غازي طليمات … رحيلك جارح ..لا ناصح ولا مازح
خسرت حمص يوم أمس قامة أدبية رفيعة فارس من فرسان اللغة العربية إنه الدكتور غازي مختار طليمات صاحب كتاب «مقامات ناصحة مازحة لا جارحة » و هو آخر الفرسان الشعراء الذين يكتبون فن المقامات فلا تسعفني ذاكرتي في تذكر شاعر أو ناثر واحد معاصر يكتب فن المقامة في هذا الزمن إلا الدكتور الراحل طليمات خليفة فارس الشدياق وناصيف اليازجي في فن المقامة . وقد عالج الدكتور طليمات الواقع في نتاجه الشعري والمسرحي ومن خلال فن المقامات فطرح رأيه في قضايا اجتماعية و ثقافية و اقتصادية عرف عنه أسلوبه السهل الممتنع المحبب بتعاضد الموهبة والمقدرة اللغوية ,والبديهة الحاضرة,والخيال المجنح ,والحس الفكاهي والتصوير عبر اللغة في نتاجاته الأدبية كلها لذلك تفرد بين أقرانه في الكتابة المدهشة ،كما حقق وألف عشرات الكتب في النحو والصرف.
الجدير بالذكر أن الدكتور غازي مختار طليمات من مواليد حمص 1935يحمل شهادة الدكتوراه في علوم اللغة العربية , له العشرات من الكتب في مختلف الفنون الأدبية من شعر ومسرح ونقد و برع كما ذكرنا في فن المقامات واختار للراوي فيها اسم حبيب بن لبيب عن سيار بن عيار، كما وضع كتباً تطبيقية تعليمية ٫ وله كتب في الشعر والدراسات العروضية، ولديه مشروع ضخم لتأريخ الأدب العربي من شعر ونثر صدر منه ثمانية أجزاء ,عمل في جامعة البعث ثم في الإمارات العربية المتحدة ثم عاد إلى مسقط قلبه أم الحجار السود.
يعد أحد أهم مؤسسي كلية الآداب في جامعة البعث مع الدكتور أحمد دهمان أمد الله في عمره والدكتور عبد الإله نبهان رحمه الله.
من آثاره المطبوعة كتاب –أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم –الصادر عن سلسلة المختار من التراث الصادرة عن وزارة الثقافة بدمشق .
ومن أبرز مسرحياته -عين جالوت –العز بن عبد السلام ،كما لخص أجزاء السفر الضخم –قصة الحضارة –للكاتب العالمي ول ديورنت وله العديد من الكتب منها :اللباب في علل البناء والإعراب ج1 و الأشباه والنظائر ج2، الوجيز في قصة الحضارة 15 جزءاً، وتاريخ الأدب العربي –العصر الجاهلي ، الشعر في العصر العباسي الأول بجزأين ٫كما ألف أكثر من40 مسرحية.
وأذكر أني استمعت لمحاضرة شيقة قدمها المسرحي المرحوم محمد بري العواني في فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص حملت عنوان :«طليمات والمسرح الشعري» وكتبت حينها عن تلك المحاضرة الشائقة الوافية٫ كما حضرت محاضرة جميلة قدمها الدكتور وليد سراقبي تتحدث عن فن المقامة عند الدكتور غازي مختار طليمات في فرع اتحاد الكتاب العرب فرع حمص أيضا٫ وحينها أرسل الدكتور غازي مختار طليمات نسخة من كتابه “مقامات ناصحة مازحة لا جارحة”الصادر حديثا لكل الحاضرين بعد أن اعتذر عن الحضور لأسباب صحية.
خسر الميدان الثقافي برحيله , باحثا ولغويا ونحويا ومؤلفا ومؤرخا للأدب العربي ،ولن أخفيكم سرا أنني حاولت أكثر من مرة لقاءه بالتنسيق مع ابن أخته زميلنا في جريدة العروبة المهندس نديم طليمات لكن المرحوم رفض لأسباب صحية٫ رحمه الله ولنا العزاء فيما تركه لنا من إرث فقد تمر عقود كثيرة قبل أن يخلفه أحد إن وجد.
ميمونة العلي