مع عودة عجلة الحياة التجارية والاقتصادية والاجتماعية للدوران في أسواق وشوارع المدينة ,ومنها ” شارع الدبلان” بعد سنوات الحرب القاسية التي عاشها أهالي مدينة حمص استعادت المحال التجارية نشاطها وحركتها وباتت أبوابها مفتوحة حتى ساعات متأخرة من الليل..
هذا الشارع الممتد على طول واحد كم يتوسط المدينة ويشكل عقدة الوصل بين ساعتها الجديدة وغوطتها الجميلة وهو محور ومركز الأسواق التجارية الحمصية ولا يزال مقصدا لتجمع الأصدقاء وزوار المدينة من الريف الراغبين بالتسوق وشراء المأكولات والمعجنات والبوظة التي يتسابق الجميع لتذوقها إضافة إلى المحال التجارية المتنوعة.
والدبلان ليس اسم الشارع الحقيقي بل “المتنبي” ولكن لا أحد يعرفه بهذا الاسم , وعن أصل تسمية الدبلان بهذا الاسم يوضح أحد المؤرخين أنه كان في نهاية الشارع من جهة حي الغوطة مقهى يسمى الدبلان نسبة إلى صاحبه أمين الدبلان وأصبح المقهى مكانا للراحة ولقاء الأحبة ودرجت التسمية على الشارع إلى يومنا هذا مع أن تسميته الرسمية منذ عام 1926 هي شارع المتنبي , لكن تسمية الدبلان حافظت على مكانها في الذاكرة الاجتماعية..
وكان هذا الشارع قبل بدء الحرب الشرسة على بلدنا يضج بالحياة وترى المواطنين يتسوقون منه حتى ساعات متأخرة ليلا ,وبسبب ظروف الحرب القاسية التي عاشتها المدينة توقفت الحياة فيه لفترة ومن ثم عاد للنهوض من جديد, ومن يزوره حاليا يلمس عودة الحياة التجارية والاجتماعية إليه , خاصة مع عودة مختلف المحال التجارية تقريبا للعمل و حركة التسوق به باتت واضحة ، مما يبعث شعوراً بالتفاؤل من والرضا قبل المتسوقين ، وخاصة وأن متعة التسوق في هذا الشارع لا يعادلها متعة ..
حركة نشطة
أما أهالي المدينة فقد بدا واضحاً من حركتهم أثناء قيامنا في جولة على شارع الدبلان أنهم يتشوقون إليه والملفت للانتباه أنه لم يقتصر التسوق على أهالي المدينة فقط إذ صادفنا أثناء الجولة بعضاً من أهالي الريف والذين أكدوا أنهم لا يستمتعون بشراء حاجياتهم من ألبسة وأحذية إلا من هذا الشارع وطالما أن المحال التجارية قد عاودت نشاطها وحركتها ,فلا أجمل ولا أروع من عودتنا إليه خاصة وأنه توجد تشكيلة واسعة مما يحتاجه المواطن وبالتالي يستطيع إيجاد ما يناسبه ” حسب رأيهم ” ..
وسألنا أصحاب المحال عن حركة البيع والشراء فكانت إجاباتهم أنها مقبولة ، في هذه الفترة الانتقالية من السنة والتي تعتبر أواسط فصل الشتاء ، إضافة إلى انتهاء موسم الأعياد حاليا .. وعودة الحركة يبعث الأمل والتفاؤل بتحسن الأوضاع واستقرار الأسعار وبالتالي ازدياد حركة البيع والشراء ..
وأكد بعض أصحاب المحال التجارية أن هذا الشارع كان وسيبقى أحد أهم الأسواق التجارية بحمص لما يتمتع به من شهرة واسعة بين أبناء المدينة والريف مشيرين إلى أن توقف الحركة التجارية عن الشارع خلال فترة الحرب لم يثن من عزيمة أصحاب المحال للعمل من جديد عند عودة الأمان للمدينة وشيئا فشيئا عاد النشاط وازداد الإقبال من الأهالي على رؤية ما يعرضه أصحاب المحال من بضائع على واجهات محالهم .. ,حتى تلك الموجودة ضمن العبّارات عادت لتفتح ويعمل أصحابها لكسب لقمة العيش ,كما أن شركات الألبسة والأحذية ( الوكالات) جددت نشاطها وطرحت منتجاتها أملا أن تنال تلك المنتجات رضا وذوق المستهلك ..
