التهريب و ارتفاع أسعار الأعلاف يستنزفان الثروة الغنمية في ريف المحافظة

لم يكن قطاع الثروة الحيوانية في محافظة حمص أحسن حالاً من القطاعات الأخرى الاقتصادية والصناعية والخدمية والتجارية , حيث نال نصيبه من الخسائر الفادحة ومن مفرزات الحرب والحصار الاقتصادي الذي لا يزال يلقي بظلاله القائمة على جميع القطاعات إلا أن معظم الأرقام التي وردت أو تسربت عن الجهة أو تلك بخصوص تناقص أعداد الثروة الحيوانية في المحافظة أو نفوقها أو الخسائر التي ألمت بها تبقى بعيدة عن الواقع الحقيقي ما لم يتم الإحصاء الميداني في جميع أنحاء المحافظة ..هذا ما تحدث به الكثير من الفلاحين ومربي الثروة الحيوانية الذين هجروا من الريف الشمالي والشرقي بسبب تواجد العصابات المسلحة لفترة من الزمن …
تراجع أعداد الثـروة الحيوانية
أشار العديد من فلاحي المحافظة حمص ومربي الثروة الحيوانية بأن قطاع الثروة الحيوانية يمر ولا يزال بمرحلة صعبة حيث تعرض وعلى مدى أكثر من سبعة أعوام منصرمة لأضرار كبيرة بسبب الأعمال الإرهابية و أكد البعض أنه مايقارب 30% من مجموع أعداد قطعان المواشي بأنواعها في المحافظة استنزفت على يد العصابات المسلحة الذين قاموا بتهريبها إلى الدول المجاورة, و تعرضت الثروة الحيوانية ليس في محافظة حمص فحسب بل على مستوى القطر إلى استنزاف حقيقي واللافت للنظر أن الأعداد المتبقية تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة التي كانت متوفرة قبل الحرب..
إجراءات
لا ينكر مربو الثروة الحيوانية ممن التقينا بهم في ريف المحافظة الهام الذي تقوم به الحكومة والإجراءات المتسارعة بقصد التخفيف من تداعيات الحرب على الثروة الحيوانية لكنهم يؤكدون إن هذه الإجراءات ما زالت قاصرة عن معالجة المشكلة بشكل جذري ولا تفي بالغرض , ولم تكن إلا بمثابة المسكنات ,إنما المشكلة الأكثر حدة هي ديمومة قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها وخاصة في فصل الشتاء ما أدى للعزوف عن تربية الحيوانات والالتحاق بركب الأعمال الأخرى المدرة للربح , ولم تعد هذه الظاهرة خافية على أحد من المسؤولين أو الجهات المعنية بالقطاع الزراعي ، ولم تخف نتائجها ومنعكساتها وسلبياتها التي ألمت بنا جميعاً كون قطعان الأغنام والمواشي مصدر هام من مصادر تأمين اللحوم الحمراء والحليب ومشتقاته خاصة بعد أن أصبح سعر الكيلوغرام الواحد من الحليب أكثر من/200/ ليرة سورية هذا وإن كان نقياً من الشوائب والإضافات المائية أما الكيلوغرام الواحد من حليب الأغنام فقد وصل إلى أكثر 300 ل.س هذا وإن وجد في الأسواق المحلية ويتساءل هؤلاء عن الأسباب الحقيقية التي أوصلتنا إلى هذه الحد هل الطبيعة أم الحرب أم ارتفاع الأسعار وهل ستصل إلى ما هو أعظم بحيث يغيب الحليب ومشتقاته عن موائد ذوي الدخل المحدود…
صعوبات متعددة
المربي جاسم الجاسم من الريف الشرقي لمدينة حمص يقول : يؤلمني جداً أن استيقظت يوماً وأحسست أن أغنامي تحتاج لشيء وأنا غير قادر على تأمينه , ولما علمت أن القطيع مصاب وأنني غير قادر على تأمين الأدوية البيطرية اللازمة له نتيجة قلة السيولة التي أنفقت معظمها كأجور تحميل وتنقل , لم يعد أمامي سوى التخلي عن ثلث القطيع لتأمين احتياجات الثلثين الباقيين وكان هذا بالنسبة لي صعباً جداً,ولكن ليس باليد حيلة فإن ارتفاع أسعار الأعلاف وتأمين المياه وارتفاع أسعار أجور نقلها وتأمين الاحتياجات الضرورية لأسرتي أجبرني من جديد وبعد مرور أقل من ستة أشهر على بيع جزء آخر ثم تلاه جزء آخر مع مرور الأيام حتى لم أعد أملك شيئاً استمر من أجله ويوم أعمل في سوق الهال بحمص على مدار أكثر من عشر ساعات يومياً كي أؤمن لقمة العيش لأفراد أسرتي بعد أن خسرت منزلي وقطيعي
دوريات وغرامات
وعن الإجراءات المتخذة للحد من تهريب الأغنام في المحافظة أفادنا رئيس الضابطة في مديرية الجمارك بحمص سليمان شميس أنه يوجد سبع ضابطات تابعة للمديرية إضافة للضابطة الرئيسية و أيضاً ضابطة المكافحة تعمل في قطاع حمص وضابطة تدمر موجودة في شنشار ضمن قطاع محافظة حمص , كما يتبع للمديرية ضابطة جمارك حماة وضابطة جمارك إدلب ومقرها في محافظة حماة حالياً و ضابطة جمارك الرقة الموجودة في السلمية …
و أكد أن الدوريات مستمرة في قطاع المحافظة لضبط أي عملية تهريب مهما كان نوعها بما فيها الأغنام و اللحوم وخلال العام الحالي تم ضبط عدة مخالفات أغنام ولحوم وفروج ومن الملاحظ أن السيارات المحملة بالأغنام تتم مصادرتها وتسليمها إلى الجهات المختصة و يتكبد المخالف الغرامة المالية المترتبة عليه ثلاثة أمثال القيمة و الرسوم و يتم تسليمه إلى القضاء المختص..
لنا رأي
إن ظاهرة العزوف عن تربية الأغنام ترجع إلى العديد من الأسباب يأتي في مقدمتها ارتفاع أسعار الأعلاف وعدم كفاية المقنن العلفي الذي تقوم بتوزيعه المؤسسة العامة للأعلاف, ولتطويق هذه الظاهرة والمحافظة على البقية الباقية من ثروتنا الحيوانية ليس في محافظة ما أو منطقة معينة بل على مستوى القطر يجب إعادة النظر بأسعار الأعلاف ولو بشكل استثنائي في ظرف استثنائي والعمل على زيادة مخصصات الرأس الواحد إلى 50% من احتياجاته على الأقل في مثل هذه الظروف الحرجة .
علي عباس

 

المزيد...
آخر الأخبار