ماء الجفت … بين (أخذٍ و رد)

مع قدوم كل موسم من مواسم جني محصول الزيتون وعصر ثماره للحصول على الزيت تتضارب الآراء حول أهمية أو خطورة المياه الناتجة عن معاصر الزيتون «ماء الجفت».هناك من يقول :إن صرف مياه الجفت الناتجة عن المعاصر بشكل مباشر إلى (التربة –الأنهار –المياه الجوفية)دون أية معالجة أولية ،ينتج عنه مخاطر كثيرة على البيئة نظراً لحمولة هذه المياه العالية من المواد العضوية والمعلقات بالإضافة إلى احتوائها على نسبة مرتفعة من البولي فينول منخفض .وهناك من يقول :من الأفضل تصحيح تسمية مخلفات صناعة عصر الزيتون واستبدالها بمنتجات ثانوية نظراً للفوائد التي يمكن تحقيقها نتيجة استخدامها لري الأراضي الزراعية بشكل علمي ومدروس .
نوعان
 من جهته أشار أحد المتخصصين  أنه يمكن تقسيم المياه الملوثة الناتجة عن معاصر الزيتون إلى نوعين ، الأول :مياه غسيل الزيتون .وقد تم وضع شروط بيئية لفصل هذه المياه عن المياه الملوثة الأخرى وإعادة استخدامها بعد الترسب في دارة مغلقة
النوع الثاني :مياه الجفت الناتجة عن عصر الزيتون وهي مياه عالية التلوث ،وتختلف تراكيز هذه الملوثات حسب طريقة عصر الزيتون  سواء كانت (طريقة تقليدية أو مكابس أوطريقة الطرد المركزي ).ومن المهم جداً معالجة هذه الملوثات لأن صرفها دون معالجة سيؤدي إلى مشاكل بيئية فإذا  تم صرفها إلى محطات معالجة مياه الصرف الصحي فإن ذلك يؤدي إلى حدوث إرباكات في عمل المحطة كون تراكيز هذه الملوثات أعلى من القيم المسموح بصرفها إلى تلك المحطات وقد يؤدي إلى توقفها إذا كانت المياه بكميات كبيرة .
 ومن جهة أخرى لا يمكن صرفها إلى الأراضي الزراعية لأن مواصفاتها أعلى بكثير من القيم المعتمدة من المجلس الأعلى لحماية البيئة .هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان هذه المياه بالتراكيز العالية من الملوثات ستؤثر حتماً على التربة وعلى المياه الجوفية .
 و بحسب المتخصصين فإن كثرة الآراء التي تم تداولها حول أضرار المياه الناتجة عن معاصر الزيتون قد يكون مبالغاً فيها وتفتقر إلى الدقة العلمية والمنهج الصحيح في طرح هذه المشكلة والحلول الممكنة .ولابد من توضيح الفرق بين ماء الجفت وماء الصرف الصحي .حيث إن ماء الجفت ذو منشأ نباتي غني بالمادة العضوية والعناصر المعدنية فهو يحتوي على 83% من الماء و15 % مادة عضوية و2 % مواد معدنية وهو بنفس الوقت خال من الكائنات الدقيقة الممرضة .وهذا السائل الثانوي يختلف حجمه حسب منظومة الاستخلاص المستخدمة في عصر ثمار الزيتون ،وتتراوح الكمية الناتجة عن عصر طن واحد من ثمار الزيتون من 640 -1100 ليتر .
ونظراً لتفاقم مشكلة صرف مياه عصر الزيتون بيئياً وأمام فشل الحلول المقترحة لمعالجتها ، لابد من إيجاد طريقة علمية وذات جدوى اقتصادية ألا وهي إعادة استخدام هذه المياه على الأراضي الزراعية ليس بهدف التخلص منها فحسب ولكن أيضاً تحقيق الفائدة وبالتالي تحسين خواص التربة الفيزيائية والكيميائية والحيوية وزيادة إنتاجية المحاصيل نظراً لاحتوائها على مواد عضوية .خاصة وأن جميع الدراسات والأبحاث التي أجريت في عدد من الدول المنتجة للزيتون ،بينت التأثير الايجابي لإضافة ماء عصر الزيتون للتربة المزروعة بالحبوب أو الخضار أو الأشجار المثمرة .
وهي من العوامل التي في حال الاستفادة منها بشكل علمي مدروس سوف تحسن من خواص التربة الفيزيائية والكيميائية للأراضي المعاملة بماء الجفت وتكون سبباً في زيادة النمو الخضري والإنتاج للمحاصيل المعتمدة لاسيما في المعاملة الأولى  و خفض نسبة استخدام الأسمدة الكيميائية بنسبة 50% و زيادة  نسبة النشاء والبروتين في الذرة
أخيراً
لابد من التوضيح أن حجم المشكلة في سورية محدود جداً لاسيما أن كمية ماء الجفت الناتجة عن عصر ثمار الزيتون لا تتعدى في أحسن الحالات 800 ألف متر مكعب ،وان إضافتها بالجرعة الموصى بها لا تغطي سوى 2% من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون .ومن الناحية البيئية فان إضافة ماء الجفت إلى الأراضي  الزراعية من مصدر نباتي بالطرق الفيزيائية دون حدوث أي تغيرات كيميائية ،تشكل ضمانة بيئية
                                                                   رفعت مثلا

المزيد...
آخر الأخبار