قيل : « المال خادم جيد .. لكنه سيد فاسد » لأنه يتسيّد ضمائر البشر وما سمي مالاً إلا لأنه يجعل النفوس تميل عن الحق .
والمال سبيل الأثرياء إلى البطر وقد يمجد الثري ملذاته حتى يصير أسيراً لها، وفي عهود قديمة كان الأباطرة يملؤون بطونهم طعاماً وشراباً ثم يتقيؤون ما في معدتهم ثم يعيدون ملأها من جديد في سعي للحصول على لذة رخيصة ، هو البطر الذي نهى عنه الإسلام. وقد عرف عن قارون أنه كثير المال والكنوز وكانت مفاتيح خزائنه – المفاتيح فقط – تحمل على أربعين بغلاً فبطر وتجبّر وطغى حتى خسفت به الأرض .. فما المفاتيح التي أخذها معه في رحلته الأخيرة .؟
المال في أحايين كثيرة لا يجلب السعادة لصاحبه فقد تمنى أوناسيس وهو مليونير يوناني شهير أن يخسر أمواله وثروته الطائلة مقابل ان تعود إليه صحته المفقودة أو يتذوق طبقاً من الطعام لم يسمح له الأطباء بتناوله خوفاً على صحته .
كان نزار قباني يؤكد انتماءه إلى الطبقات الكادحة وينفي عن نفسه تهمة الثراء عندما اتهموه بانحداره من طبقة برجوازية غنية لأنه يرى في ذلك وصمة عار حيث قال : « لم أكن ثرياً ولا برجوازياً لقد انفق والدي 50 عاماً من عمره يستنشق روائح الفحم الحجري ويتوسد أكياس الكسر وإني لأتذكر وجه أبي المطلي بالفحم ».
لقد دعت الديانات السماوية إلى عدم التبذير والتصدق على الفقير والمحتاج لذلك على الأغنياء أن يتعلموا من الحكمة القائلة :» إن الشق وسط حبة القمح يرمز إلى أن النصف لك والنصف الآخر لأخيك ».
ومن قصص الجدات أن رجلاً ثرياً كان يواظب على التصدق على فقير يتخذ لنفسه ركناً في إحدى شوارع المدينة، فلما تحسنت أحوال الفقير غادر إلى غير رجعة فحزن الثري وقال : لقد فقدت برحيله لذة عظيمة كنت أشعر بها كل يوم… إنها لذة العطاء .
سمر المحمد