التجريد خروج على نص الطبيعة ,عالم بلا ملامح , وكتابة غائمة في الشعر والنثر , خارجة عن المحددات والأشكال والتفاصيل وهو استغناء عن كل ما لا لزوم له في أي عمل فني ,بهذا التعريف بدأ الأديب محمود نقشو محاضرته المعنونة بـ:”جنون التجريد..جنون القرن العشرين”ضمن نشاطات اتحاد الكتاب العرب, وأضاف أن التجريد كمذهب فني ظهر في فجر القرن الماضي وكانت إيديولوجيته الرئيسية تركز على الرفض المطلق لصورة ما يمكن أن يراه الشخص في الحياة اليومية ,فتتعايش الخطوط المستقيمة مع البقع الملونة في اللوحة التجريدية وتتشابك الأرقام المسطحة فيها أيضا ,وبيّن أن تعدد المدارس الفنية في القرن العشرين جعل المبدعين يعتقدون أنهم جزء من مشروع أكبر لاختراع لغة بصرية جديدة للعالم الحديث واعتبرت الحرب العالمية الأولى هي الوحي الأعظم بالنسبة للفنانين الذين شاركوا فيها وتأثروا بها شخصياً فحاولوا عن طريق الفن التعبير عن صراعهم الداخلي الذي تزامن مع الصراع الدائر على الأرض لتبدأ مرحلة جديدة مع ظهور الحركة “الدادائية” التي نشأت كردة فعل على الحروب والدمار ,ثم مثّلت “التعبيرية التجريدية” ذروة التمرد الفني على العالم نتجت من الحرب العالمية الثانية إذ ظهرت مدارس فنية عكست التشوه الناجم عن استخدام القنابل الذرية والأسلحة الجرثومية والكيميائية ,وما رافقها من مذابح وإبادات جماعية وبموجبها لم تعد الأساليب والمذاهب الكلاسيكية رائجة وظهرت مذاهب جديدة مثل التكعيبية والسريالية والدادائية والتي كانت انعكاساً واضحاً لتلك الهاوية السحيقة التي سقط فيها العالم بعد الحربين العالميتين وظهور ما عرف اصطلاحاً وقتها بعالم:” ما بعد الحداثة” .
وتحدث المحاضر عن تطور التجريد حتى وصل إلى مستوى الفنون “الوظائفية” وهو الفن البراغماتي المكاني والتحريضي الذاهب مباشرة صوب الانفعالات وهذا ما يوضح أن التجريد ليس فنا, خلقته المثابرة الفردية ,بل الضرورة الإنسانية .
وبيّن المحاضر أن التجريد بدأ روسيّاً وانتهى أمريكياًّ فكانت الحرب الباردة بين “التجريد” والواقعية الاشتراكية ,ثم دخل التجريد القرن الجديد وهو فن العصر ..الفن المستمر دون هوادة فن لا يقدر بالعين المجردة ,فأغلى خمس لوحات على مستوى العالم كانت عبارة عن ألوان تفصلها خطوط ,وكانت أغلاها لوحة بيعت بـ 105ملايين دولار وهي للأمريكي أندي ورهول عنونها بـ: “تحطم سيارة خضراء” وهو رقم قياسي!
وختم المحاضر كلامه بأن تلك اللوحات التي تنتمي للتجريد قد بهرت الناس بالألوان المشتعلة منذ ظهورها الأول .
متابعة :ميمونة العلي