« كورونا » يتصدر المشهد وتتسابق الفضائيات في استعراض عدد ضحاياه من أقصى المعمورة الصين لتصل إلى الجارين لبنان والأردن يعني فيما يعني أننا بدأنا نتحسس رؤوسنا .. فجنون البقر وانفلونزا الطيور والخنازير وغيرها من جائحات مرضية حطت رحالها بشكل أو بآخر في منطقتنا ، وكوننا نهاب الأمراض ونخجل من الإصابة بأحدها فإننا نحور الاسم ونقول مثلا ً توفـي فلان إثر التهاب معوي أو حرارة معندة رافضين القول إن وفاته ناتجة عن أنفلونزا خنازير أو جنون بقر كون ذلك وفق مفهومنا المغلوط يعتبر عيبا ً ووصمة عار تلحق المريض وعائلته مدى الحياة ، وفق سلوكيات قد يحتاج تعديلها عشرات السنين ، لنتقبل الآخر بكل علله وأمراضه ..
مانحن بصدده الآن هو أن جائحة «كورونا» موجودة على أرض الواقع في مكان ما من العالم بغض النظر عما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي عن أن مرض كورونا بدعة غربية جاءت بغرض تجاري ربحي أو أن أمريكا أوجدتها لإشغال العالم يعني حربا ً بيولوجية عبر نشر الأوبئة وهذا موجود عبر التاريخ ولايمكن نكرانه، لكن الاحتياط والحذر واجب والتحصن ضد الأمراض والأوبئة ضروري وفيه ضمان للسلامة والعافية، مانود قوله إن عملاق كورونا يناطح الصين، هذا البلد الذي يشكل مركز ثقل صناعي وتكنولوجي لايضاهى ولايعرف الكسل والاتكالية أو الركون لمرض، لاتفوته شاردة ولا واردة ، ويدهشنا عملهم الدؤوب والمستمر في تعقيم المطارات والمستشفيات والمدارس ومجاهدة النفس في السيطرة على وباء لم يعرفوا له مصدراً أو علاجاً ، ما نحن بحاجة إليه هو عدم ترك الحبل على الغارب والتفكير بطريقة منطقية بدل الركون للترهات التي يتناول فيها شبابنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي انتشار كورونا بالسخرية وبتفنيدات ماخلق الله بها سلطاناً ، دون الاتعاظ والاعتبار أو انتقال عدوى العمل إلى مفاصل حياتهم….. هؤلاء الشباب الذين – جلهم- لايحلم قبل أن يغمض عينيه وينام سوى أن يشحن موبايله ويتابع لعبة « ببجي» التي لايكتمل يومه إلا بها …وباء « الببجي» يحشد شبابنا من أقصى إلى أدنى المعمورة أمام شاشة موبايل صغيرة لاتتجاوز حجم الكف من أجل صيد وفير خلبي يخطف عقلهم ويفسد وقتهم ويستنفد طاقتهم وكل شاب ينقل عدوى استهتاره إلى مجموعة شباب طائشين مهملين مقصرين تجاه أنفسهم وتجاه مجتمعاتهم في جري ولهاث وراء مالا نفع فيه لعقولهم وصحتهم وهذا الوباء قاتل ويفوق كورونا في زحفه واستهدافه لعقول وطاقات شباب يفترض أن تسخر في العلم والعمل والبناء ، ومع علمهم بوجود السم في الدسم يستسيغون الطعم وينقلون عدواه لغيرهم …» لايكفينا ردة الفعل .. نحتاج لفعل حقيقي فيه إحساس بالمسؤولية وحب للعمل في مواجهة الجائحات بأنواعها.
العروبة – حلم شدود