شعور غريب ،مدهش ومبهج ،يجعل قلبك يرقص فرحاً عندما تلتقيها ..ترحب بك بلا موعد ،وتحتفي بك بلا ضجيج ..تصافح عيناك تفاصيلها ..أبنيتها ،شوارعها ،حدائقها ..ناسها.
باكرتها عند شعاع الشمس الأول ،نسمات الصباح الخريفي اللذيذة ..أنت هنا ،لست في مدينة عادية ..أنت في دمشق الشام بعد دهور ثلاثة ،أي سنوات ثلاث .هذه المرّة لا صوت لقذائف الغدر والإرهاب وهذه المرة دخلنا المدينة من بابها ،ومن يدخل دمشق فهو آمن…
في كل مرّة أزورها ،لا أعرف ما الذي يجعلني أتذكر الشاعر الراحل الكبير بدوي الجبل وبيته :
بنت مروان اصطفاها ربّها
لا يشاء الله إلاّ ما تشاءْ
فالشام مذ كانت رحلة الشتاء والصيف ،بارك الله بها ..وكلمات نبيه العظيم صلوات الله عليه تهزّ الوجدان مدى الأزمان (بارك الله في شامنا ويمننا )..
وفعل السفهاء المارقون ما فعلوا بالشام واليمن …!! .ولكن الله يمُّن على أصحاب الحق بالنصر المبين ،وما الارهاب سوى رمال تسفى والشام صخرة،والرمل يتلاشى حولها …!!
تعود لنوافير حدائقها الحياة …تعود النفوس المجبولة بالحياة تملأ الشوارع والساحات والحدائق …والذكريات تأخذك بعيداً في الزمان وأنت تعانق المكان .الشام آوتنا طلاباً في جامعتها ،ومدينتها الجامعية .وهي التي لاينضب مخزون عشقها ولا ينقص حنانها ولا يبهت حسنها مع الأيام لأنّها طائر الفينيق الخالد .
أقدم المدن ..وسيدة العواصم ..وقلب العرب والعالم .وكم كان المؤرخ ياقوت الحموي مصيباً حين قال قبل مئات السنين (لم توصف الجنة بشيء إلاّ وفي دمشق مثله ..ومن المحال أن يطلب بها شيء من جليل أغراض الدنيا ودقيقها إلاّ وهو فيها أوجد من جميع البلاد ).
ولله در الخوارزمي الذي قال :(جنان الدنيا أربع :غوطة دمشق وصفد سمر قند وشعب بوّان وجزيرة الأبله وقد رأيتها كلها ،ودمشق أفضلها …!!)
الشام في وجه الأرض شامة خضراء ،ماؤها الفضي من فيجتها خلاخيل على سوق الأشجار ،وأهلها ميامين مدى العصور ، عامرة رغم أنف الأعداء ،رافعة بيارق النصر المبين ،عالية الجبين .
أنت في دمشق ..أنت في قلب التاريخ وقلب العالم ..هنا للتاريخ سطوة وللجغرافيا هيبة .
الحديث عنها يطول والشرح فيها بغير نهاية .
هي (دمشق )كلمة واحدة فيها جلالة المعاني وعبق الحياة والشرف الذي لا مثيل له .
عيسى اسماعيل