصولاً إلى الحدود العراقية, و الجنس الثاني أوريجانيوم ( الزعتر خليلي) أو مردقوش يمتاز بأوراق بيضوية الشكل , ويتحمل المناخ البارد كونه موجود في أراضي الجولان المحتلة و يوجد في البيئة المعتدلة بغزارة في المنطقة الوسطى و يوجد في البيئة الرطبة «الدريكيش» ويتأقلم مع المناطق المرتفعة في صلنفة و يتحمل المناخ الجاف أي أنه يتأقلم مع مختلف أنواع الترب حتى الكلسية منها ..
وله فوائد طبية عديدة و يستعمل كزعتر مائدة لعلاج الجهاز الهضمي و التنفسي ويفيد في الوقاية من الالتهابات الفيروسية الوبائية التي تصيب القصبات الهوائية كما أنه فعال لعلاج السعال و احتقان الأنف و لعلاج الجهاز الهضمي و يمنع تشكل الغازات و التخمرات و بالتالي هو علاج مناسب لاضطرابات الكولون ويمكن استنشاق البخار إذا لم يناسب الأشخاص المصابين بارتفاع بضغط الدم , ويساعد على الوقاية من الأمراض السرطانية ويحتوي على العديد من الفيتامينات الأساسية لتحسين المناعة
يمكن زراعته بأماكن صغيرة بدءاً من أصيص الزينة وحديقة المنزل و الأراضي الزراعية بالدونمات .
و يتناسب حتى مع الأراضي الوعرة ولايحتاج لعمليات خدمة إلا التعشيب , وأوضح زياك أن طرق التكاثر عن طريق البذور أو الشتول وقدم شرحاً وافياً عن طريقة زراعة الزعتر بالشكل الصحيح , وأضاف أنه في الحالات التي يتم فيها تقديم الخدمات بشكل سليم تصل إنتاجية الدونم الواحد إلى 125 كغ من الورق الجاف و يستمر النبات بالعطاء لمدة 12 عاماً بشكل وسطي و يمكن زيادة المساحات المزروعة بالاستفادة من النموات الجديدة …

أخيراً
تتنوع سبل الدعم للقطاع الزراعي من قبل جهات متعددة و ذلك انطلاقاً من أنه الدعامة الأساسية للاقتصاد بدءاً من الفرد وصولاً للمستوى المحلي ثم الوطني, والخطوة الأهم لاتكمن في البداية فحسب و إنما في تحقيق ديمومة و استمرارية لمنح مختلفة و متعددة للمزارعين لتكون نواة حقيقية لمشروع مدر للدخل ويوفر فرصة عمل حقيقية ..

هنادي سلامة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار