من يعود إلى التاريخ والجغرافية يجد أن سورية تحتل مكانة كبيرة في الزمان والمكان فهي مهد الإنسان الأول الذي وجد التاريخ بوجوده وهي المكان الذي نشأت فيه أغلب الحضارات القديمة وهي موطن أول أبجدية عرفتها البشرية وهي أساس كل اللغات في العالم كما أن العاصمة دمشق هي أقدم مكان مأهول في العالم وموقعها الجغرافي جعل منها قلب العالم وعبر أراضيها كان طريق الحرير الذي ربط الشرق بالغرب كما أنها تتمتع بمناخ جميل جدا وقد تموضعت فيها الكثير من الكنوز التاريخية كآثار تدمر وإيبلا وشيزر وتميزت بتوفر الكثير من مستلزمات الحياة من المواد الأولية في المجالين الزراعي والاقتصادي الذي أهّلها أن تكون من الدول الغنية بمواردها وقد تميزت أنها كانت أيضا وعبر التاريخ قد حملت لواء الدفاع عن العروبة والعرب ووقفت في وجه كل الحملات الاستعمارية يقول الشاعر جميل مردم بك :
وكم حملت عن العرب الرزايا
كذاك الأم تدفع عن حماها
وكم تحطمت على أسوار دمشق أمواج الغزاة و المعتدين ، يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري مخاطبا دمشق :
تيمور وهولاكو وقد سحقا
كل الدنى وعلى أسوارها انسحقا
لم تترجل راية الحق وبقيت في يد سورية أمينة على مصالح الأمة العربية وقد كانت تتحسس كل الأخطار التي تتهددنا ومن أشدها كان اغتصاب فلسطين من قبل الصهاينة بدعم من بريطانيا وأمريكا وكان ذلك في خطوة استباقية لفصل الدول العربية في افريقيا عن الدول العربية في آسيا وضرب كل حركات التحرر العربية والتوسع في كل الاتجاهات للسيطرة على المقدرات الاقتصادية العربية ومنع قيام دولة عربية تشكل خطرا على مخططاتهم الاستعمارية ومع ذلك استطاعت سورية تأمين مناخ عربي أدى إلى قيام حرب تشرين التحريرية التي شكلت تحولا كبيرا في تاريخ الصراع العربي الصهيوني لصالح العرب والأمة العربية لكن خروج مصر من دائرة الفعل العربي المقاوم عبر اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيوني شكل خللا في الجبهة العربية وخاصة في مجال التوازن العسكري فكان لا بد من البحث عن البدائل حيث أن الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود وليس صراع حدود فكان لا بد من تعزيز جبهة المقاومة التي أثمرت عن تحرير الجنوب اللبناني عام / 2000/ والانتصار المدوي الذي أذل العدو الصهيوني عام / 2006/ بدعم من سورية قلب جبهة المقاومة فكان لا بد من معاقبة سورية وتدميرها فكانت المؤامرة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا عندما اجتمعت كل قوى الشر لتحقيق تلك الغاية ومع ذلك صمدت سورية وفشلت المؤامرة عسكريا بفضل تلاحم الشعب والجيش والقيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد لكن الأعداء لم يستكينوا ولجؤوا إلى الحرب الاقتصادية التي طالت كل مستلزمات الحياة اليومية لدى المواطن السوري الذي يعاني الآن من نقص الكهرباء والغاز والمازوت وغلاء أسعار المواد الاستهلاكية وعلينا نحن الشعب السوري أن نتحمل كل تلك الضغوط لنفوت الفرصة على أعداء الوطن فمن كان الوطن عنده أولا وثانيا وكل الأعداد التي عرفتها البشرية عندما دفع دما طاهرا ليبقى الوطن عزيزا منيعا لا بد أن أي ثمن يدفع بعد ذلك فهو قليل وعلى السوريين الذين كتبوا تاريخا جديدا للدنيا بأسرها أن يعوا ذلك جيدا . .
شلاش الضاهر