أصبح الهاجس الصحي اليوم مسيطراً على أولويات الدول والحكومات بفعل تهديد فيروس كورونا ولم يسلم القطاع الصحي من العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية ليمتد تأثيرها على قطاع الصناعة الدوائية لتزيد من معاناة المرضى.
وعلى الرغم مما توفره الحكومة من دعم للصناعة الدوائية إلا أن أغلب أسعارها لا تزال مرتفعة وباتت تستنزف ميزانية العديد من الأسر في ظل الضغوطات المتزايدة على المدخول الشهري للمواطن , هذا عدا عدم توفر بعض الأصناف الدوائية وفقدانها وصعوبة الحصول عليها في الصيدليات و خاصة أدوية القلب والضغط والسكري وغيرها .. .
ولتسليط الضوء على الواقع الحقيقي لتوفر الدواء وحالة القلق والخوف التي يعيشها المرضى نتيجة فقدان بعض الأصناف الدوائية و ارتفاع أسعارها, وتحول هذه المشكلة لمعاناة حقيقية يوميا … قمنا بجولة على بعض الصيدليات والتقينا العديد من المواطنين و رصدنا هذه الملاحظات.
أسعارها مرهقة
أشار أغلب المواطنين الذين التقيناهم إلى أن أسعار الأدوية مرتفعة , فهناك أدوية يحتاجها المرضى بشكل مستمر وهذا يشكل معاناة حقيقية عدا عن وجود أكثر من مريض في العائلة وجميعهم يحتاجون إلى أنواع مختلفة من الدواء “سكري – قلب – ضغط ” وأشاروا إلى أن ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة فاق قدرة المواطن .
وتحدث العديد من المواطنين عن معاناتهم من عدم توفر بعض الأدوية وخاصة أدوية الأطفال و الضغط والسكري وصعوبة الحصول عليها مما يضطرهم للتنقل بين عدة صيدليات بحثا عن الأدوية المفقودة, وهذا السيناريو ذاته بات يتكرر يومياً للكثير من المرضى وبات من المستحيل أن تجد نوعاً واحداً من الدواء من نفس الشركة المصنعة فلا ضابط ولا رقيب لسوق الدواء.
تسعيرات خاصة
فيما تساءل بعض المواطنين عن أسباب تفاوت أسعار الدواء واختلافه من صيدلية لأخرى مشيرين إلى أن بعض الصيادلة يقومون بوضع تسعيرات خاصة بهم عند طلب أنواع محددة من الأدوية ولا يلتزمون بنشرة الأسعار ..
خارج عن إرادتنا
وعن الأسعار قال أحد الصيادلة : ” إن فقدان بعض الأصناف الدوائية خارج عن إرادتنا وفي الفترة الأخيرة أصبح لدى المواطن مخاوف من فقدان الدواء وزادت الحركة الشرائية للأدوية بشكل ملحوظ و نعاني من امتناع بعض موزعي المستودعات عن تزويدنا بالدواء وهذا الأمر انعكس على عملنا بشكل سلبي ، وبرروا أسباب ارتفاع الأسعار إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية وارتفاع سعر الصرف و تكلفة المواد الأولية الداخلة في تركيبة الدواء.
كما أشار آخر إلى أن التفاوت بالأسعار بين صيدلية وأخرى يكون بنسب بسيطة والصيدلاني الذي يشتري الدواء بسعر مرتفع حتما سيبيعه كما اشتراه إلا أن هناك مرضى يحصلون على الأدوية عن طريق الصيدليات التابعة لبعض النقابات, وبعضها تغطيها شركات التأمين.
دعم الصيادلة
نقيب الصيادلة في حمص الدكتور عبد الغفار السكاف قال: هناك أسباب متعددة أدت إلى ارتفاع أسعار الدواء منها العقوبات الاقتصادية وصعوبة وصول المواد الأولية وجائحة كورونا وتوقف عدد من المعامل الدوائية عن الإنتاج ، ويتم وضع التسعيرة من قبل وزارة الصحة التي تقوم بتزويد نقابة الصيادلة المركزية بها ثم يتم تعميمها على فروع النقابات ، منوها إلى وجود نقص في الأدوية النوعية مثل أدوية الضغط والسكري والغدة والصادات الحيوية والأدوية الهرمونية.
وفيما يخص تفاوت أسعار الدواء أشار إلى أن هذا الأمر مرفوض وفي حال وجود شكوى بهذا الخصوص يجب التواصل مع النقابة لتتم متابعة الشكوى ..
وأضاف : لا يوجد احتكار للأدوية لأن الأدوية المذكورة سابقا غير متوفرة منذ فترة وبالتالي الصيدلي ليس له مصلحة في احتكارها أو عدم بيعها , وإننا في منفذ التوزيع ( المستودع الخاص) بنقابة الصيادلة بحمص لم نتوقف عن الاتصال بالمعامل والمستودعات لكي نستمر في دعم الصيادلة وسد احتياجاتهم ولكن الأعداد المحدودة من بعض الأصناف قد لا تسد حاجة الصيدلي بسبب الإقبال الكبير على شراء الأدوية .
وعن إغلاق بعض الصيادلة صيدلياتهم أشار إلى أن هذه الحالات تكون بناء على تقديم طلب لعذر ما ، وممنوع على أية صيدلية أن تغلق دون تقديم طلب مسبق يوضح فيها الصيدلاني الأسباب المؤدية لذلك .
هامش الربح
وأضاف :لقد عانى صيادلة حمص الكثير خلال الحرب التي مرت على بلدنا وبقوا قائمين على رأس عملهم وأثبتوا أنهم من أهم خطوط الدفاع في مواجهة جائحة كورونا بالرغم من شح الأدوية خلال هذه الفترة إلا أنهم آثروا البقاء في صيدلياتهم بالرغم من هامش الربح الذي لا يتناسب مع مهنة عريقة كمهنة الصيدلة.
صعوبة الحصول على المواد الأولية
وبالنسبة للمعامل أوضح أن الحصار الاقتصادي وجائحة كورونا وتوقف حركة الاستيراد كان لها الدور الكبير في صعوبة الحصول على المواد الأولية التي هي أساس صناعة الدواء مما أدى إلى توقف بعض خطوط الإنتاج لبعض الأصناف النوعية وخاصة الأدوية المزمنة التي يستخدمها المرضى بشكل يومي .
منع الاحتكار
أشار الدكتور حسا ن الجندي مدير صحة حمص إلى أن هناك جولات مستمرة على معامل ومستودعات الأدوية من أجل تامين الأدوية ومنعا لاحتكارها والتلاعب بأسعارها من قبل بعض ضعاف النفوس .
بقي أن نقول :
تبقى مسألة تأمين الدواء للمرضى ضرورة حتمية و فقدان بعض الأصناف الدوائية تشكل معاناة حقيقة للمرضى عدا عن أنها تهدد حياتهم وتؤدي إلى تدهور الواقع الصحي خاصة في ظل تحدي انتشار فايروس كورونا .
هيا العلي