تحية الصباح… من رؤى الحوار

كنت وصديقي الذي رحل نتبادل أطراف الحديث في بداية العدوان الكوني على وطني سورية،قال لي:العاصفة شديدة وعلى أشجارنا السورية أن تحني رؤوسها كي تمرّ العاصفة بسلام.قلت له :هل تعتقد أنّ العاصفة تقصد رؤوس الأشجار فحسب ،فابتسم صديقي ابتسامة صفراوية وقال :بالتأكيد بالتأكيد ،إذا أحنت الأشجار رؤوسها تسلم من العاصفة .قلت له :يا صديق اصغ إليّ جيداً . العاصفة التي تراها بسطحية عابرة فوق الأغصان .أنا أراها تستهدف جذور أشجارنا وتريد اقتلاعها من أرضها ومن تاريخها ،وتريد القضاء على العصارة التي تغذّيها،بل والقضاء على أشعة الشمس التي تساهم في تكوين يخضورها.
أذكر أنّ صديقي الذي رحل استاء من كلامي وقال لي بسخرية :أنتم تلوذون بنظرية المؤامرة لكي تظهروا أنكم عميقون في تحليلاتكم الهاربة من الواقع وانتهى الحوار وأخذ صديقي يتهرب من لقائي لأنني رأيت أنّ مؤامرة بحجم الكون وراء العاصفة التي استهدفت وطني ،ورحل صديقي بعد وقت قصير وليته لم يرحل لكي يرى ما جرى ويقول لي : يا صديقي لقد أصبت في رؤيتك وأنا كنت على خطأ ،ولكنه رحل وبقيت أنا وبقيت الأشجار ضاربة جذورها في أعماق أرضها وتاريخها ،ولكم تمنيت أنّ صديقي لم يرحل مبكراً لكان رأى المجموعات المسلحة تشهر السلاح الصهيوني والسلاح الأمريكي في وجوه أبناء شعبه ،بينما موجات هستيريا تنتاب المسؤولين الأمريكيين المتتابعين من جون كيري إلى هيلاري كلينتون إلى ماتييس …إلى دونالد ترامب ،كلّما هزمت العصابات التكفيرية في منطقة سورية ،وكان يسمع التصريحات الليلية والنهارية لسدنة _ماكرون –في باريس ،وسدنة-بوريس جونسون – في لندن ،ورأى أية حمّى هستيرية تصيب قادة الكيان الصهيوني ،عندما يندحر الإرهاب أمام الجيش السوري وحلفائه على امتداد الأرض السورية.
وكيف يشنّون الغارات لدعم مرتزقتهم وكلابهم المسعورة ، وكان يكفيه أن يعرف أن عشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب يقاتلون ويقتلون أبناء شعبه ليدرك حجم المؤامرة التي سمّاها عاصفة عابرة ،وكان يكفيه أن يرى الحالة التي يعيشها –رجب طيب أردوغان –بعد انهيار عصاباته في الشمال ،وهو الزعيم العالمي لتنظيم الأخوان المسلمين الذي يحلم بامبراطورية عثمانية إخوانية جديدة يلبس طربوشها فوق بزّته الأوروبية المستعارة إلى حين نعم يا صديقي تمنيت من كلّ قلبي أن تكون بيننا لأقبلك وتقبلني ، وتقول لي :إنّي جدّ آسف كانت رؤيتي سطحية جدّ سطحية ،وفي قضايا الوطن المصيرية يجب أن تكون الرؤيا أكبر من مستوى العائلة ،يجب أن تكون بحجم الوطن .

د.غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار