شيء مفرح أن نجد وزارة ما ، أو مديرية ما تفكر في صالح المواطن وتخفف من الأعباء التي تثقل كاهله ، والشيء المحزن أن نجد العكس في بعض الإجراءات التي تبدو أنها في صالح المواطن وتخفف من تلك الأعباء وتساعده في مواجهة غول الغلاء الذي لم يترك لذوي الدخل المحدود منفذاً للخلاص من تلك الحرب الاقتصادية الطاحنة حيث تأتي الإجراءات التنفيذية لتلك القرارات فيقع المواطن في سباق مع اللقمة التي تجعله يقف ضمن طوابير المنتظرين للحصول على حقه الذي وضع ضمن البطاقة الذكية كحل إسعافي ليحصل من خلالها على بعض المواد الضرورية لحياته وحياة أسرته كالسكر والرز والشاي ..
أعود لذكر الشيء المفرح الذي أسعدتنا وزارة النفط به وتم العمل بتنفيذه بداية شهر شباط الجاري وهو استلام اسطوانات الغاز برسالة تأتي عبر جهاز الموبايل تحدد اسم الموزع وعنوانه من خلال المعلومات المعطاة والمخزنة في ملفات المعلومات التي تبين أقرب موزع في الحي الذي يقطنه كل صاحب بطاقة ذكية في محاولة للخلاص من المناظر المؤذية لطوابير المنتظرين منذ ساعات الصباح الأولى من اجل استلام اسطوانة الغاز ،هذا عدا عن الممارسات التي كانت تجري من قبل بعض المعتمدين ضعاف النفوس الذين كانوا يخفون أعداداً كبيرة من اسطوانات الغاز تمهيداً لبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، حيث وصل سعر الاسطوانة الواحدة في الفترة السابقة إلى حوالي 7-10 آلاف ليرة سورية إضافة إلى عدم تحقيق العدالة في التوزيع وتخطي الدور وعدم التقيد بالسجلات التي يفترض أن تكون هي التي تعطي صورة واضحة عن حركة البيع والتوزيع التي لم تكن مثالية وقانونية ومعظم تلك السجلات كانت خلبية وغير واقعية ..
القرار الأخير ظهر فيه احترام في أسلوب وطريقة التوزيع ،حيث أن المواطن تصله رسالة فيها اسم المعتمد وعنوانه ساعة استلامه “ أي المعتمد “ لاسطوانات الغاز مع إعطاء مهلة ثلاثة أيام للاستلام متخلصاً من الوقوف في طوابير الانتظار ومن المعاملة السيئة من قبل المعتمد ..
على الرغم من أن التجربة جديدة إلا أن بوادرها تشي بنجاحها لأنها وضعت إجراءات حاسمة ومدروسة في حال عدم تسليم المعتمد أي اسطوانة لصاحبها حسب القوائم التي توضع من قبل الجهة المنظمة والتي تعتمد الدور والعدالة من خلال المعلومات الموجودة على أجهزة الحاسوب الذي يبين ساعة وتاريخ الحصول على الاسطوانة بآخر مرة .
في الوقت الذي أحسسنا أن أزمة الحصول على اسطوانة الغاز أخذت منحىً مريحاً وإيجابياً للمواطن من خلال هذا الأسلوب الحضاري الذي يحفظ ماء وجهه لاحظنا طوابير المواطنين أمام منافذ السورية للتجارة وبشكل غير حضاري منذ ساعات الصباح بانتظار حضور الموظفين للبدء بتوزيع المواد المقننة عبر البطاقة الذكية …
تساءلت كثيراً ترى ألم يفكر المسؤولون عن توزيع المواد المقننة بأسلوب حضاري يحفظ ماء وجه المواطن كي يحصل على حصته من هذه المواد ..ترى ألا يمكن للعقول المبدعة أن تجد أسلوباً لائقاً للتوزيع بدلاً من تلك الطوابير التي تقف في البرد والصقيع بانتظار دورها للحصول على تلك المواد ..
في الحي الذي أقطنه هناك صالة لمؤسسة السورية للتجارة والموظفون فيها يتوقفون عن البيع في الثانية ظهراً ،مع أن الدوام حتى الرابعة، ثمة أشياء تبدو في غير مكانها تحدث في تلك المؤسسة وغيرها من المؤسسات بأسلوب وطريقة البيع، وهو حديث ذو شجون يحتاج للخوض في تفاصيل كثيرة ينبغي إعادة النظر بها في تلك المؤسسات وخاصة أسلوب تعامل الموظفين مع المواطنين، حيث يبدو الموظف وكأنه ملك زمانه لا يتعامل مع المواطن بشكل لائق مع انه من المفترض أن يعامل هذا ( المواطن ) بشكل محترم ولائق وهذا ما نفتقده في بعض مؤسسات القطاع العام ،وللأسف .!!
أقترح على السورية للتجارة أن تفكر جدياً بأسلوب حضاري لمنع وجود تلك الطوابير والازدحامات غير الحضارية، وبمعاملة لائقة للمواطنين وهذا ما ينبغي أن تفكر فيه جدياً فالمواطن يكفيه ما لاقاه أثناء الحرب الكونية من معاناة ويكفيه ما يعاني من غلاء فاحش للسلع والمنتجات بشكل يومي ومن حقه أن احترام أدميته في كل القطاعات العامة والخدمية ومنها السورية للتجارة التي هي اليوم تقوم بدور هام وفعال لتوفير السلع الضرورية للمواطنين حسب دور رسمته الدولة لها ، وينبغي أن يشعر المواطن أنه يحصل على حقه من تلك السلع بكل احترام وتقدير ولا ينبغي أن يشعر انه يدوخ السبع دوخات ويعاني حتى يحصل على حقه من تلك المواد المقننة وبعض الأشياء الأخرى التي تستهلكه وتستهلك وقته وهو يلهث وراء السكر والرز والشاي والمازوت و.وووو…؟
هل تفكر مؤسساتنا العامة بأساليب جديدة ومحترمة تليق بها وتحذو حذو وزارة النفط …أم أن المسألة صعبة وعويصة ….!!!!
عبد الحكيم مرزوق