وسألنا بعض المتسوقين عن حركة التسوق فقالوا : نقوم بشراء الحاجيات الأساسية فقط في موسم الأعياد و تكون حركة الناس نشيطة وتفتح المحال أبوابها على مدار اليوم ، وحالياً الحركة لا بأس بها حتى ولو كان الشراء يقتصر على بعض الضروريات بسبب الغلاء ومتطلبات المعيشة الكثيرة ,ولكن من المفيد والممتع أحيانا بالنسبة للمواطن الذهاب للاستطلاع وربما التسوق والمرور في شارع الدبلان مع بعض الأصدقاء والأقارب ..
أجابت السيدة نهاد عن عودة حركة البيع والشراء في هذا الشارع ، وعن الأسعار وهل تناسب جميع المتسوقين قائلة: سعدنا بعودة شارع الدبلان إلى ما كان عليه قبل الحرب خاصة وأن جميع المحال عادت وبمختلف أنواع البضائع والسلع التي يحتاجها المواطن ، وعن الأسعار أوضحت : أن هناك تفاوتا في الأسعار بين المحال ، ولكن الغلاء سيد الموقف وهذه الأسعار ليست في محال شارع الدبلان فحسب وإنما في أغلب أسواق المدينة ، وأن فئة قليلة من المستهلكين تستطيع الشراء في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار ، وأن المواطن يكتفي بشراء الحاجات الضرورية فقط ..
محمود صاحب محل قال : هناك بعض الأبنية بجانب الشارع بحاجة للترميم بعد تخريبها ونهبها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة ,ومن الضروري اهتمام الجهات المعنية و ترميمها وعودة الحياة لكامل المنطقة ,وبالتالي تسهيل عودة جميع أصحاب تلك الأبنية والمحال إلى محالهم .
وأضاف : مضر ” صاحب محل : تشكل حديقة الدبلان المجاورة للشارع مكانا لتلاقي الأصدقاء والمعارف من الشباب وحتى كبار السن الراغبين بالتنزه، لكنها بحاجة لزيادة الاهتمام بها وخاصة ما يتعلق بالإنارة وزيادة عدد المقاعد وصيانة الموجود منها وتعشيب المساحة الخضراء ” خاصة وأنها تغص بالأهالي نهارا حتى ساعات المساء .
هناك أولويات
بعد جولتنا ولقاءاتنا توجهنا بالاتصال بمديرية الأشغال في مجلس مدينة حمص للاطلاع على الواقع الخدمي للشارع ، فعلمنا من المهندس حيدر النقري مدير الدائرة أن هناك دراسة يتم التحضير لها من قبل مجلس المدينة وأن التفاصيل عند رئيس المجلس ، قمنا بالاتصال مع المهندس عبد الله البواب رئيس المجلس وسألنا عن هذه الدراسة وعن تفاصيل أي مشروع سيقوم مجلس المدينة بتنفيذه لاحقا لتحسين الخدمات في هذا الشارع .. للأسف بداية نفى المهندس البواب وجود دراسة أساسا وعند إعلامه بسؤالنا مديرية الأشغال قال : هناك دراسة لتحسين وتجميل هذا الشارع ولا إمكانية مادية حاليا لذلك لانشغال مجلس المدينة بتنفيذ مشاريع أكثر أهمية في باقي الأحياء ، علما أنه وردت إلى الجريدة الكثير من الشكاوى بخصوص سوء الواقع الخدمي في الكثير من الأحياء ومثالها مؤخرا واقع بعض الشوايات المطرية والتي أدى عدم تعزيلها قبل فصل الشتاء إلى تجمع المياه في الشوارع بشكل يعيق حركة المارة ، وهنا رفض رئيس المجلس الإجابة عن هذا الواقع وطلب العودة إلى مديرية الأشغال للحديث نظرا لانشغاله بالأمور الهامة ، والتي إلى الآن لم نستطع تقدير حجمها ؟!!!
بشرى عنقة – هيا العلي
تصوير :سامر الشامي